لم تكن تعلم الأم بان لفة الفلافل التي ذهب من اجلها ابنها لن يتناولها ابداً ... ولم تعلم ان كريماً ذاهب الى الموت ومن دون رجعة ، ربما لو علمت ما ارسلته لشراء أي شيء وما سمحت له بالخروج ... كذلك كريم هو الآخر لم يكن يعلم انه سيغ
لم تكن تعلم الأم بان لفة الفلافل التي ذهب من اجلها ابنها لن يتناولها ابداً ... ولم تعلم ان كريماً ذاهب الى الموت ومن دون رجعة ، ربما لو علمت ما ارسلته لشراء أي شيء وما سمحت له بالخروج ... كذلك كريم هو الآخر لم يكن يعلم انه سيغادر هذه الدنيا بعد دقائق معدودة وانها المرة الاخيرة التي سيرى وجه أمه فيها ... ذهب الصغير الى المطعم لشراء لفة الفلافل ... واثناء عودته وهو في طريقه للمنزل تعثرت قدماه في سلك كهربائي مكشوف متدلٍ من احد الاعمدة الكهربائية الاتية من احدى مولدات الحي الشعبي ... صرخ كريم صرخة قوية أفزعت الناس في الشارع الضيق ... اسرع الجميع الى مصدر الصوت شاهدوا مشهدا يُدمي القلوب ... كريم الطفل الجميل وقد احترق تماما والتصق جسده بالعمود ... حاول بعض الصبية جذبه عن طريق قطعة خشبية لكن عندما حمله بعض الجيران كان قد فارق الحياة ... وبجواره لفة الفلافل لم يستطع تناولها .. على الجانب الآخر شعرت الام بالقلق بعد تأخر عودته ... بدأت ضربات قلبها تزداد خفقانا ... كانت تنظر لعقارب الساعة وهي تمشي وكأنها تزحف الدقائق ... دقائق عصيبة تمر على الام ... قلبها يعتصره القلق . فكر الام مشغول ربما كانت تقول لنفسها ليتني لم اوافق على طلبه لشراء الفلافل وانا عملتها له في المطبخ ... فجأة وبلا سابق انذار خرجت الام من شرودها على صوت طرقات شديدة على باب البيت .
انقبض قلبها تمنت لو كان الطارق ابنها ... لكن عندما فتحت الباب وجدت احد الجيران وهو ينظر اليها بعيون
دامعة .
يحاول ان يتكلم ... لكن الكلام يقف عند فمه ، ولكن بادرته الام بسؤال . وين كريم ؟ اجابها الجار . وتمنت الام لو انه لم يتكلم ... كريم صعقه عمود الكهرباء ومات – هرولت الام تسبقها دموعها وتصرخ باعلى صوتها ... كريم ... ابني ... ابني كريم مات عندما وصلت الى مكان الحادث أُغشي عليها حين شاهدت ابنها ميتاً ... وهو من دقائق كان يملأ البيت ضحكا ومرحا وسعادة ! حملت الام طفلها بمساعدة الجيران وذهبت الى المستشفى ثم اتصلت بزوجها لتبلغه بالخبر المشؤوم وبمجرد سماع الاب للخبر فقدَ توازنه ... تعالت صرخاته وهو في سيارة صديقه الذي جاء به الى المستشفى ... وطوال الطريق كان يمني نفسه ان يكون الخبر غير صحيح . تمنى لو ان ابنه ما زال على قيد الحياة. تمنى لو ان زوجته كانت تمازحه .. خواطر وهواجس كثيرة دارت في مخيلته حتى وصل مستشفى الكندي ... وهناك شاهد منظر هو الأكثر قسوة في حياته. ابنه فوق المشرحة في غرفة الطوارئ هنا فقط تأكد الاب ان ابنه مات . بكى وهو يسب الإهمال والمولدات ودوائر الكهرباء التي لا تبالي بحياة الناس بعد ان فقد ابنه وقرة عينه ..... بعد ساعات قليلة من الحادثة الاولى ... كانت هناك مأساة اخرى بطلها ايضا طفل صغير اسمه محمد لم يتعدَّ عمره الثلاث سنوات... محمد تعرض ايضا لصعقة مماثلة من سلك ممدد على الارض .
الاهالي في ذلك الحي الشعبي بدأوا يحذرون ذويهم واطفالهم من الاقتراب من هذا العمود القاتل ... ولكن الاهالي في وادٍ وصاحب المولدة في وادٍ آخر وكأنهم في انتظار وقوع ضحية
جديدة !!