TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > عمارة زهاء حديد

عمارة زهاء حديد

نشر في: 29 إبريل, 2017: 12:01 ص

عمارة زهاء حديد جديدة ومختلفة. ليست في سذاجة من يحوز الجمال من المخالفة، ولكن من  يرتاد أرضاً تكشف عن ممكنات العمارة. يُمتحن في عمارة غير متوقعة، كانت ممتنعة بسبب تعوّد ما هو ممكن. يخترق الحدود نحو هدف ثمين، في رحلة تستلزم شجاعة الربان وثقته: ان

عمارة زهاء حديد جديدة ومختلفة. ليست في سذاجة من يحوز الجمال من المخالفة، ولكن من  يرتاد أرضاً تكشف عن ممكنات العمارة. يُمتحن في عمارة غير متوقعة، كانت ممتنعة بسبب تعوّد ما هو ممكن. يخترق الحدود نحو هدف ثمين، في رحلة تستلزم شجاعة الربان وثقته: انه يقود العمارة صوب وجهة حقيقية. تتعلم العمارة في نية تخطيها، تتتلمذ على قواعدها بقصد ازاحتها وتعدّيها. لا تعيد الحكاية فتخسر الاصغاء، بل تحكي ما هو مختلف ويصعب نسيانه. المألوف ميدان لعبها بحثاً عن وجه آخر. ليس من عادتها ان تذكّر بشيء وهي تكتب ما يصنع ذاكرة. أشكال تدرك للمرة الاولى، يكون فهمها اندراج في التعلّم، وفي تهجي ما نتلفظ. تلقٍّ يتعاطى لغة هي وسيلة حيرتنا في قراءتها. لغة تصعب ترجمتها، ولكن يمكن حفظ معجمها لأجل فك أسرارها. أبنية تباري قدرتنا على الفهم، تزيد دهشتنا ألقاً، تختار وجهة مجهدة إذ تبلغ ما يثير مرة اثر أخرى. ليس يمكنها أن تقدم سوى الجديد. لعبة مبهرة، اكتشفتها وادمنتها. تجلي ما كان مختفياً من قبل أن تكشف عنه. جمال أعمالها وغرابة أخيلتها، ومنفذها الذي لا يصدأ نحو أبدية الجميل، أبنية تغادر الاستقرار، تجرب التلوّي والحركة في الفضاء، في جمع غير متوقع، تميل وتنحني وتعاند الأرض، تخالف الثبات وتقاوم مقولة البناء صوب محاولة الانبناء، مشاكسة القيود والحدود، تخاتل القواعد وتمتطي الخيال، مؤونتها الحيوية والشجاعة والاحتراف والرهان على المتعة. فضاءات تهب أمكنة لحياة ليست سبباً في صنع تلك الامكنة، ولكنها تهبها صورتها. تختفي من العمارة مفرداتها المألوفة : أرضية وجدار وسقف وباب ونافذة وداخل وخارج. المبنى الآن فضاء في كتلة حرة. ينفذ الجدار في السقف، ويختفي التعامد الذي يحفظ لكل منهما قيامته، فيختفيان. توظف مختلف الزوايا سوى الزاوية القائمة، فيصبح الجدار سقفاً والسقف جداراً، يجتمعان في الميل والتلوي والانحناء، ينساب الفضاء تغلفه قشرة ترافقه في كل تحولاته. يختلط الداخل والخارج ويتصلان، ينفذ أحدهما في الآخر، يحضر فيه ويغيب. ليس غياب الجدار والسقف اختصاراً لمفردات تقليدية، ولكن تحول المبنى جسداً في شكل إيقوني، يصنع موجوداً مكتملاً يراهن على وجوه الشكل وجوانبه، وتعدد مساحاته وحجومه، ومن دون تراتبية، تنتمي الأجزاء الى بعضها وتصنع الكل، نهج في التفكير ينتج كتلاً معمارية في كل تجسمها، لا تغيب العناية عن جزء فيها وتحضر في آخر. كلّ تتوزع مساحاته الاضافة والجدة، وجوه وتحولات، وأشكال تحظى بالمشهدية من مختلف الزوايا. ليست موجودة كي نرقبها، ولكن نعيش معها كل حضوراتها. كائنات تلقي بظلال فتنتها في مختلف زوايا المدينة. تمنح ما يحيط بها حيوية تشغّل ممكنات التعايش بين الأبنية وما حولها. أشكال تعاند ممكنات المادة وتقليدية  تجسمها ولغتها المتعودة، فالشكل نوايا شكلية في مهمة الكشف عن ممكنات مادية. انشغال يجلي صور التشكل، في ضمور جهد المادة في توليده، ليكون الشكل مادة الشكل، ليس انقطاعاً عن التزامات العمارة في تشييد أبنية يمكن استعمالها، ولكن في صورة تشائها الابنية، غير ما تعودت أن تفعل. يتلوى الشكل وينتفخ ويتكور، كتل بارزة وأخرى متخفية، في لعبة لا تفضح سوى لغتها، تقدم نصاً متصلاً في حرية الشكل الصاعد نحو ما هو مضاف، مثل قادم من الغياب، ليس في نية الشكل ولكن تحدياً لقدرة تصنيعه، وشاهد عقول تأخذ الشكل على محمل الجد، بوصفه شكلاً لمبنى وليس شكلاً لشكل. مهمته ذاتها: إيواء الوظيفة والانسان، تلك التزامات لا تغيب. كتل  تنبع من الأرض تتحول مبنى، وأخرى تشبه قادماً من السماء حلّ توا. بين الأبنية والأرض تنويعات متمايزة مرة عن أخرى، ليست تحولاً في شكل العلاقة ولكن في نهجها. موقع المبنى قوى تشكيله وليس تحكماً بشكله. يرتقي التجريد والمثالية، يصعب أن يعوزه غير ممكناته بوصفها موجهات ينتمي اليها الشكل، فتذوب طوبوغرافية الموقع في المبنى، حد أن يتيه الموقع عن نبوءته، ويستحيل استنتاجاً مكانياً، في عدوى الشكل المهيمن. تقدم حديد نمط تفكير يتحرر من الثوابت المكانية والثقافية، ويذهب نحو الجمال المطلق، كل مكان في العالم أرضه، وكل الثقافات حاضنة ومأوى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram