اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هجوم الديوانية .. المضغوطون ينفجرون!

هجوم الديوانية .. المضغوطون ينفجرون!

نشر في: 11 إبريل, 2017: 06:27 م

adnan.h@almadapaper.net

الهجوم بالقنابل على مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الديوانية الليلة قبل الماضية هو، أولاً وقبل كل شيء، لا ينطوي على أي شجاعة أو بطولة.. إنه مما يُصنّف في خانة أعمال العصابات الجبانة التي لا تنشط إلا تحت جنح الظلام.
والهجوم هو، أولاً وقبل كل شيء أيضاً، عدوان على الدولة العراقية وسلطاتها وهيبتها وكرامتها وسيادتها، لأنه عمل خارج على قوانين هذه الدولة التي تُضار بأعمال كهذه أكثر مما يُضار مَنْ يستهدفهم عدوان كهذا.
والهجوم ذاته هو، أولاً وقبل كلّ شيء كذلك، استهتار بمبادئ الوطنية العراقية المنغمرة الآن بامتحان حاسم في الحرب المقدّسة ضد تنظيم داعش الإرهابي وفلول نظام صدام .. الآمرون بالهجوم ومنفّذوه إنّما وضعوا أنفسهم موضوعياً في صف داعش وحلفائه وفي خدمتهم بالمجّان.
حتى "زعاطيط" درابين المدن لا يُمكن إلا أن يربطوا بين العدوان على مقر الحزب الشيوعي في الديوانية وما حصل قبله بساعات داخل حرم جامعة الديوانية، عندما خرج مئات الطلبة يحتجّون على إقدام عناصر مسلحة على انتهاك الحرم الجامعي، وهو ممّا يحظره القانون العراقي صراحة، وجرى على هامشه الزجّ باسم الحزب من دون بيّنة أو دليل ومن دون تخويل بأن يأخذ المخطّطون والمنفّذون القانون بأيديهم عوضاً عن الدولة.
ولا يُمكن أيضاً الفصل بين ما حدث لمقر الحزب الشيوعي في الديوانية والحملة المتصاعدة من أطراف سياسية نافذة في السلطة (إسلامية على وجه الخصوص) ضد الحزب الشيوعي العراقي على خلفية مساهمته النشيطة في الحراك الشعبي المتواصل منذ أكثر من عشرين شهراً، والملحّ في المطالبة بالإصلاح السياسي ومكافحة الفساد الإداري والمالي وتوفير الخدمات العامة وتحسين المستوى المعيشي للسكان الذين تتزايد بينهم أعداد العاطلين عن العمل والمتردية أوضاعهم إلى ما دون خط الفقر.
استمرار وتصاعد وتيرة الحراك الشعبي الذي اجتذب إلى صفوفه تياراً إسلامياً شيعياً مهماً، هو التيار الصدري، يُحرج الطبقة السياسية المتنفذة ( تتشكل أغلبيتها من أحزاب وجماعات شيعية) ويُفقدها التوازن، مع بدء العدّ العكسي للانتخابات البرلمانية والمحلية التالية.غير زعيم شيعي عبّر في الآونة الأخيرة عن تبرّمه حيال ذلك. وإذ يُشار إلى التيار الصدري تلميحاً في الحملة المناوئة للحراك، فإن عدداً من زعماء القوى المتنفّذة لم يتردّد عن التصريح باسم الشيوعيين والمدنيين عموماً. وفي إطار هذه الحملة جرت العودة الى نفايات التاريخ لتكفير الشيوعيين وسائر العلمانيين، مع أن قادة بعثيين اعترفوا علناً منذ أمد بأنهم والناصريين كانوا وراء القيام بأعمال مناهضة للعقائد والتقاليد الدينية وإلصاقها بالشيوعيين زورا،ً بعد ثورة 14 تموز 1958.
على مدى ثمانين سنة، عمدت حكومات عدّة وقوى كثيرة إلى محاربة الشيوعيين العراقيين وتنظيم المجازر الرهيبة في حقهم .. جميعهم ذهبوا إلى مزبلة التاريخ مجلّلين بالعار.. من بهجت العطية وسعيد قزاز إلى علي صالح السعدي وعمار علوش وخالد طبرة وناظم كزار.. وانتهاءً بصدام حسين وفاضل البراك .. الحزب الشيوعي بقي أيقونة وطنية زاهية الألوان، بأيادٍ بيض لم تتلوّث بأموال الفساد المالي والإداري ولم تتلطّخ بالدم العراقي، بخلاف أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة اليوم جميعاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. يوسف

    ما حصل في الديوانية هو عيّنة صغيرة لما سيحصل في العراق بعد الانتهاء من داعش وعودة الفصائل المدججة بالسلاح الى المدن والاقضية والنواحي. سيتم اسكات كل صوت حر. وصحيفتكم الموقرة ستكون مُهددة أيضاً!! شكراً لمقالتك

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram