TOP

جريدة المدى > غير مصنف > سليمة باشا قصة حب:لينا مظلوم

سليمة باشا قصة حب:لينا مظلوم

نشر في: 17 فبراير, 2010: 04:55 م

عام 1953..هي احد اجمل ليالي بغداد الربيعية.. ليلة اكتمل فيها القمر بدرا يبارك المدينة العريقة بسلاسل الفضة ..و اهتزت اشجار النخيل تتمايل طربا مع النسمات العطرة.. تزينت السماء بكل نجومها استعدادا لقصة حب لم تكتب بعد سطورها في كتاب التاريخ..قبل دقائق على بدء حفل سيحييه ناظم ..دخلت "الأميرة" او المطربة سليمة مراد او "سليمة باشا" كما كان يلقبها العراقيين.
سليمة مراد مطربة العراق الاولى و نجمته الاكثر شهرة من اصل يهودي- لكنها اشهرت اسلامها بعد زواجها من ناظم- منحتها الجماهير لقب باشا و توجوها اميرة على قلوبهم. المجتمعات الارستقراطية تبارت الى دعوة "سليمة باشا" ..فالزفاف او المناسبة السعيدة لا تكتمل الا بوجودها و تنافس الاثرياء في لصق اعلى فئات الدنانير على ثوبها تعبيرا عن اعجابهم بغنائها . ناظم عشق صوت سليمة عن بعد .. احتفظ بكل اغانيها على اسطوانات حققت اعلى المبيعات في العراق ..ليلتها اعد ناظم كلمات الترحيب اللائقة بها –دون ان يجرؤ على التفكير في التعبير عن اعجابه الشخصي بها و بصوتها- الشاب الخجول كان مختلفا عمن هم في عمره .. لم يقتحم عالم المغامرات و التجارب مع الجنس الآخر بقصد اثبات رجولته , ولا فكر في مجاراة اصدقائه في علاقاتهم النسائية التي شكلت جزءأ لا بأس به من الاحاديث التي يتبادلونها خلال جلوسهم على المقهى..اكتفى ناظم بدور المستمع, دور فرضته التركيبة الشخصية لناظم و طبيعته الخجولة المتحفظة , لذا فضل الاحتفاظ بأحاسيسه داخل سور صنعته هذه الصفات..ايضا النشأة الاولى في طبقة متوسطة غرست داخله كرم النفس و التزاما خلقيا صارما تجاه الجنس الآخر. هدأت الضجة التي واكبت دخول "سليمة باشا" و بدأت الموسيقى تعزف استعدادا لغناء ناظم الذي وجد نفسه لاول مرة و جها لوجه امام اسطورة الغناء العراقي.. و التقت العيون في نظرة تمنى لو امتدت دهرا..عرف انه على موعد ليلتها مع صاعقة الحب..و الحب العراقي له مذاقه الخاص الذي يجمع بين طعم الورد و طعم الجمر ..يستوحي من الموال البغدادي شجنه..ومن النخيل شموخه..و من دجلة عطاءه الغزير . غناء المطرب الشاب لم يكن ابدا كباقي الليالي..فقد علا صوت القلب متجاوزا صوته و هو يغني لها ( قوللي يا حلو منين الله جابك) لحظتها ..توقف الزمن في عمر سليمة مراد ..الغت نظرات الشاب الخجول كل سنينها و تجاربها و خبرتها كسيدة في متوسط العمر.. فوجئت بقلبها يعزف لحنا غريبا عنها.. تسمعه فتاة مراهقة ذاهبة الى موعدها الغرامي الاول !!انتقل قلبها مستقرا على اطراف اصابعها عندما مدت كفها الرقيق تهنئ ناظم قائلة تعبيرا عن اعجابها بصوته ( انت الامل الجديد في الغناء العراقي)..احتوتها ابتسامته العذبة, فلم تعرف كي و متى اتفقا على موعد لقاء آخر. رشف الحبيبان قطرات الحب و الشهرة.. السعادة بدت طرف ثالث لا يفارقهما ..من جانبها وضعت سليمة روحها بلسما يشفي كل الجروح التي سببتها قسوة الزمن و تركت آثارها على نفس ناظم , فقد وجد فيها الانثى التي طالما حلم بعشقها..و الام التي حرم من حنانها طفلا و كبرت معه لهفة مكبوتة الى هذا الحنان. سليمة –التي تكبره بحوالي عشرين عاما- عرفت كيف ترضي حبيبها.. قرأت بلغة العيون و احرف الغرام كل افكاره و رغباته .. عوضته عن كل نساء العالم.. تقرأ ملامح وجهه , فتضمه مرة الى صدرها كما تحتوي الام طفلها بالحنان .. مرة اخرى هي الانثى والحبيبة التي تثيره بدلالها. دخل ناظم كنغمة صدق الى حياة المطربة المشهورة المحاطة دائما بألوف المعجبين من الاثرياء الذين يبدون استعدادهم لوضع ثرواتهم تحت قدميها و في سبيل نيل رضاها. احاطت المطربة مظاهر الانبهار بنجوميتها .. فضجت من محاولة الجميع التقرب منها كنجمة مشهورة ..و اخيرا عرف هذا الشاب اليافع المغمور كيف يفجر داخلها مشاعر الانثى العاشقة..التقطها نجمة من السماء تضئ الليالي دون ان تعرف هي ذاتها معنى الضوء ليحيل حياتها بلمسة سحرية الى نهار ساطع , فهو الرجل الوحيد الذي رأت في عينيه انعكاس صورتها كامرأة من لحم و دم , بينما كانت صورة النجمة تملأ عيون الآخرين. فنيا..قدمت سليمة مراد الصوت الجديد ناظم الغزالي في كل الحفلات الكبيرة التي اشتركت فيها. بدأ نجم المطرب المغمور يسطع محققا شهرة واسعة بين المجتمعات الارستقراطية –وهي الاوساط التي تواجدت بها سليمة دائما- كنجمة وسيدة مجتمع- و انطلق ناظم كنغمة جديدة نقلت الآداء و اللحن و الكلمات الى مناطق لم تطرقها قبلا الاغنية العراقية ..و هو يشدو (طالعة من بيت ابوها.. رايحة بيت الجيران.. فات ما سلم عليا .. يمكن الحلو زعلان) هل يذكر التاريخ ان "اولاد الحلال" تركوا عاشقا في حاله!!؟ طبعا مستحيل..فما بالنا اذا كان العاشقين من سكان عالم الاضواء المسلطة دائما على حياتهم ..عالم الشهرة. اجتمع الاصدقاء – بعضهم من ذوي النفوذ- و البعض الآخر من عالم الفن , جميع من اعتقدوا ان حياة نجمتهم المحبوبة امر يتجاوز الخصوصية , فهو حق عام بحكم كونها اولا و اخيرا ملك جماهيرها العريضة..واجهوها بكل الاقاويل التي ما عادت تردد همسا .. ردت وهي تعلم جيدا مدى تأثير القنبلة التي ستفجرها( الزواج سيعلن في اقرب وقت).. لحظات الصدمة و الذهول لم تمنع المواجهة القاسية التي شارك في

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram