سيطر تنظيم القاعدة خلال السنوات الممتدة من 2006 الى 2009 على الكثير من المناطق في شمالي وغربي البلاد وأرغمت بعض العوائل على تزويج بناتها من عناصر في القاعدة كانوا في الغالب من جنسيات عربية وأجنبية.وخلال العمليات الأمنية قتل معظم الأزواج وظلت الأرامل مع أطفال بدون جنسية عراقية.والآن يواجهن مصيرا سيئا في رحلة اثبات الزواج ونسب الابناء خصوصا مع اعتراض بعض الجهات على تجنيس الاطفال بالجنسية العراقية.
تشير مصادر الى ان محافظة ديالى من اكثر المحافظات احتواء على ابناء القاعدة،حيث تؤكد المصادر بان أكثر من 50 طفلاً يعيش في ديالى من دون أوراق ثبوتية، وهؤلاء الأطفال هم لأمهات عراقيات أجبرن على الزواج من مسلحي القاعدة من غير العراقيين، ما دفعهن الى اللجوء لمنظمات المجتمع المدني في محاولة للحصول على الجنسية العراقية لأولادهن.
أعضاء في التيار الصدري يرفضون منح أبناء القاعدة الجنسية العراقية وينتقدون الجهات المؤيدة لتجنيس الأطفال مؤكدين ان الأمر "غير مقبول "،فيما ترى جهات سياسية اخرى ضرورة احتواء اطفال ابناء القاعدة وعدم دفعهم الى سلوك طريق ابائهم الارهابي.
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب تأييدها لمنح أبناء المقتولين من تنظيم القاعدة على الجنسية العراقية بدوافع انسانية.
وقال عضو اللجنة علي شبر ان "قضية أبناء المقتولين من تنظيم القاعدة إنسانية وقانونية "،مؤكدا ان القانون العراقي يبيح اعطاء الجنسية للطفل من ام عراقية.
وأوضح شبر في اتصال يوم امس مع "المدى " ان " تجنيس أطفال القاعدة في العراق اصطدم ببعض الاعتراضات من جهات سياسية مختلفة "، مبينا " يجب التعامل مع القضية بشكل انساني وقانوني ولا مجال للتقديرات الشخصية ".
وكانت منظمات إنسانية طالبت البرلمان في وقت سابق بتشريع قانون يكفل لهؤلاء الأطفال حقهم بالعيش في العراق، خاصة أنهم ولدوا نتيجة "زواج بالإكراه" مشددين على ضرورة منحهم الجنسيات العراقية "لكونهم يعيشون حالة من الضياع" على حد وصفهم. في غضون ذلك هددت كتلة الاحرار النيابية التي تمثل التيار الصدري، امس الجمعة، الجهات التي تدعم منح الجنسية العراقية لابناء عناصر تنظيم القاعدة المعتقلين أو الذين قتلوا في العراق في حال المطالبة بذلك.
وقال النائب عن الكتلة حاكم الزاملي في تصريحات صحفية تابعتها "المدى " إن "مسألة منح ابناء قادة تنظيم القاعدة الجنسية العراقية امر غير مقبول ولا يمكن حدوثه". واضاف الزاملي أن "هذا الامر لم يعرض حتى الان على مجلس النواب، وفي حال تم عرضه سنقاضي الجهة الداعمة لهذا التوجه، كون هذا التنظيم تسبب بإراقة دماء العراقيين ولا يمكن منحه أي شرعية داخل العراق".
واستدرك الزاملي وهو عضو في لجنة الأمن والدفاع النيابية ان "النظر بهذا الموضوع يكون عبر هيئة قضائية خاصة وهي من يبت به".
وكانت تقارير صحفية نشرت في وقت سابق اشارت الى أنه في أعقاب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وسيطرة القاعدة في العراق على مناطق شاسعة من البلاد، قام بعض الاهالي بإيواء مقاتلين عراقيين وعرب، على أمل أن يخلصوا العراق من العدو الأجنبي. غير أن القاعدة سرعان ما أصبحت وحشية وتغلبت على الجماعات المسلحة الأخرى وأعلنت الدولة الإسلامية وبدأت في تطبيق الأحكام الإسلامية بقسوة، ثم بدأت المجتمعات في تلك المناطق بالانقلاب ضد القاعدة، وانتهى الأمر بمقاتلي القاعدة إما قتلى أو سجناء أو هاربين تاركين أطفالهم من دون ما يثبت شرعيتهم.
فيما يرى نائب عن القائمة العراقية ان يتم احتواء اطفال ابناء تنظيم القاعدة في العراق بل تركهم يسلكون طريق آبائهم الإرهابيين.
وقال النائب مظهر الجنابي في حديث يوم امس لـ"المدى " ان " من الافضل ان يحصل الاطفال على الجنسية العراقية بدلا من ان يتحولوا الى ارهابيين ".وعلى الرغم من ان النائب الجنابي ليس مقتنعا تماما بحصول الاطفال على الجنسية الا انه يقول " لايمكن ان نترك هؤلاء الاطفال يسلكون طريق ابائهم في القتل".
الى ذلك يشير خبراء قانونيون إلى أن الحل الأيسر لهذه المشكلة نقل الأطفال إلى دور أيتام أو تزوير شهادات ميلاد لهم بأسماء زائفة للآباء،فيما يؤكد الخبير القانوني طارق حرب ان الدستور العراقي سمح وبشكل لا يقبل التشكيك ان يحصل الطفل من ام عراقية واب اجنبي على جنسية والده.
وقال حرب لـ"المدى " ان " القانون العراقي اجاز لابن العراقية المتزوجة من رجل اجنبي الحصول على الجنسية العراقية وفق المادة 18 من الدستور وحسب قانون الجنسية العراقية رقم 26 لعام 2006 ".
واضاف حرب " قضت المحاكم العراقية بالكثير من القضايا المماثلة لطفل من ام عراقية واب اجنبي،ورغم وجود بعض الممانعات من بعض الجهات الا ان المحكمة الادارية فصلت في الامر واكدت امكانية حصول الطفل على جنسية امه".
وبين حرب ان على المرأة المتزوجة من اجنبي ان تثبت صحة زواجها في بادئ الامر ومن اثبات نسب الطفل.
يشار الى ان الكثير من زيجات عناصر تنظيم القاعدة لم تحصل على اوراق ثبوتية تؤكد صحة الزواج ،وكشف مصدر أمني مسؤول في وقت سابق ان زوجة احدى القياديين في تنظيم القاعدة سهلت عملية القاء القبض عليه،وافادت المصادر اعتقال والي سلمان باك في دولة العراق الإسلامية، يدعى صدام حسين، يعدّ من ابرز المطلوبين للسلطات العراقية.وقال المصدر أن "قوة خاصة من مغاوير الداخلية تمكنت في عملية مداهمة خاصة من القبض على والي سلمان باك في دولة العراق الإسلامية"، مشيرا إلى أن "المعتقل يدعى صدام حسين ويعدّ ابرز مطلوب للقوى الأمنية العراقية".وأكد المصدر أن "العملية استندت في تنفيذها الى معلومات أدلت بها زوجته"، مشيرا إلى أن "المعتقل يعدّ أيضا من أقدم المنتمين والمطلوبين في تنظيم القاعدة".
بالمقابل يصف بعض النواب الامر بالشائك، فيقول النائب المستقل حسن العلوي ان " حصول الاطفال على الجنسية العراقية امر انساني ولايمكن ان يترك هؤلاء الاطفال بدون هوية ".
ومن جانب اخر يتخوف العلوي من الاصطدام مع القوانين العراقية،مضيفا " لايمكن ان توافق على تجنيسهم خوفا من الملاحقات القانونية ".
ومن الحلول المقترحة تسجيل المولود باسم خال أو متبرع تبنى تربيته، أو حتى أب مسجون أو هارب، لضمان حقوق هؤلاء الأطفال.
وتؤكد منظمات المجتمع المدني في محافظة ديالى وجود 54 طفلاً، على الأقل من أبناء أرامل انتحاريين عرب، يواجهن رفض المؤسسات الرسمية منح أبنائهن الجنسية العراقية، نظراً الى غياب عقود الزواج، كون هذه الزيجات كانت تتم عن طريق "الهيئة الشرعية" لتنظيم القاعدة، من دون توثيقها رسمياً.