TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مراحل الانتقال بين عصري الإنتاج المعرفي والصناعي

مراحل الانتقال بين عصري الإنتاج المعرفي والصناعي

نشر في: 19 فبراير, 2010: 04:28 م

عبد المجيد حسن شياعمن الصعوبة التنبؤ حاليا بمستقبل الثقافة في أي مجتمع من مجتمعاتنا المختلفة ، بعكس ماكان عليه الوضع في عهد ليس بالبعيد منا، نظرا لسرعة التغييرات التكنولوجية والعلمية، ولكثافة الاتصالات بين الثقافات والشعوب على اختلافها، والتأثير الثقافي المتبادل عليها، وبفضل قوة وفاعلية الإعلام الحديث في عهدنا الحالي وتنوع أساليبه ووسائله وقدرته على الدخول والتسلل إلى أعماق الأذهان ،
وزيادة حجم الحركة السكانية والبشرية عبر الحدود الجغرافية والسياسية ، لذلك فمستقبلنا الثقافي على كوكب الأرض منعدم الصلة بالحاضر الثقافي فضلا عن الماضي الثقافي أيضا ، وان نوعا من المجهول بمستقبل الثقافة وماسوف تتمخض عنه التغييرات والعلاقات المستجدة ، سوف يؤثر وبشكل قوي في نوعية الثقافة سواءا على المستوى العالمي أم المحلي ، وهذا المجهول يثير شكوك الكثيرين حول إمكانية وضع سياسة ثقافية يمكن الالتزام بها لمدة طويلة ، وان وضعها المستقبلي لن يخرج عن ثلاثة احتمالات وهي أما أن تمر الثقافة بوجه عام بحالة من الفوضى والاضطراب بسبب عدم وضوح الرؤية والتداخلات الثقافية ، وأما أن تتصادم تقاليد الماضي مع المستجدات التي سوف تحدث بالحاضر والمستقبل ، بحيث يصعب التوفيق بينها ويحدث فصل أو انقطاع في الأحداث الثقافية على المستويين المحلي والعالمي ، وأما أن تتصارع الحضارات بكل ماقد يترتب على ذلك الصراع من حروب ثقافية وما يترتب على تلك الحروب من نتائج سلبية ، والتي ستنعكس على طبيعة علاقاتها مع شعوب العالم فيما بينها ، ولذلك فمن المؤكد هو كيف ستكون عليه طبيعة ثقافة الغد وهذا ليس واضحا تماما لدينا ، على الرغم من كثرة الحديث فيما بيننا حول هذا الموضوع ، وكذلك وجود الكثير من الحركات التي تعمل من اجل التوصل إلى تصور متكامل حول مستقبلنا الثقافي الجديد والمتميز لدينا ، والذي له مقوماته وخصائصه ومفرداته وتصوره عن عالم الغد ، وليس من الضروري أن تكون تلك الحركات حبيسة الماضي أو خاضعة لتأثيراته ، ولكن اهتمامها الأول هو الوصول إلى صيغ جديدة للخطاب السياسي والثقافي والاجتماعي ، والبحث عن أنماط أخرى من قيمنا الثقافية تساعدنا على إقرار التوازن بين مكونات الحياة الاجتماعية وعلى مستوى العالمين العربي والغربي ، واحترام خصوصيات الفرد وفي جميع نشاطات الحياة . إن كل المجتمعات في العالم تمر الآن بمرحلة من التحول ، والذي يتمثل في الانتقال من عصر يعتمد على الإنتاج الصناعي ، إلى عصر يقوم على إنتاج المعرفة وكل مايحتاجه الوجود البشري في وقتنا الحاضر ، وان عصر الثقافة والمعرفة هذا سوف يطلق سراح القدرات البشرية وفي كافة المجالات ، وفي نفس الوقت سيساعد ذاته على التفاهم والتقارب بين الشعوب فيما بينها ، وان مجرد الحديث عن وجود أو قيام  ) ثقافة كوكبية موحدة ) ، سوف يقتضي الاعتماد على المنهج التكاملي والنظرة الشاملة التي ستحيط بكل مظاهر الحياة السريعة التغيير ، وهذا يحتاج إلى سنوات من البحث المركز والجاد ، وثمة محاولات أجريت في هذا المجال ، كما هو الشأن بالنسبة للمشروع الذي قام به ويشرف عليه حاليا العالم الأمريكي  (( ميكائيل مازار )) ، والذي كان مقدرا لإجرائه خلال عشر سنوات ، وقد أسفر هذا المشروع حتى الآن عن ظهور عدد من التطورات حول السياسات الثقافية الكوكبية التي من المحتمل أن تفرض نفسها خلال السنوات القليلة القادمة ، كما إن عالم الاجتماع الألماني (( بيتر دروكر )) ، كان قد كتب في عام (( 1993م )) في احد كتبه يقول : ) في كل بضع مئات من السنين من تاريخ العالم يطرأ تحول عنيف في حياة الإنسان ، وخلال عدد قليل من العقود سوف يعيد المجتمع تنظيم نفسه من حيث نظرته المستقبلية المعرفية عن العالم وبنائه الاجتماعي والسياسي وفنونه ونظمه الأساسية ، وبعد خمسين عاما من هذا التنظيم يكون هناك عالم جديد مختلف تماما ) .ويسود الاعتقاد في كثير من الأوساط الثقافية في العالم ، بان ( ثقافة الغد الكوكبية ) إذا قامت ، سوف تعتمد أساسا على التجريب في كثير من المجالات ، وسوف يطرأ عليها الطابع العلمي وتكون في نفس الوقت متعددة الجوانب ، بحيث تضم تخصصات عديدة ، وهذا سوف يؤدي إلى أبعاد كثيرة ومعقدة ، وتتطلب الإحاطة بها نظرة شمولية وواعية حتى يمكنها التعامل مع الأوضاع الجديدة وبكل أشكالها . وليس من شك ، في إن هذه الثقافة الكوكبية المنشودة ، أيا ماكان جوهرها ومقوماتها ، والتي لم يتم الاتفاق عليها حتى الآن ، والتي ستحدد أوضاعها ومواصفاتها العامة والظروف الخاصة بها ، وسوف يتسارع نموها وظهورها وانتشارها وسيطرتها نتيجة  لتقدم تكنولوجيا الاتصالات ، ومع ذلك فأي محاولة لتحديد الخطوط المهمة لتلك الثقافة الكوكبية لن تفلح أبدا إلا إذا سبقتها دراسات مركزة ذات أبعاد مستقبلية ، وتتم على قواعد وأسس منهجية سليمة ، وفي نفس الوقت تأخذ باعتبارها الرؤية العامة لكافة شعوب العالم في أوضاعهم الثقافية الحالية كلها ، وما تتوقعه تلك الشعوب حول الصورة النهائية التي سوف تنتهي إليها الأمور وحول تطور تلك الأوضاع ذاتها ، والصورة المثالية التي ستكون عليها تلك الصيغ الثقافية في المستقبل ، لذلك فواقعنا الحالي يجب أن يكون مهما لاستشراق المستقبل ، والاهم من كل هذا هو رغبات عامة الناس وفي مختلف المجتمعات ورؤيتهم الثقافية ، والى أي ح

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram