ولدت في بغداد في نحو عام 1905 ، ونشأت في كنف أسرتها الكادحة. إحترفت الغناء صبية، فشنفت اسماع العراقيين أكثر من نصف قرن، وسحرتهم بفنها البغدادي الاصيل، وقد مثلت دور البطلة في فيلم "عليا وعصام"، وهو اول فيلم عراقي أخرج عام 1946، ظلت امينة لفنها الى ان أدركها الموت فجأة في مسقط رأسها صباح اليوم الاول من كانون الثاني عام 1974.
وقد عرفت بخلقها الرضي ورزانتها الطبيعية، وعطفها على الفنانين الناشئين والمغنين ةالكبار رجلا ونساء، وكان لها محل طيب في نفوس العراقيين. قال فيها الشاعر عبد الكريم العلاف الذي نظم الكثير من اغانيها: بين روض المنى وزهر الاماني هتفت تبعث الشجى في الجنان هي مثل الورقاء في أيكه الفن تجيد التغريد في كل آن وقال شاعرنا الكبير محمد مهدي الجواهري:العبي فالهوى لعب وابعثي هزة الطرب مثلي دورك الجميل على شرعة الادب روّحي هذه النفوس فقد شفّها التعب إجذبيها الى الرضا إدفعيها عن الغضب تنجلي الهموم إذ تتجلين والكرب وقال ايضا: اسلمي لي، وحسبي بقاك إن فيه بقاء من يهواك يستجد الحياة للمرء مرآك ويحيى ذكرى الشباب غناك وقال عدنان الحميري: نالت سليمة مكانتها في قلوب البغداديين لأنها غنت الشوق والحب والألم الذي يشعرون به بفن يكاد يكون ساذجاً وغريزيا، وتسود اغانيها نغمة من الحزن والتشاؤم، ولعل ذلك ساعد كثيرا في اجتذاب نفوس العراقيين الذين عرفوا بالتشاؤم منذ عهد البابليين والسومريين ، وقد الت الاعجاب بتعبيرها عن مطامح الناس البسطاء ومخاوفهم وهمومهم ورغباتهم التي لم تعقدها الحضارة. واضاف الحميري قائلاً: ان غناء سليمة مراد قد اغنى كثيرا فن بغداد الشعبي. حدثني مصطفى على ان ام كلثوم قدمت الى بغداد في مستهل الثلاثينيات وغنت في ملهى (الهلال) فكان مصطفى علي يذهب مع معروف الرصافي للاستماع الى اغانيها، وكانت سليمة تغني في الملهى اغنيتها المشهورة "قلبك صخر جلمود" فتعلمتها ام كلثوم خلسة، وغنتها في الليلة الثانية. واستاءت سليمة وقالت الا تكفيها اغانيها فتسطو على متاعنا، وتؤديه في عقر دارنا؟ فقال لها الرصافي: لاتغضبي يا أم داؤد، انت تقدمين لنا لحم ثور دسماً سميناً، وقد اخذته المطربة المصرية فجعلت منه لحم غزال رقيقاً لذيذاً، فلكل منكما طريقته وسحره. وقد اقترنت سليمة بالمطرب ناظم الغزالي الذي كان يصغرها بنحو عشرين عاماً، وقد رعته وتعهدته حتى اصبح من اشهر المغنين.كتبت عن سليمة مراد السيدة دورين انغرامس في كتابها (الناهضات: نساء في العراق) الصادر في بيروت عام 1983. فقالت: سيطرت سليمة مراد على صالات الغناء خلال سنوات الثلاثين والاربعين ، وقد استطاعت بحرمة نفسها، وحصافتها، ودماثة خلقها ان تعيد الى المغنية الاحترام القديم، ىوالمنزلة المرموقة للعهد العباسي. ولدى امة محبة للادب كالعرب تكون الاغنية في معظم الاحيان شائعة لا بسبب نغمها، ولكن نظرا الى كلماتها، والكثير من مقاطعها: (قلبك صخر جلمود ماحن علي) عيب حبي الوحيد عادته ان يحملق في "اصبحت امثلة تردد في اللهجة العربية العراقية. ومثل ام كلثوم المصرية التي لاتنسى غنت (سليمة) الحب غير المكافأ، وخيبة آمال الشباب، وعذاب النساء في صدودهن وكبحهن. وهي خلافا لمسعودة وزهور حسين سيدة بغدادية حقيقية، أنشدت اغانيها بنبرات البغداديين الصحيحة". وقالت السيدة انغرامس ان تسجيلات سليمة اصبحت اغاني (كلاسيكية) محبوبة من الشباب والشيوخ عل السوا
سليمة مراد :سيدة الغناء العراقي وصاحبة الصوت الاصيل
نشر في: 17 فبراير, 2010: 04:28 م