TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اسوأ.. بامتياز

اسوأ.. بامتياز

نشر في: 14 إبريل, 2017: 09:01 م

ذات مرة ، قال لنا صحفي اجنبي في مقابلة معه خلال احدى المؤتمرات انه لم ير مدينة تتخلل " الخضرة " جميع تفاصيلها مثل بغداد ...المدن التي يعرفها مدججة بالكونكريت والطابوق والاسفلت وكل ماهو صناعي أما بغداد فمطرزة بالاشجار والنخيل وحدائق المنازل الجميلة ...
بغداد اليوم يتم اختيارها للمرة الثانية كاسوأ مدينة للعيش فيها بعد ان تقلص فيها اللون الاخضر العشبي وحل محله لون صبات الكونكريت وتناثرت فيها النفايات وتشابكت في سمائها اسلاك المولدات الكهربائية ...أهملت نخيلها وهجر البعض منازلها وحدائقها ..كانت بغداد قد شهدت بدخول الأمريكان مجزرة طبيعية حين تم قطع أشجارها واحراق جذوعها من قبل الجنود الامريكان عندما كانت تشكل عائقا امام عملية توفير الحماية لمقراتهم ...
بعد كل تلك السنوات التي أعقبت دخول الامريكان وسقوط النظام السابق ، مازالت الاشجار المقطوعة والمحروقة والمساحات الزراعية المهملة تذكرنا بكل ماجرى ومازال يجري ، فالأمريكان الذين أزالوا الاشجار وقتها لأنها تقف في طريق ترسيخ أقدامهم في مقرات ثابتة ، ربما سيعملون اليوم على ازالة أشخاص وجماعات وأحزاب وكتل وتشكيلات قتالية وكل من يقف في طريقهم لضمان بقائهم الى الأبد هذه المرة وفي قواعد ثابتة ومحمية ..
بغداد اليوم ليست الدليل الوحيد على ان العراق يسير وفق خطة امريكية مرسومة بعناية ففي كل محافظاته أدلة على انه يسير حثيثا نحو احتلال امريكي وفق اسلوب جديد ..أمريكا لن ترهق نفسها هذه المرة باستخدام السلاح وانفاق اموالها على الشؤون العسكرية وبالتالي مواجهة تحذيرات الكونغرس ورفض الشعب الأمريكي ، بل تترك الأحداث تصنع نفسها بنفسها ، فالتسقيط سيتعدى الاشخاص غير المرغوب بهم الى الاحزاب والمجاميع -الدينية منها خصوصا – وستسود المظاهر المسلحة اغلب المحافظات العراقية ان لم يكن لأسباب حزبية فلأسباب عشائرية اوبسبب نزاعات قومية ..محافظات أخرى مازالت تتلوى من الجوع والفقر والتشرّد وتنتظر انقاذها من داعش وإعادة اعمارها بمساعدة امريكية ..أمريكا تقف اليوم وراء ستار لتحرك الأحداث كما في مسرح العرائس ..توتر هنا ، وضربة كيمياوية هناك ..تصريحات نارية هنا ، ووعود ديبلوماسية كبيرة هناك ..انها لعبة السياسة القذرة وخير من يلعبها تلك الدول التي اعتادت ان تكون منتصرة وألا تفقد شيئا بل تكسب الكثير بعد كل جولة سياسية ...
في مايخصنا ، ربما لن نتفوق على الدول الباقية بكون عاصمتنا من أسوأ الاماكن للعيش فقط ، بل سنتفوق حتما بكوننا نمتلك الفريق الاسوأ والأكثر فشلا في لعبة السياسة القذرة ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram