TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السكك الحديد أجدى من المطارات

السكك الحديد أجدى من المطارات

نشر في: 7 مايو, 2017: 05:42 م

adnan.h@almadapaper.net

ليس واضحاً تماماً السرّ الكامن وراء هذه الموجة من إنشاء المزيد من المطارات في المحافظات، فيما تُهمل قطاعات رئيسة في النقل كالسكك الحديد .. هل هو مجرد تلبية لحاجة تفرض نفسها أم أن وراء الأكمة ما وراءها من مطامح ومطامع بمغانم شخصية وحزبية، كما هو الحاصل في سائر القطاعات الاقتصادية والخدمية؟
ما عاد السفر بالجو ترفاً، لكنّ التركيز على السفر الجوي على حساب خدمات النقل الأخرى ليس بالأمر المفهوم.
يرجع تاريخ السكك الحديد والنقل بالقطارات في العراق إلى أكثر من مئة سنة، فالقطار جاء مع المحتلين البريطانيين الذين دخلوا في العام 1914. قبلها كانت هناك خدمة ترامواي في بغداد يعود تاريخها إلى عهد الوالي العثماني مدحت باشا (1869 – 1872)، بيد أن خدمات السكة الحديد اليوم هي في أدنى مستوياتها وأسوأ أحوالها.
كان القطار في العراق وسيلة رئيسة لنقل الركاب والبضائع (النفط والحبوب والتمور وسواها، فضلاً عن المستوردات بكل أصنافها) بين جنوب العراق ووسطه وبين هذا وشماله، بل كانت هذه الخدمة عابرة للحدود... فما هي الحال اليوم؟
أمس دخلتُ إلى الموقع الالكتروني للشركة العامة للسكك الحديد، فوجدتُ فيه معلومات قديمة عن جدول حركة القطارات. آخر جدول يعود إلى ما قبل شهرين (السابع من آذار/ مارس الماضي)، يتبيّن منه أن هناك قطارين للركاب يعملان بين بغداد والبصرة. وفي معلومات أخرى يظهر أن عدد المسافرين يوم 25 الشهر الماضي كان 561 مسافراً ارتفع في اليوم التالي إلى 750 مسافراً لكنه هبط في الأول من الشهر الحالي إلى 296 مسافراً فقط.
على الطرق البرية "السريعة" بين المحافظات و"البطيئة" داخل كل محافظة، يلحظ المسافر مئات الشاحنات الكبيرة المتوقّفة عادة عند نقاط التفتيش تنوء بأحمالها المفرطة التي ساهمت في تخريب هذه الطرق.
في الاسابيع الأخيرة كثُر النشر عمّا يتعرض له سائقو هذه الشاحنات من عمليات ابتزاز في نقاط التفتيش وعند المنافذ الحدودية وبين هذه وتلك، ويضطرّ السائقون وأصحاب الشركات إلى دفع الاموال في سبيل عدم حجز الشاحنات ببضائعها أياماً وأسابيع.
الطرق المُخرّبة التي تسير عليها هذه الشاحنات تتسبّب في تلف سيارات النقل الصغيرة، ما يؤدي إلى شراء كميات هائلة من الادوات الاحتياطية، بمئات ملايين الدولارات سنوياً.
باختصار إنه نزيف قوي لدم الاقتصاد الوطني لا يدانيه غير النزيف الناجم عن عمليات غسل الأموال وتهريبها الجارية على قدم وساق في هذي البلاد.
وزارة النقل مهتمة كثيراً هذه الايام بانشاء مطارات في المحافظات، بما فيها مطارات مائية (!)، كما نُشر في الايام الاخيرة.
تحديث شبكة السكك الحديد وتوسيعها والاستثمار فيها أكثر أهمية من الاستثمار في المطارات المحلية. إذا كان لدى وزارة النقل فائض من النقد السائل فلتوجهه إلى هذا القطاع ذي الجدوى الاقتصادية والاجتماعية العالية، فضلاً عن قطاع النقل البرّي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram