فؤاد شاكرعرف عن سليمة انها كانت عفيفة النفس وفوق ذلك على قدر عال من التواضع والزهد بماديات الحياة وقد انفقت الكثير من اجل ان يكون ناظم مطربا شهيرا على المستويين المحلي والعربي وقد عاشت معه على هذا النحو من الحب والحنو الذي لا يوصف سبع سنوات لا غير وكثيرا ما كانت تكلف شاعر الاغنية البغدادية المعروف جبوري النجار بكتابة افضل الاغاني اليه
rn وفي السياق لملحن ناظم الغزالي ناظم نعيم باعطائه الالحان تعد سليمة مراد واحدة من اهم اعمدة الغناء العراقي الاصيل وهي المطربة القديرة التي شغلت الاوساط الفنية والشعبية منذ الثلاثينيات وحتى السبعينيات وقد غنت الكثير من الاغاني التي خدرت القلوب وأطربت الاسماع ورددها من بعدها الجمهور والمولعون بصوتها العذب وقد نشأت سليمة وسط محيط فني موسيقي بين ابناء طائفتها من اليهود العراقيين الذين كانوا يقطنون الاحياء الشعبية البغدادية ويشتغلون بالتجارة والاعمال الحرة وقتذاك ويقال انها قد ولدت عام 1901 بينما قال البعض الاخر في العام 1908 ثم اضاف اخرون انها قد ولدت عام 1911 وهكذا تضاربت الاراء حول تاريخ ميلادها والشيء الذي اتفق عليه تماماً انها قد طلعت الى النور من محلة بني سعيد المحاذية لدربونة العانة المحلتين الواقعتين خلف سينما الفردوس من جهة الرصافة وقد عاشت هناك مع والدها ووالدتها واخيها ثم اختها مسعودة التي كانت هي الاخرى تغني وصوتها اجمل من صوت سليمة حسب اعتراف الاخيرة بها الا ان سليمة شقت طريقها بالصبر والتأني وتقديم الاغاني التي تلامس الوجدان والمشاعر والاحاسيس وهكذا نجحت بالتأثير بالذائقة الجمعية العراقية وخلال مسيرتها الحافلة بالعطاء الفني غنت في البيوت البغدادية الراقية والملاهي المنتشرة في بغداد ودخلت الاذاعة العراقية في العام 1936 عند افتتاحها لأول مرة وفي اثناء تألقها في ساحة الطرب والغناء كتب لها معظم اغانيها شاعرها الذي رافق رحلتها الفنية عبد الكريم العلاف والذي غنت له من الحان صالح الكويتي وهو موسيقي يهودي سلسلة كبيرة من بينها على شواطئ دجلة مر وكلبك صخر جلمود وخدري الجاي خدري والعديد من الاغاني غيرها ثم غنت من الحان الفنان الكبير الراحل عباس جميل فيما بعد اغنية يايمة ثاري هواي سلوى الي بدنياي بالكاس اشوفه يلوح لو ردت اشرب الماي وتلتها اغنية هذا مو انصاف منك غيبتك هلكد تطول. وفي عام 1950 اشهرت سليمة مراد اسلامها عن نداء جاءها من الاعماق ان تعتنق الاسلام ديناً فأدت الشهادة بكل ذلك الرضا والايمان الراسخ اما والدتها واخوها واختها مسعودة فقد اشهروا اسلامهم قبلها بعشرين عاما وحتى والدها مراد قد ردد الشهادة المحمدية قبل ان يرحل عن الدنيا بوقت بعيد وبناء على ذلك حظيت سليمة بحب قاعدة عريضة من محبي الغناء وكان غالبية المعجبين بها من ذوي الشأن الكبير في مجال السياسة والتجارة والغنى والملاكين ايضا الى جانب العامة من الناس المولهين بصوتها وجمالها الفاتن الآخاذ حتى اسرت هذه الفنانة القلوب وألهبت العقول بتطابق جمالها مع صوتها التطريبي العذب غير ان لا احد يعرف سرّ اتسام اغانيها بطابع الحزن والألم والشـكوى في الوقت الـذي كانت فيه تتكتـم على لوعاتهـا وآلامهـا المكبوتة. لم تتزوج سليمة مراد طيلة ما كانت تقف على ناصية الشهرة والضوء وعذرها في ذلك انها لم تجد من يرج عواطفها الدفينة لكنه وفيما بعد الخمسينيات بسنوات قليلة وعن طريق المصادفة تعرفت وفي احدى الحفلات التي كانت تحييها في البيوت الراقية بناظم الغزالي الذي كان مدعواً للغناء في تلك الحفلة هو الاخر ومن ليلتها استقرت صورته بخيالها ولم تستطع ازاحتها منه بالمرة وعندها فقط احست بالميل اليه اكثر حتى صارت تلتقيه تباعاً ولما شدها حبه اكثر من مدة عام واحد الى ان تزوجته لاغية من الحساب فارق السن الواضح والكبير بينهما وكان ذلك في العام 1953 وقد حضر حفل قرانهما الفنان الكبير ومعلم ناظم محمد القبانجي وهي التي ساعدت ناظم على حفظ الانغام والمقامات والبستات العراقية ومن بعد احساسها ببهجة الدنيا وانفتاحاتها معه عادت الى الغناء الذي اعتزلته وهي في مراحل متقدمة من العمر وكانت سليمة لا تسعها الحياة فرحاً بناظم الذي ساعدها كثيرا في ان تحس انها قد ولدت من جديد من جانبها فقد غضت الطرف من كون ناظم قد جاءها طالبا فقيرا في معهد الفنون الجميلة قسم التمثيل وهو لا يمتلك ما يعينه على شراء كتبه الدراسية فيما عدا انه كان عضوا في فرقة الزبانية للتمثيل التي اسسها المرحوم الحاج ناجي الراوي وضم اليها الفنان والمطرب الراحل رضا علي وفخري الزبيدي والكثير من فناني تلك الفترة والخلاصة ان ثراء سليمة المادي خاصة والذي جمعته عبر رحلتها الطويلة بالجهد والعطاء والدموع قد غطى على كل احتياجات ناظم بما في ذلك انفاقها على ديكورات اغانيه التي صورها للتلفزيون العراقي بعد الستينيات من القرن الماضي الامر الذي زاد من شهرته وجعله نجما ساطعا في ساحة الغناء ومتقدما على غيره من المطربين وفي ذات الفترة الستينية رافقته في حفلاته الغنائية الكبيرة في دولة الكويت ولبنان ولندن وباريس بعد ان لمع نجم ناظم عربيا وبسرعة غير متوقعة وهذا ما ساعده على الاشتراك بفيلم استعراضي لبناني غنى فيه احدى اغانيه وكانت على ما اتذكر يم العيون السود ما اجوزن انا خد
سليمة مراد وناظم الغزالي.. الزواج الابداعي
نشر في: 17 فبراير, 2010: 04:45 م