اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اختبار برسم النُخَب العراقية الوطنية

اختبار برسم النُخَب العراقية الوطنية

نشر في: 24 إبريل, 2017: 06:12 م

ما عاد العراقيون لا يعرفون ماجدة التميمي. الكثير منهم عرفوها عضواً نشيطاً في اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب، تتابع على نحو خاص القضية الأعظم بين اهتمامات الرأي العام العراقي .. قضية الفساد الإداري والمالي التي كانت وراء استنزاف قدرات الدولة والمجتمع الاقتصادية والمالية، وتفاقم الإرهاب إلى حدّ احتلاله ثلث مساحة البلاد بمدنه الكبرى، الموصل وسواها ما تسبّب في محنة اسطورية لملايين الناس، بل لكل العراقيين.
وبخطوتها الجريئة بمساءلة مجلس المفوضية العليا للانتخابات الاسبوع الماضي واستجوابه بمهنية عالية، ازدادت التميمي (كتلة الاحرار) نجومية ومحبة لدى الغالبية العظمى من العراقيين، مقدّمة الأنموذج لنائب الشعب الذي لا يخشى حتى مصارعة ثيران العملية السياسية ومقارعة حيتان الفساد الإداري والمالي.   
السيدة التميمي خطت أمس خطوة وطنية أخرى بتقديمها شكوى إلى الأمم المتحدة بشأن عمل مفوضية الانتخابات التي كانت النائبة قد اثبتت في جلسة الاستجواب، بالأدلة والوقائع، وجود نواقص وخروقات خطيرة في عملها.
التميمي قدّمت شكواها إلى رئيس فريق المساعدة الانتخابية في مكتب الأمم المتحدة في بغداد، وقالت فيها إنها استجوبت مجلس المفوضية: "بناء على ما توفّرت لدينا من أدلة وأسانيد، تثبت عدم حياديتها واستقلاليتها وتزويرها للانتخابات (....) فضلاً عن فسادها المالي والإداري وعدم تطبيقها معايير الأمم المتحدة في الكثير من إجراءاتها"، داعيةً المنظمة الدولية للقيام "بدور أكبر في مراقبة أدائها ودعم مطلبنا ومطلب جلّ الشعب العراقي في تأشير الخلل المشار إليه في أداء هذه المفوضية، الذي أدى الى إضعاف ثقة العراقيين بالعملية الانتخابية ومخرجاتها ونخشى من عزوفهم عن المشاركة فيها مستقبلاً"، و خاتمة بالقول إن "بقاء هذه المفوضية المبنية على أساس المحاصصة يعني مزيداً من التراجع على جميع الصعد، اقتصادياً وأمنياً وخدمياً، لأنها وقانونها يسمحان بوصول نسبة كبيرة ممّن لا يمتلكون الكفاءة والنزاهة إلى البرلمان ومجالس المحافظات، ومن ثم لإشغال المناصب الحكومية لينعكس سلباً على أداء الحكومة برمّتها".
الطبقة السياسية المتنفذة في السلطة والمهيمنة على عمل المفوضية عبر ممثليها فيها (لا يوجد غيرهم في الواقع) لن تسمح بطبيعة الحال للأمم المتحدة بالتدخّل في هذا الشأن برغم أنها شريكة في العملية الانتخابية منذ بدايتها في العام 2005... هذه الطبقة سترفع شعارات السيادة والاستقلال الزائفة التي لم تكن أمينة عليها.
عمل النائبة التميمي، إن داخل مجلس النواب أو مع الأمم المتحدة، يحتاج الى استكماله بالدعم من النخب السياسية والاجتماعية والثقافية الوطنية التي يُمكنها فعل الكثير بالتحرّك تجاه مجلس النواب (على ضعف الأمل به أو انعدامه تقريباً) والحكومة والرأي العام المحلي والمنظمات الدولية.
مصير العراق ومستقبله مرتبطان بتشكيل هيئات حكم وطنية، نزيهة وكفؤة، تضمن عدم إعادة انتاج  الأوضاع المزرية الراهنة. وهذه الهيئات من غير الممكن قيامها من دون عملية انتخابية عادلة ومنصفة، والعملية الانتخابية العادلة والمنصفة إنما تتحقق بمفوضية انتخابات مستقلة تماماً وقانون انتخابي يُتيح للناخبين انتخاب الأصلح إلى مجلس النواب والمجالس المحلية.
نُخَب العراق الوطنية تواجه الآن اختباراً حقيقياً على هذا الصعيد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو أثير

    على ضوء تقرير النائب الدكتورة ماجدة التميمي المقدم الى مكتب مفوضية ألأنتخابات التابع للأمم المتحدة في العراق بوجود أتهامات وخروق وفساد أداري في عمل المفوضية العليا للأنتخابات في العراق ... سأسرد للعراقيين هذه الحادثة التي كنت أنا شخصيا شاهد أثبات عليها ..

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram