في الوقت الذي اكد فيه اتحاد نقابات العمال في ذي قار ارتفاع معدلات البطالة الى 70 بالمئة من الأيدي العاملة اي ما يقرب من 150 الف عاطل عن العمل نتيجة الأزمة المالية وتوافد العمالة الاجنبية، حذرت منظمات مجتمعية وحكومية من مخاطر وتداعيات مشكلة البطالة عل

في الوقت الذي اكد فيه اتحاد نقابات العمال في ذي قار ارتفاع معدلات البطالة الى 70 بالمئة من الأيدي العاملة اي ما يقرب من 150 الف عاطل عن العمل نتيجة الأزمة المالية وتوافد العمالة الاجنبية، حذرت منظمات مجتمعية وحكومية من مخاطر وتداعيات مشكلة البطالة على شريحة الشباب، مؤكدين انجرار عدد منهم الى تعاطي المخدرات والانتحار.

أزمة مالية وعمالة أجنبية
رئيس اتحاد نقابات عمال ذي قار هشام عودة خضير، بيّن لـ(المدى) أن العجز المالي الراهن وتوقف المشاريع الحكومية وتوافد العمالة الاجنبية تسببت بارتفاع معدلات البطالة بالمحافظة من 40 بالمئة الى 70 بالمئة من الأيدي العاملة"، مبيناً أن عدد العاطلين عن العمل يقدر بأكثر من 150 الف عاطل عن العمل حالياً من اصل 250 الف عامل مسجّل ضمن بيانات القوى العاملة في محافظة ذي قار.
وأضاف خصير أن، ما يفاقم مشكلة البطالة بالمحافظة هي توافد العمالة الأجنبية حيث يعمل اكثر من 5 آلاف عامل اجنبي في المطاعم والفنادق والشركات الاجنبية العاملة بالمحافظة ولاسيما الشركات النفطية. مشيراً : الى أن رخص العمالة الاجنبية وعدم شمولهم بقانون الضمان الاجتماعي شجّعا اصحاب العمل على تشغيلهم. موضحاً: أن العامل الاجنبي يتقاضى 200 دولار شهرياً مقابل 600 دولار للعامل العراقي أي ما يعادل 750 الف دينار عراقي تقريباً.

السبب بنغلادش وفلبين
وأشار رئيس اتحاد نقابات عمال ذي قار الى أن معظم العمال الاجانب يعملون بالعراق بصورة غير قانونية، حيث يأتون من بنغلادش والفلبين ودول شرق آسيا الى زيارة العراق تحت ذريعة السياحة ويقيمون بالعراق لغرض العمل بالتواطؤ مع أصحاب العمل الأجانب والمحليين.
منوهاً الى أن الشركات الاجنبية لجأت مؤخراً الى تسريح العمال العراقيين والاستعانة بالعمالة الأجنبية.
وبشأن الاجراءات المتخذة بهذا الشأن، لفت خضير: الى أن اجراءات اتحاد نقابات العمال في التصدي لمشكلة البطالة والعمالة الأجنبية تتمثل بمفاتحة وزارة العمل ودائرة التفتيش بصورة دورية حول ظاهرة العمالة الأجنبية وتسريح العمال العراقيين وهذه الجهات بدورها تتخذ الاجراءات القانونية  المطلوبة بهذا الصدد.
ودعا رئيس اتحاد نقابات العمال في ذي قار الجهات الحكومية الى توفير المزيد من فرص العمل لتشغيل العاطلين أو شمولهم بمنحة الحماية الاجتماعية والحد من ظاهرة العمالة الأجنبية.

تسريح 50 ألف عامل
ومن جانبه كشف رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية والاقتصادية في مجلس محافظة ذي قار رشيد السراي عن  توقف أكثر 400 مشروع حكومي في القطاعات الخدمية والتنموية في المحافظة نتيجة الأزمة المالية الراهنة، وبيّن أن توقف المشاريع تسبب بركود اقتصادي كبير وحرمان اكثر من 50 الف عامل من فرص العمل، واوضح قائلاً إن "الحركة الاقتصادية شبه راكدة في محافظة ذي قار نتيجة تأثرها بالأزمة المالية الراهنة التي تمر بها البلاد. مؤكداً: أن فقدان اكثر من 50 ألف عامل لفرص العمل وتأثر سوق العمل ونشاطات اقتصادية مهمة في اقتصاد المحافظة كتجارة المواد الانشائية ومعامل الطابوق وحركة النقل نتيجة الآثار الكبيرة الناجمة عن توقف المشاريع الحكومية.
وأضاف رئيس اللجنة الاقتصادية أن، ذي قار تمتلك فرص عمل مؤجلة في مشاريع كبيرة كمطار الناصرية وشركة نفط ذي قار ومصفى نفط الناصرية والمدينة الصناعية، وهذه اذا ما تم تفعيلها يمكن أن تحرك عجلة الاقتصاد وتوفر فرص عمل كثيرة للخريجين والعاطلين عن العمل.
منوهاً الى أن اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس المحافظة، سبق وأن قدمت دراسة واسعة الى مجلس الوزراء في هذا المجال وشخّصت المعوقات واقترحت الحلول التي تراها مناسبة إلا أن المعالجات مازالت تراوح مكانها.

شلل بالمفاصل
وحول تداعيات الوضع الاقتصادي والعجز المالي، بيّن محافظ ذي قار يحيى الناصري لـ(المدى) أن تداعيات الوضع الاقتصادي الراهن والعجز المالي الذي تمر به المحافظة والبلاد بصورة عامة، أدت الى شلل في العديد من المفاصل والنشاطات الاقتصادية والاجتماعية وانعكست سلباً على مجمل الأوضاع في المجتمع. مبيناً أن "الازمة الاقتصادية ونقص التمويل أثرا بصورة كبيرة على سوق العمل والحركة الاقتصادية، ما شكل ازمة حقيقية انعكست سلباً على مختلف القطاعات الخدمية والتنموية. داعياً مجلس الوزراء والوزارات الاتحادية الى التسريع بمعالجة أزمة المشاريع المتوقفة وتبنى حلول استثنائية لتمويل المشاريع المهمة التي بلغت نسب إنجاز متقدمة.

تحذيرات من انحراف الشباب
بدوره حذر اتحاد رجال الأعمال في ذي قار، من تداعيات مشكلة البطالة على المجتمع ومخاطرها على شريحة الشباب، وقال النائب الاول لرئيس اتحاد رجال اعمال ذي قار المهندس كاظم حسين جابر، إن الاعداد الكبيرة من البطالة أخذت تتسبب بمشاكل اجتماعية كثيرة من خلال تورط العاطلين عن العمل بجرائم السرقة والسطو المسلح واقتحام الدور ومحال الصيرفة وتهديد ومساومة التجار على اموالهم. لافتاً: الى أن الازمة المالية الاخيرة وتوقف المشاريع تسبب بتسريح أكثر من 50 الف عامل من اأعمالهم في الشركات الأهلية والمؤسسات الحكومية وهذا ما انعكس سلباً على مجمل الأوضاع الاقتصادية والأمنية في المحافظة.
وبيّن جابر: أن العاطل عن العمل حينما لا يجد مورداً أو فرصة عمل توفر متطلباته المالية قد يلجأ الى طرق غير مشروعة للحصول على المال وهو ما يقوده الى الانحراف في السلوك الاجتماعي. مشيراً : الى أن الأزمة الاقتصادية أدت أيضاً الى انتحار بعض المقاولين الذين عجزوا عن تسديد ديونهم نتيجة التلكؤ الحكومي بإطلاق مستحقاتهم المالية الخاصة بتنفيذ مراحل عمل بالمشاريع الحكومية التي قررت الحكومة إيقاف العمل فيها نتيجة الأزمة المالية.

انتحار أو إدمان مخدرات
سبق وأن تظاهر العشرات من المقاولين وأصحاب الشركات في محافظة ذي قار، أمام مبنى المحافظة للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية الخاصة بمشاريع عام 2013، وهددوا بالاعتصام في حال عدم الاستجابة لمطالبهم. الخبير الاقتصادي رعد عبد الرزاق الجازع، بيّن ان الازمة المالية الراهنة تركت اثاراً كبيرة على استقرار وامان المجتمع، فالمجتمع الذي يمر بأزمات اقتصادية يعاني من تفشي البطالة وارتفاع معدلات الجريمة، وكذلك من مشاكل نفسية قد تؤدي الى الانتحار أو الانحراف باتجاه تعاطي المخدرات. مشيراً الى لجوء البعض الى استخدام اساليب ملتوية للحصول على المال اللازم لتلبية المتطلبات الحياتية، كالنصب والاحتيال والسرقة والغش في عمليات البيع والشراء.
ودعا الجازع الى استقلال القرار الاقتصادي واعادة بناء المؤسسات الاقتصادية والحكومية باعتماد المهنية والخبرة والكفاءة والنزاهة والأخلاص بالعمل للصالح العام.

ارتفاع معدلات جرائم المخدرات والانتحار
وفي السياق ذاته، أشار قائد شرطة ذي قار اللواء حسن الزيدي، الى أن محافظة ذي قار سجلت خلال عام 2016 ارتفاعاً في جرائم الانتحار والمخدرات مقارنة  بعام 2015 ، مؤكداً ارتفاع جرائم الانتحار بواقع  8 بالمئة وجرائم المخدرات بنسبة  14 بالمئة. موضحاً: أن الجريمة ظاهرة اجتماعية تتأثر بالبيئة والمعطيات المحيطة بها، ونوّه الزيدي: الى أن التحولات والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية التي حصلت خلال الأعوام الماضية، انعكست على كم ونوع الجرائم. مشدداً على ضرورة تبني برامج اقتصادية وتوعوية للحد من انتشار الجريمة، معرباً عن أمله بأن يكون عام 2017 عام مكافحة الجريمة في ذي قار.

تحت مستوى خط الفقر
سبق وأن شهدت محافظة ذي قار خلال الأعوام الأخيرة سلسلة من التظاهرات التي يقودها العاطلون عن العمل للمطالبة بفرص عمل وتوظيفهم بالدوائر الحكومية أو شمولهم بمنحة الحماية الاجتماعية. المواطن ليث حسين (عاطل عن العمل) الى ارتفاع معدلات البطالة في المحافظة الى أعلى من معدلاتها التي كانت تقدر في السابق بأكثر من 40 بالمئة نتيجة الركود الاقتصادي. مبيناً أن، الركود الاقتصادي أسهم كذلك بزيادة اعداد العاطلين والمواطنين الذين يصنفون تحت مستوى خط الفقر، إذ باتت ذي قار تتصدر المحافظات العراقية في هذا المجال.
وأضاف المواطن: إن ادارة محافظة ذي قار تقف شبه عاجزة حالياً امام مشكلة الشباب العاطلين عن العمل ولاسيما بعد توقف المشاريع الحكومية وتسريح الآلاف من عمال الأجور اليومية. ومطالبة: الحكومة الاتحادية بتفعيل قطاع الاستثمار وتوفير المزيد من فرص العمل للعاطلين.