TOP

جريدة المدى > غير مصنف > سليمة مراد.. خلعت لباس الباشا لاجل الفن

سليمة مراد.. خلعت لباس الباشا لاجل الفن

نشر في: 17 فبراير, 2010: 04:31 م

يحيى ادريسالعبي فالهوى لعب.. هذا هو صدر البيت من القصيدة التي يحيي فيها الشاعر اميرة الطرب العراقي سليمة مراد واهمية هذه القصيدة لا تكمن في جزالتها فقط بل تكمن قبل ذلك في منشدها شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري. وشهادة الجواهري ليست الا واحدة من مئات الشهادات الصادرة بحق فنانة سطع نجمها في عالم الطرب سطوعا اضاء سماء الغناء العراقي.
 لعل في مقدمة الاسباب التي اهلت باشا الى هذه المكانة المتميزة هو الظرف الذي ظهرت فيه حيث بزغت مع مستهل مرحلة جديدة من الغناء اعقبت مشاهير الفن في العصور العباسية والعثمانية أي ان صوتها كان من مواليد العقود الاولى للقرن العشرين اذ بدأت المدرسة البغدادية الغنائية تؤسس لنفسها صياغة فنية (لحنا وكلمة واداء) تتميز بالاستقلالية الكاملة عن اية تأثيرات. ولهذا يمكن القول بأن ريادة هذه المدرسة قد اقترنت باسم سليمة مراد وان هذه الريادة قد لعبت دورها الواضح في تقديمها على تلك الصورة الكبيرة. ان قراءة بعض تراثها الغنائي ينبىء عن حس عال وذوق رفيع والطريف في الامر انها كانت بالجودة ذاتها في اختياراتها لنمطي الشعر الفصيح والعامي ولن يتردد متذوق للشعر في الحكم لصالح حسها الفني وهي تغني لابي نؤاس. حامل الهوى تعب يستخفه الطرب او حين تنتقي للبهاء زهير هذه المقطوعة العذبة: يعاهدني لا خانني ثم ينكث واحلف لاكلمه ثم احدث في حين حققت اغانيها البغدادية ـ العراقية انتشارا واسعا بين اكثر من جيل وما زالت اغنية (كلبك صخر جلمود ، مكدر اكولن آه ، ويلي اشمصيبة، منك يالسمر، على شواطي دجلة مر)وغيرها تتردد على السن الاجيال المتعاقبة. في كتابه الصادر عام 1969 عن فناني بغداد يصفها المؤلف والباحث الغنائي عبدالكريم العلاف بأنها فلتة من فلتات الفن امتازت عن غيرها بقوة الحافظة والشعور الحي تفكر قبل ان تغني وعندما تغني تجيد وتضع المعاني في موضع الانغام فتخرجها من اعماق قلبها فلا عجب اذا ما انفردت في الغناء البغدادي. تشير السيرة الذاتية الى ان الفنانة كانت قد اشتهرت بداية حياتها باسم (سليمة باشا) وظلت محافظة على هذا اللقب الى ان اصدرت الحكومة العراقية مرسوما الغت بموجبه الالقاب العثمانية فغيرته الى سليمة مراد. عرف عن سليمة ولعها الكبير بالغناء منذ طفولتها وكانت تتمتع بموهبة غير اعتيادية ساعدتها على التعلم والنبوغ السريعين.. وقد اضافت الى هذه الشخصية الفنية شخصية اخرى شغلت المجتمع الرجالي اكثر من غيره ذلك لانها متحدثة لبقة سريعة البديهية، تعرف كيف تمنح تعابير ومفردات حديثها ذلك القدر الكافي من الدلال والغنج البناني مصحوبا بجسد انثوي متكامل مع عناية مبالغ فيها باناقتها ومظهرها ومن هنا لا يبدو غريبا ان ينطلق الشعر في اطرائها على احسن ما يكون الاطراء. العبي فالهوى لعب وابعثي هذه الطرب نسب بيننا الهوى فاحفظي حرمة النسب ومع ان السيرة الذاتية لا تذكر سنة ميلادها الا ان الامر المؤكد هو انها حين اقترنت بالفنان ناظم الغزالي كانت اكبر منه بكثير فابيات الجواهري مارة الذكر انشدت بحقها سنة 1933 أي وهي في قمة مجدها الغنائي في حين كان الغزالي في ذلك العام ابن عشرين سنة لم ينل من حظ الغناء والشهرة أي نصيب وكان بمقدور ذلك البيت الفني الذي جمعهما لاحقا او جمع قمتين من قمم الغناء العراقي ان يرفد الساحة الفنية بالمزيد من العطاء والابداع لولا الموت المبكر الذي اختطفه وهو في عنفوان نضجه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram