برقيات الجيل السابق من العراقيين لاخبار معارفهم او ذويهم باحداث عائلية مهمة قبل دخول تكنولوجيا الاتصالات وفي زمن الاعتماد على ساعي البريد ، كانت مختصرة قليلة المفردات ومختزلة الى حد كبير لتفادي دفع تكاليف اكثر، علما ان السعر لا يتجاوز عدة دراهم ، والمبلغ ربما يكون كبيرا، ولذلك اضطر احدهم الى اختصار برقيته الموجهة الى اهله (فرس محطة حسين يركب) ومضمونها يكشف عن الطلب بتوفير فرس له حينما يصل الى محطة القطار في اليوم التالي ليضمن وصوله الى قريته.
إياد علاوي زعيم الكتلة الوطنية تلقى سيلا من الانتقادات لاستخدامه مفردة " ما اعرف " في معرض اجابته على أسئلة تتعلق بالكشف عن موقفه تجاه الازمات والاحداث ، والرجل يرغب في اختزال المستجدات في الساحتين الإقليمية والمحلية ، لأنها تخضع لمتغيرات متسارعة بين ليلة وضحاها ، فهو لا يريد الخوض في تفاصيلها ، لكنه يحرص دائما على تبني المشروع الوطني كما اعلن في اكثر من مناسبة ، لعله ينقذ العراق من ازماته السياسية المزمنة .
على طريقة اياد علاوي في اختزال الأوضاع بجملة مفيدة ، هناك من اعتمد شعار " نعم للتغيير " بوصفه برقية موجهة للعراقيين تحثهم على المشاركة في الانتخابات المقبلة ، في وقت لم تصل الفرس الى محطة المفوضية ، لوجود شد وجذب ورغبة جميع الكتل النيابية في ان تكون المفوضية الجديدة مستقلة جدا غير خاضعة لهيمنة تسعة أحزاب عراقية تدير العملية السياسية جعلت الناخبين يغسلون أيديهم بسبعة " شطوط" من "العكس" واحيانا من الكتف للتعبير عن الإحباط والندم للأدلاء بأصواتهم لصالح قوائم خذلتهم وتاجرت بمعاناتهم .
المشهد العراقي صاحب العلامة الفارقة المتمثلة بالاضطراب على المستويات كافة ، يشهد على الدوام تصريحات لمسؤولين ، تؤكد ان تدهور الملف الامني يعود الى الخلاف السياسي ،فيفسر المسؤول الماء بعد الجهد بالماء ، وفي اغلب الأحيان يتهم دولا خارجية بالوقوف وراء دعم وتشجيع المجاميع الارهابية ، ويتناسى الاشارة الى سوء ادارة الملف الأمني ، وتشخيص مواطن الخلل في الجهد الاستخباري ، واستنادا الى معادلة بسط الأمن بإنهاء الخلاف السياسي ، تبرز حقيقة واحدة يدركها جميع العراقيين، بان امنهم هو الاستحقاق الاهم ، وتلك برقيتهم الموجهة الى الزعماء السياسيين كافة ، وهي برقية ذات دلالة واضحة ، مفهومة ومعروفة مثل" عين الشمس".
الاشقاء المصريون باستخدامهم مفردة بـ "المشمش" يختزلون سخريتهم من وعود وادعاءات المسؤولين . اما الممثل الراحل يوسف وهبي ، فعرف عنه انه في الكثير من ادواره التمثيلية كان يستخدم لازمته الشهيرة "يا للهول" حين يعترض او يبدي استياءه من موقف ما ، حتى انتقلت اللازمة الى الجمهور فأصبحت ماركة مسجلة باسم صاحبها، مع منح حق قولها لمن يرغب في التعبير عن ردود افعاله تجاه قضايا عامة او خاصة .
المثلث الشيعي السني الكردي اختزل العملية السياسية في العراق ، لكن اطرافه حتى هذه اللحظة لم تصل الى اتفاق لحسم خلافاتها بل تشعبت وتعقدت ، حتى اصبح مثل مثلث برمودا ، فشل العلماء في كشف اسراره ، وقال كبيرهم والله ما اعرف .
مثلث برمودا العراقي
[post-views]
نشر في: 8 مايو, 2017: 09:01 م