حول عنق كل منا ، حبل وهمي صنعناه بأنفسنا ..بافكارنا ورسائلنا السلبية التي نغذي بها عقولنا يوميا ..حبل يلتف حول عقلنا الباطن ويمنعنا من التقدم الى الأمام ..فنحن عبيد لعادات ومعتقدات وهمية لايسعنا التخلص منها ،هل يمنعنا الخوف من العواقب أم اننا أدمنا التعود والانقياد لمسلمات حياتنا دون تفكير أو محاولة للتغيير ؟..
في نقاش حول المشاركة في الانتخابات دار بين مجموعة من (المثقفين) أعرب البعض عن رغبته بمجافاة الانتخابات التي لم تحقق للشعب العراقي ماكان يرجوه من الديمقراطية ، ووقف البعض الآخر على الضد مدافعا عن ضرورة المشاركة لادامة الفعل الديمقراطي في البلد واحتمالية التغيير ..وحين دار النقاش هذه المرة بين الراغبين بالمشاركة في الانتخابات ، بدأت الحبال الوهمية بالالتفاف حول أعناقهم تدريجيا وعبّرت السنتهم عما يدور في عقولهم الباطنة فانحاز كل منهم الى مااعتنقه من معتقدات لامجال للمساس بها حتى لو كانت مغرقة في الخطأ والضلال ..انهم يظنون ان اتباع المعتقد يمثل القوة والتمسك بالجذور غير انهم يجهلون حقا انهم انما يتمسكون بمن يستغل المعتقد لتمرير مصالحه الشخصية غير عابئ تماما بما يمكن أن يؤول اليه الأمر فيما لو انكشفت الخفايا واتضحت الصورة للناس العاديين ..من يرفع لواء المذهب او المعتقد انما يعمل للحظته ويبني مستقبله الشخصي ولايهمه كيف سيكون المستقبل كلما اقترب أصحاب المعتقدات من مصالحهم الخاصة وابتعدوا اكثر عن اتباعهم ..
المشكلة ان من كانوا يتحدثون يحسبون انفسهم على صنف (المثقفين) لكنهم عاجزون عن الانسلاخ عن مسلمات حياتهم وكأنهم خائفون من فكرة الغناء خارج السرب ، فقد اعتادوا على الانقياد للثوابت الراسخة في عقولهم منذ الصغر ولم يفكروا يوما بالأتيان بشيء جديد خشية تشتتهم أو تغلب الآخر عليهم ..وهكذا انحاز كل من المتناقشين الى طائفته ومذهبه والى من يمثلهما في نظره حتى لو كان هذا النموذج مثقلا بمئات التساؤلات عن اخلاصه وايمانه بالوطن وبمراعاة مصالح المواطنين وتطوير مستقبلهم نحو الأفضل ..
هل ستنجح الانتخابات بعد هذا النقاش بين مجموعة (المثقفين) ..وكم مثقف حقيقي سيتمكن من الإفلات من حبله الوهمي ليغرد خارج السرب ويختار من يدله عليه عقله ووعيه ؟...النسبة قليلة ولاشك واقل من ذلك بكثير فيما يخص الناس البسطاء فحبالهم الوهمية اكثر قوة ومتانة وانقيادهم للمعتقد والطائفة والمذهب أكثر تشددا ..ربما لأنهم خائفون فعلا من التمرد على مسلمات حياتهم او لأنهم يعجزون عن ايجاد بدائل جاهزة لمن يصور لنفسه ولهم انه الممثل الشرعي لأفكارهم والملبي لنداءاتهم والساعي لخيرهم ..
قد لاتنجح الانتخابات أبداً فيما لورضخنا أبدا لضغط أفكارنا الجاهزة ..وقد لاتكون هناك انتخابات اصلا فيما لو تحول الانقياد الى تشدد والتشدد الى تطرف والتطرف الى عداء ...وقد تتم الانتخابات وتفرز نفس النتائج بينما يتواصل التفاف الحبال الوهمية حول أعناقنا !!
حبال وهمية
[post-views]
نشر في: 10 إبريل, 2017: 09:01 م