يقدر أحد الخبراء القانونيين عدد العراقيين الذين تم حجزهم خلال سنة واحدة باكثرمن مائة وخمسين الفاً ، كما يصرح بأن من يتم الحكم عليهم باحكام جزائية لايزيدون في مجمل الاحوال عن عشرة آلاف شخص مايعني سوء استخدام الحق العقابي ، واذا علمنا ان الدستور العراقي يعتبر حجز الحرية الشخصية من أشد العقوبات التي تطبق على الانسان بعد عقوبة انهاء الحياة بالتأكيد ، فسوف ندرك مما سبق ذكره ان القانون العراقي يوقع اقصى العقوبات بحق المواطن العراقي سواء كان متهما أو بريئا ، فقد ساد شعور لدى المواطنين منذ عقود طويلة بأن لاأحد يأمن على نفسه من خطر الاحتجاز بأية ذريعة ، ومايعقب ذلك هو الاسوأ فالبعض يقضي شهورا وربما سنوات في مراكز التوقيف قبل أن تعرض أوراقه على قاضي التحقيق ، وخلال تلك الفترة لايتكهن أحد بمدى القهروالأذى الذي يتعرض له الموقوف رغم ان اغلب الموقوفين يفرج عنهم فيما بعد لبراءتهم أما من تهم كيدية او لعدم وجود تهمة أصلا اذ تحدث الاعتقالات أحيانا ----بشكل عشوائي أو لوجود اشتباه في الاسماء على سبيل المثال ..
في كل الاحوال ، يدرك المواطن العراقي في قرارة نفسه ان الحجز والحبس يحصل غالبا في العراق لاسباب سلطوية بحتة ، فالسلطة القوية في مفهومنا تعني ارهاب الفرد وجعله متوجسا على الدوام من الوقوع في المحظور ودخول اقبيتها التي لايخرج منها بسهولة ويكون معرضاً فيها لتذوق اصناف التعذيب والاهانة أو الخضوع لمساومات وابتزازات يدفع فيها مبالغ كبيرة لشراء حريته التي اغتيلت فجأة رغم براءته من ارتكاب ذنب ما ..
ذنب آخر يمكن أن يحاسب عليه العراقي ويسجن ويضرب حتى الموت هو التسكع وعدم حمله هوية شخصية وهو ذنب كبير فعلا فيما لو كان سلوك المواطن يثير الشك ولم يتمكن من اثبات هويته لكن اثبات الهوية او حتى التشابه في الأسماء لم يعد صعبا في زمن التكنولوجيا فالحاسبات تختزن جميع المعلومات ، لكن السؤال والاستفسار والتحقق من المعلومات بطريقة حضارية وقانونية لا يلبي شغف رجال السلطة باخضاع المواطن لسلطتهم واخافته ، وإذن فلابد من ترك آثار على جسده او نفسيته لكي لاينساهم فيما لو خرج سالما من سجونهم ، لأجل هذا ربما خضع الصبي حسين مازن من اهالي الديوانية الى الحجز والحبس في محافظة كربلاء التي زارها مع اصدقائه ليصبح ضحية لبعض رجال شرطتها الذين لم يحتملوا كونه (يتسكع ) مع اصدقائه ولايحملون هويات شخصية رغم وصول معلومات أكيدة بحملهم تلك الهويات .. وهكذا تعرض حسين واصدقائه الى الضرب المبرح الذي أودى بحياة الصبي بعد عدة ركلات من ضابط التحقيق ب(البسطال ) على وجهه ...ومازالت القضية تتشعب وتحمل تبريرات عديدة وتدخلات من جهات مختلفة حكومية ودينية وقد يعاقب مرتكبو الجريمة بعد تحولها الى قضية رأي عام لكن النتيجة تبقى واحدة ...على المواطن العراقي أن يحسب ألف حساب لتلك اللحظة التي يقع فيها بين أيدي رجال السلطة حتى لو كان بريئا ، فلن ينفعه دستوره بشيء !!
متى ينفعنا دستورنا ؟
[post-views]
نشر في: 8 مايو, 2017: 09:01 م