بعد انتهاء حرب تحرير الكويت في العام 1991، قررت الحكومة الكويتية منح مواطنيها سيارة حديثة موديل ذلك العام، وفي العراق حصل المواطن على دجاجة مجمدة، وزعت ضمن مفردات البطاقة التموينية، تعبيراً عن اعتزاز القيادة بالوقفة الجماهيرية والصمود الشعبي ودحر مخططات "العدوان الثلاثيني" وبين السيارة الحديثة، والدجاجة المجمدة، يتضح الفارق الكبير في تعامل السلطة مع شعبها وعلاقة الحاكم بالمحكوم، القيادة والجماهير.
بعد مرور 14 عاماً على الإطاحة بالنظام السابق بزلزال أميركي، مازالت تداعياته حاضرة في المشهدين المحلي والإقليمي، تبددت الآمال في تحقيق الديمقراطية، افرزت صناديق الانتخابات نخباً سياسية استعانت بفصائلها المسلحة الشرعية وغير الشرعية للتشبث بالسلطة.
قبل أن تظهر تداعيات الزلزال الأميركي على أرض الواقع، هناك من طالب بأن يكون التاسع من نيسان عيداً وطنياً لأنه يوم "تحرير العراق" من الديكتاتورية، وأصحاب هذا الرأي لم يستفيدوا من القرار الكويتي في يوم تحريرها بتوزيع سيارات حديثة بين المواطنين، بل قدموا وعوداً كثيرة برسم صورة الغد المشرق للعراقيين، لم يحصل العراقي على "ستوتة" في الزمن الديمقراطي ، لتحمل أعباء ثقيلة أفرزتها الأحداث، كنتيجة طبيعية للزلزال الأميركي، وما خلفه من دمار وخراب تجسدت ابشع صوره بسيطرة تنظيم داعش على مدن عراقية ، جعل الحكومة الحالية تطلب من الولايات المتحدة مساعدتها في القضاء على الارهاب، بكل اشكاله لضمان استقرار أمن المنطقة.
بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية العام 2011 بموجب اتفاقية أمنية وتعاون ستراتيجي مشترك بين بغداد وواشنطن، أعلن أصحاب رأي تحرير العراق، أن مقاومتهم الباسلة أجبرت المحتل على الانسحاب، وبصرف النظر عن صحة تلك الادعاءات والمزاعم، لم يبادروا بمنح كل عراقي "ستوتة" تعينه على حمل اثقال خيبة مريرة عندما سيطرت جهات معينة على السلطة بنظام انتخابي مازال مثار جدل واعتراض، لأنه سرق الديمقراطية في وضح النهار، بمواد دستورية ملغومة كتبت بإشراف الجانب الأميركي، وبتوقيع من يدّعي اليوم، أنه كان وراء طرد المحتل من الأراضي العراقية بصولاته الجهادية، فاستحق لقب بطل يوم السيادة.
مستر بريمر الحاكم المدني، استطاع تحقيق مقاربة بالأرقام بين المطلوبين من مسؤولي النظام السابق الخمسة والخمسين، ولجنة كتابة الدستور حيث بلغ عدد أعضائها 55 شخصاً يمثلون المكونات العراقية على وفق المثلث الشيعي السني الكردي، قبض كل واحد منهم مبلغ خمسين الف دولار مكافأة انجاز استحقاق تاريخي، يمهد لإقامة نظام ديمقراطي تعددي، لكن تجربة السنوات السابقة وطبقاً لمن شارك في كتابة الدستور، فإنه احتوى على الغام وعبوات ناسفة، بالإمكان معالجتها بالتوافق من خلال تشكيل لجنة التعديلات الدستورية.
خلال الدورات التشريعية السابقة فشلت الكتل النيابية في اجراء التعديل، على الرغم من اعترافها بضرورة حسم الملفات الشائكة، تناسلت الازمات والمشاكل، تفاقم الخلاف بين الفرقاء، فاضطروا الى طرح مبادرات تسوية تاريخية لتصحيح أخطاء السنوات الماضية بهدف الوصول الى دولة المواطنة ، "عمي أبو الستوتة عندك نازل" قالها عراقي انهكته سنوات انتظار تحقيق حلمه في إقامة النظام الديمقراطي، تبدد الحلم، فيما انقضى العمر بالحسرات وانتظار المجهول.
"ستوتة" الديمقراطية
[post-views]
نشر في: 10 إبريل, 2017: 09:01 م