adnan.h@almadapaper.net
بالتأكيد، لا يحتاج العراقيون إلى يوم عطلة جديد. هم متخمون تماماً بالعطلات، حتى أن بعض مناسبات اليوم الواحد (الدينية) تمتدّ عطلتها غير المقرّرة رسمياً الى اسبوع كامل. ما من دولة أخرى يتمتّع سكانها حتى بنصف عدد العطلات العراقية. أحدهم أحصى ذات مرة عدد الأيام التي لا يعمل فيها موظف الحكومة العراقية ( معظم قوة العمل حكومية)، فوجد أنها تقارب نصف عدد أيام السنة !
يوم أمس، وهو تاريخ مجيد في حياة الشعب العراقي، مرّ مِن دون أن أن تُصدر الحكومة أو رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس النواب، بياناً يحتفي بمناسبة سقوط نظام صدام المتوحّش، مع أن هذا التاريخ والحدث الكبير الذي شهده هما ما أتاح للحكومة الحالية وسابقاتها بكل طواقمها والرئيس الحالي ونائبيه ونظرائهم السابقين ورئيس مجلس النواب ونائبيه ونظرائهم السابقين وكل أعضاء البرلمان السابقين، فضلاً عن سائر الكبار من المسؤولين في الدولة، أن يكونوا في مواقعهم وأن يكون لهم اعتبار أكبر من اعتبارهم السابق يوم كانوا في المعارضة (بعضهم لم يكن له أي اعتبار في ما مضى. وليس كل مسؤولي النظام الحالي كانوا معارضين لصدام ونظامه، فالعديد من هؤلاء المسؤولين كانوا خدّاماً أذلّاء للدكتاتور الذي أطيح ونظامه في التاسع من نيسان 2003، لكنّ الاحزاب المتنافسة والمتصارعة على السلطة والنفوذ والمال( إسلامية في عمومها) تنافست في ما بينها على استقطابهم وضمّهم إلى صفوفها، وهم من جانبهم، وبخاصة عناصر مؤسسات الأمن والمخابرات والأجهزة الحزبية الخاصة المتورط كثير منهم في جرائم ضد الشعب، وجدوها فرصة ذهبية للتغطية على عارهم القديم والافلات من العقاب. وفي المقابل ليس كل معارضي صدام ونظامه صاروا مسؤولين في النظام الجديد، فالاحزاب المتنافسة فضّلت عليهم المرتزقة من فلول النظام السابق المستعدين للسمع والطاعة).
فقط اقليم كردستان ومحافظتان، هما ميسان وكركوك وقضاء خانقين في محافظة ديالى، احتفلت أمس بيوم سقوط النظام الدكتاتوري وجعلت منه عطلة رسمية، وهذا يُحسب لها، فيما يُحسب على الحكومة ورئاسة الجمهورية ومجلس النواب، المفترض تمثيلهم للشعب العراقي برمّته، تجاوزهم على حق هذا الشعب، أو في الأقل أغلبيته، بعدم الاحتفال أو أقلّه التنويه بهذه المناسبة المجيدة.
من المفهوم ألّا يرغب أنصار النظام السابق ومؤيدوه بالاحتفال بيوم التاسع من نيسان لأنه يوم سقوط دولتهم، لكن ما ذنب الذين ناضلوا ضد ذلك النظام وتكبدوا التضحيات الجسام، وما ذنب الذين تعرّضوا للموت في السجون والمعتقلات وفي المقابر الجماعية وحملات الأنفال وفي حلبجة بالكيمياوي وبكاتم الصوت أو واجهوا القمع والاضطهاد والتهجير والنفي، أن تتجاوب "حكومتهم" ورئاسة "جمهوريتهم" ومجلس "نوابهم" مع رغبة أنصار النظام السابق وتداري مشاعرهم، فتضع هذه المؤسسات جميعاً أنفسها في خدمة صحتهم النفسية، بقرارها عدم جعل يوم التاسع من نيسان مناسبة للتذكير، في الأقل، بالمحن التي عاشها الشعب العراقي في عهد صدام ؟
هل مِن جواب لدى رئاسات الحكومة والجمهورية والبرلمان عن هذا السؤال الحارق؟