adnan.h@almadapaper.net
استجواب المفوضية العليا للانتخابات في مجلس النواب العراقي أول من أمس كان من أكثر الاستجوابات البرلمانية مهنية، وربما هو الأكثر مهنية بامتياز. واضح أن الشخصية الرصينة للنائبة المستجوبة، د. ماجدة التميمي، كان لها دور في ذلك.
السيدة التميمي تعاملت مع العملية برمّتها بمسؤولية واحترام كبير للبرلمان ولدوره التشريعي والرقابي. من الواضح أنها عملت أمداً طويلاً على جمع المعلومات والوثائق والأدلة المتصلة بها. وهي طرحت اسئلتها واستفساراتها ووجهات نظرها بهدوء ورصانة من دون إثارة بقصد الشهرة أو التشهير، كما درج عليه بعض من زميلات وزملاء لها في استجوابات سابقة، إن في الدورة البرلمانية الحالية أو في سابقاتها.
رئيس المفوضية، سربست مصطفى، من جهته سعى لتقديم المعلومات المطلوبة والدفاع عن عمل المفوضية وتصرّفات مسؤوليها وموظفيها وتبريرها، لكنّه لم يكن مقنعاً في كثير من الأحيان، وهذا ما فضحه ارتباكه غير مرة.
عملية الاستجواب أكدت المؤكد، وهو أن العملية الانتخابية في البلاد ليست سليمة أو نزيهة تماماً، وهذا أمر منطقي فالهيئة التي تُدير العملية ليست مستقلة، ولا يمكن انتظار عمل سليم ونزيه من هيئة تشكّلها الأحزاب الحاكمة على وفق نظام المحاصصة ممّنْ هم محل ثقتها.
ليس من المتوقع أن يُسفر الاستجواب عمّا تتطلع إليه أغلبية الشعب العراقي، وهو إعادة تشكيل المفوضية وهيكلتها من جديد بما يجعلها هيئة مستقلة عن حق. من أدلة هذا أن الأغلبية الساحقة من أعضاء مجلس النواب غادرت القاعة أثناء عملية الاستجواب التي لم يواصلها سوى اقل من 50 نائبة ونائباً (من أصل 328)، في تصرّف لا ينمّ عن أي شعور بالمسؤولية الوطنية، ويعكس حنثاً باليمين الدستورية التي أدّاها النواب جميعاً، ونصّت على:
"أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهامي ومسؤولياتي القانونية بتفانٍ وإخلاص وأن أحافظ على استقلال العراق وسيادته وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي".
النواب الذين انسحبوا من جلسة الاستجواب إنّما تنصّلوا عن مهامهم ومسؤولياتهم القانونية، ولم يؤدوها بتفانٍ وإخلاص، ولم يرعوا مصالح الشعب ولم يسهروا على نظامه الديمقراطي.
هؤلاء النواب هم بأجمعهم تقريباً وصلوا إلى البرلمان في ظل قانون انتخابي غير عادل وغير منصف، ومفوضية غير مستقلة، ولن يكون بالتالي في مصلحتهم ومصلحة أحزابهم تشريع قانون انتخابي عادل ومنصف ومفوضية مستقلة.
الخطوة التالية المتوقعة لهؤلاء النواب الذين لم يتورعوا عن الحنث بيمينهم الدستورية، هي التصويت في صالح المفوضية القائمة وليس ضدّها، وكأن الاستجواب لم يكن. كيف يصوّتون بغير هذا ماداموا لم يشهدوا عملية الاستجواب؟!
هذا ما سيحصل بعد استئناف مجلس النواب جلساته الاسبوع المقبل للتصويت على نتيجة الاستجواب ومصير المفوضية. غيابهم عن الجلسة هو في حدّ ذاته انسحاب من أجل عدم التصويت في غير صالح المفوضية الحالية.
هذه الرسالة يُدركها حتى تلامذة الابتدائية.
جميع التعليقات 1
أبو أثير
هذا هو ديدن وسلوك النواب بأغلبهم مع ألأسف ... وبتصرفهم هذا أضافوا الى سمعتهم مثلبة أخرى من مثالبهم في عدم أحترام أنفسهم هم قبل أن يحترموا القسم الذي أدوه عند دخولهم البرلمان ... وبالمناسبة وعلى سبيل المقارنة لا التسويق للنظام الدكتاتوري السابق أسرد هذه ا