اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > مقاربة بين سيد البنائين والآنسة جوليا

مقاربة بين سيد البنائين والآنسة جوليا

نشر في: 25 إبريل, 2017: 12:01 ص

إذا كانت تجمع بين هاتين المسرحيتين بعض الصفات، فهي أثنتان . جنوح الشخصيات فيها لحب العظمة.. والحلم.ولنبدأ من الصفة الثانية التي هي الحلم. إذ بدون استثناء تحلم كل الشخصيات في كلتا المسرحيتين، ابتداءً من سولنس وهيلدا وآلين والطبيب والمهندس وراجنر وكايا

إذا كانت تجمع بين هاتين المسرحيتين بعض الصفات، فهي أثنتان . جنوح الشخصيات فيها لحب العظمة.. والحلم.ولنبدأ من الصفة الثانية التي هي الحلم. إذ بدون استثناء تحلم كل الشخصيات في كلتا المسرحيتين، ابتداءً من سولنس وهيلدا وآلين والطبيب والمهندس وراجنر وكايا ، في سيد البنائين لأبسن، الى الآنسة جوليا وجان الخادم وكريستين الطباخة، في الآنسة جوليا لسترندبيرغ. وإذا كانت كريستين تحلم الزواج بخطيبها جان، فإن جوليا تحلم بالرقص معه، وجان الطائش ببلوغ المرتبة الاجتماعية التي تتبوأها جوليا. وسولنس ببناء الأبراج في أعلى البنايات، وهيلدا في تحقيق حلم سولنس، وراجنر في إيجاد عمل مستقل، يقوم هو بإنجازه، وهكذا بالنسبة للشخصيات الثانوية الأخرى.
وحلم جوليا وجان، يناقض الطبقة التي ينتميان إليها، ذلك أن جوليا الأستقراطية لا تستمتع بأيّ سلام، ولن تحس بأية راحة إلا بعد أن تستقر على الأرض، بعكس جان الخادم الذي يريد أن يصل الى أعلى، الى القمة تماماً، حيث يمكنه أن ينظر متطلعاً الى الريف تحت نور الشمس. ما معناه أن جوليا، ترغب أن تنسلخ من طبقتها وترتمي في أحضان الطبقة الفقيرة، وجان أن ينسلخ هو الآخر من طبقته، ويرتمي بعكسها في أحضان الطبقة الأرستقراطية، وهذا الحوار الدائر بينهما حول الحلم أدلّ نموذج على ذلك.
الآنسة جوليا: ها أنا أثرثر معك عن الأحلام! تعال – لنصل الى الحديقة.
جان: يجب أن ننام على تسع زهرات من أزهار منتصف الصيف الليلة يا آنسة جوليا وحينذاك ستتحقق أحلامنا.
وسولنس البناء قبل أن يمتلك مكتباً لرسامي الخرائط، لم يكن ثرياً، عندما كان يعمل في نفس هذا المكتب، تحت إمرة المهندس المعماري (بروفك)، والد راجنر الرسام الذي يأبى سولنس أن يبني (راجنر) البيت الريفي للأسرة التي راقت لها الرسومات التي أعدّها لهذا الغرض.
إن منحى سولنس الطبقي، يختلف هنا كلياً عن منحى جان وجوليا، ذلك أنه في الوقت الذي كان يحلم فيه أن يتخلى عن طبقته، وينتمي الى الطبقة البورجوازية، وتحقق له ما أراد، يقف كالمرصاد أمام راجنر، حائلاً دون تحقيق هدفه الحلمي، بشطريه المهني – التقني – والاقتصادي. خوفاً من أن تهيمن الأفكار الحديثة في الفن المعماري على الأفكار القديمة، وهو بذلك سوف يفقد الموقع والمكانة اللذين كان يتمتع بهما، لأصحاب الفكر القادم. ويتضح هذا المعنى أكثر في هذه الجملة التي يطلقها سولنس لهيلدا التي تمثل الجيل الجديد: (لا، لا، لا، الجيل الجديد، أنه يعني القصاص، أنه يأتي كأنه يمشي تحت راية جديدة، مبشراً بتحول الحظوظ).
ولكن سرعان ما أنفرط عقد هذا الوئام بين جان وجوليا ليتحول الى صراع الدم الأرستقراطي، ضد دم العبيد. مثله مثل الصراع القائم بين سولنس وبروفك حول منح الأول، حرية العمل لراجنر أن يشتغل بصورة مستقلة، ولم يدع أن يتحقق حلم الأثنين معاً، حتى عندما كان الأب يلفظ أنفاسه الأخيرة.
ومثلما تتجاوز هذه الأحلام حدها عند جوليا وجان الى ممارسة العملية الجنسية، بتقديم جوليا ذراعها الى جان، ويسيران باتجاه الحديقة، في إشارة الى حدوث هذه العملية، وتعزيزها بدعوة جوليا لترى ما في عينيّ جان، كذلك يحدث نفس الشيء بالنسبة لسولنس وهيلدا.
هيلدا: هل جئت وطوقتني بذراعيك؟
سولنس: نعم جئت.
هيلدا: ثم أدرت رأسي للخلف؟
سولنس: للخلف جداً.
هيلدا: وقبلتني؟    
سولنس: نعم. . لقد فعلت.
هيلدا: مرات كثيرة؟
سولنس: كما تشائين.
وكما أن سولنس لم ينتبه الى هيلدا في أول لقاء بها، لأنها كانت صغيرة وفي الثانية عشرة من عمرها، كذلك لم تنتبه جوليا الى جان، عندما كان يأتي مع والده الى مزرعة والدها التي كان يعمل فيها، لأنه كانت صغيرة كهيلدا أيضاً. وكلاهما جان وهيلدا يذكران شيئاً عن جوليا وسولنس، ولكنهما لا يبوحان به.
سولنس :هل تحلمين كثيراً؟
هيلدا: نعم ! ! أكاد أحلم على الدوام.
 سولنس : وبماذا تحلمين أكثر الليالي؟
هيلدا: لن أنبئك هذا المساء.. وربما نبأتك عن ذلك في وقت آخر.
جوليا : أوه قل لي – أريدك أن تقول لي.
جان: لا، لعلي لا أستطيع. في وقت آخر ربما.
 يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram