يبدو عنوان(مبدأ طول الذراع ) غير مشوق  استهلالا  للقارئ العام، ولكنه ضروري في هذا المكان لاننا نتحدث عن المبدأ الاساسي والناجح من مبادئ  البث العام للقنوات الاذاعية والتلفزيونية التي تتبع  مؤسسة (البث العام ) مثل نموذج (البي

 يبدو عنوان(مبدأ طول الذراع ) غير مشوق  استهلالا  للقارئ العام، ولكنه ضروري في هذا المكان لاننا نتحدث عن المبدأ الاساسي والناجح من مبادئ  البث العام للقنوات الاذاعية والتلفزيونية التي تتبع  مؤسسة (البث العام ) مثل نموذج (البي بي سي ) البريطانية و(الاي بي سي) الاسترالية و(السي بي سي ) الكندية، وهي المؤسسات الرئيسة في تلك الدول التي تنفذ عملية (البث العام).
 ان المؤسسة الوطنية التي تقوم باعباء البث العام  في الدولة ينبغي ان تتبع مبادئ الحياد والشفافية والصدق في ايراد المعلومة للمشاهدين والمستمعين مع الحرص على عدم اثارة المشكلات التي تفرق المنتفعين العموميين، مشاهدين ومستمعين، مادام حرص مؤسسة البث العام في الدولة على تنفيذ الهدف الاساس من وجودها وهو (كونها أداة طيعة لخدمة الجمهور ) كما يقول تقرير المجلس العالمي للاذاعة والتلفزيونWRTVC عن البث العام.
أن مؤسسة البث العام في الدولة –وضمن حدودها – خاصة بالجماهير المشاهدة والمستمعة وهي تخاطب جميع الناس من منطلق وطني غير منحاز لطرف سياسي او اثني او اجتماعي دون  الاخر.
أن مؤسسة البث العام في الدولة ليست مؤسسة تنفذ مشاريع الدولة الاعلامية والسياسية ولكنها لاتتقاطع معها بالضرورة ,بالإضافة الى ان نشاطات مؤسسة البث العام تتبع حاجات المستفيدين  (مستمعون ومشاهدون ) الذين يهمهم ايصال المعلومة الخبرية بأدق صورة ممكنة  واوضح مكانا وزمانا، ولنقل اسرع زمنا وأدق صيغة تصويرية أو أتصالية .
أن الذي يشوه الخبر العام أو المقابلة التلفازية هو وجود أناس منحازين مسبقا ضد أو مع أي معلومة أو صورة أو صيغة خبرية أو إستقصائية، وبالتالي تضيع على المتلقي  فرصة الحصول على المعلومة الدقيقة التي تشوه  أمامه وبذلك تضيع المصداقية التي هي شرط اساسي من شروط  عمل مؤسسة البث العام .
هنا نسأل عمليا وتاريخيا :
(من الذي ينبغي أن يكون مسؤولاً عن االبث العام؟ وما الصورة التي ينبغي أن يكون عليها تمويله؟ وماهو دورالدولة في هذا الصدد؟) هذا ما يطرحه معدو وثيقة البث العام  المكلفون من قبل المجلس العالمي للاذاعة والتلفزيون الذي اشرنا اليه سابقا، ويجيبون:
( عندما كان الراديو تقنية جديدة من الاتصال غير معروفة وغير منظمة بعد، تطورت ثلاثة نماذج رئيسية عكست المجتمعات التي انتجتها والتي في معظم الحالات لا تزال تحدد تطور البث ونموذج البث التجاري ونموذج البث الذي تسيطر عليه الدولة ونموذج بث الخدمات العامة للجمهور).
أن نموذج (بث الخدمات العامة للجمهور) هو النموذج الافضل اعلاميا بالنسبة للجهة المنتجة التي تدعمها الدولة والمواطن معا لتحقق استقلالية مطلوبة لخدمة مصالح الناس وتحمل مبادئ الشمولية والتنوع والاستقلالية والتميز .
واذا كان البث التجاري الممول من قبل قوى ومؤسسات وشركات واحزاب أمرا معروفا يحدد شروط انتاجه الخاصة طبقا لمصالحه وتوجهاته ونشدان الربحية في بعض تنوعاته، ألا أن البث الممول من قبل الدولة والخاضع لتوجهاتها المباشرة هو بث (مألوف ) في العالم الثالت وفي معظم الدول الافرو آسيوية وهو بث لايتعايش مع رغبات الفرد التائق الى المعلومة الصحيحة لانه يعطي المعلومة الموجهة والممنتجة لصالح الدولة وشروطها السياسية والانمائية .
 ان نموذج البث العام الذي لاتشرف عليه الدولة بل المستقل عنها فعلا تجسده البي بي سي البريطانية والدوتشيفيلا الالمانية وهيئة الاذاعة الكندية ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون السوسرية وسواها من مؤسسات اعلامية للبث العام تتمتع باستقلالية مشهودة ، وتتمتع بحقوق هذا الاستقلال بالحرص على ايصال المعلومة الشفافة الصادقة – ما امكن – والتثقيف والترفيه.
 أن هيئة الاذاعة البريطانية التي تمول من تلخيص الاجهزة المستخدمة من الجمهور تحرص على علاقة طول الذراع بينها وبين توجهات الدولة البريطانية، بمعنى انها لاتخضع لتوجهات الحكومة ولكنها لاتتقاطع معها بالضرورة.
 أن طول الذراع الممتد بين الحكومة ومؤسسة البث العام البريطانية، هو ذلك الطول الذي لا تنقطع عراه ولكنه لايحدد حركة المؤسسة بعيدا عن استقلاليتها عن توجهات الدولة، لانها تتمتع (اقصد البي بي سي) بنوع فائق من الاستقلالية التي قد تزعج الدولة لكنها لاتتقاطع معها.
ان قوة مؤسسات البث العام تتجلى في مصداقيتها واستقلاليتها، وذلك ناجم عن تمويلها من قبل الشعب لا الدولة التي تشرف عليها نظرياً.