إنّ الأحداث المتلاحقة التي عصفت في العراق أظهرت مدى عمق الأزمات النفسية والفكرية في المجتمع الذي يعدّ محافظاً وتجلّى ذلك من خلال تفاقم العنف والطائفيّة في مناطق في وسط وجنوب البلاد وظهور (داعش) فضلاً عن موجات النزوح والهجرة التي لا
إنّ الأحداث المتلاحقة التي عصفت في العراق أظهرت مدى عمق الأزمات النفسية والفكرية في المجتمع الذي يعدّ محافظاً وتجلّى ذلك من خلال تفاقم العنف والطائفيّة في مناطق في وسط وجنوب البلاد وظهور (داعش) فضلاً عن موجات النزوح والهجرة التي لا يبدو أنّها ستنتهي قريباً . ومظاهر هذا الواقع كان كافياَ لتغيير سلوك الأفراد , فمن كان يعتبر أن أية كذبة هي عيب أو حرام أو فعل مذموم بات يلجأ إلى اعتمادها اليوم كونها وسيلة دفاعية مبرراً ذلك بأنه أمر طارئ .
حيث لا يشجّع الوضع الأمني للعراقيّين على الصراحة في ظلّ كثرة الخطف والقتل حيث يفضّل البعض التخفي أو عدم الإفصاح عن أماكن وجودهم، علّهم يحمون أنفسهم .
تتعدّد الأسباب التي قد تدفع بعض المواطنين إلى التخفّي حتّى عن أصدقائهم المقرّبين أو الذين يثقون بهم ففي ظلّ ارتفاع نسب الخطف والقتل وانعدام الأمن في بغداد ومحافظات اخرى .
بدورها تقول أستاذة علم النفس التربوي في الجامعة المستنصرية ابتسام السعدون أنّ تغيير الحقائق ليس بالأمر السهل لأشخاص لطالما كانوا صادقين في حياتهم. ويمكن لهذا أن يتسبّب في معاناة البعض من الاضطراب النفسي . أستطيع القول إن من بين عشرة أشخاص يلجؤون إلى الكذب لإخفاء الحقيقة سبعة منهم يشعرون بالذنب لأنّهم يفعلون ذلك يومياً ومع أي شخص يسألهم سؤالاً عادياً. أين أنت؟ وهذا يعني أنّه يتوجّب على هذا الشخص أن يكون يقظاً في حال لم يرغب في الإفصاح عن الحقيقة وأن يهيّئ جواباً سريعاً ما قد يجعله في حالة قلق دائم وخوف مستمر، حين يضطر إلى المراوغة وعدم قول الحقيقة. "صحيح أن هذا الكذب وإخفاء الحقيقة ليس فيه إيذاء للآخرين إلّا أنّه يعدّ مؤذياً للأشخاص الذين يقومون به لأن هذا السلوك بعيد عن شخصيّتهم الحقيقية .
وتشير السعدون إلى أنّ هذه الحالة يمكن أن تزول مع زوال السبب وحين لا يخشى الأشخاص المجتمع، ويكون هناك قانون يلتزم به الجميع .