هاهو وليد آخر لأسرة الفساد الكروي في العالم يحتضِر، ويُشارف على الزوال والالتحاق بقائمة طويلة من مظاهر القهر الانساني للعبة الشعوب التي استغلها المنتفعون بصورة بشعة ليمارسوا الابتزاز والمساومة والتآمر على الكرة العراقية منذ 37 عاماً بتواطؤ من إخوة قابلوا تضحياتنا بالدماء وصدورنا عارية تواجه الموت بطعون في ظهورنا على مذبح التصويت تحت قبّة الفيفا خلال حقبتي الدمار والحصار.
مهلاً.. لا تغالوا بطقوس الفرح، دعوا كل شيء لأوانه، فالمحنة لم تنته بعد، وانقلاب السياسات الخارجية التي منحتنا أملاً جديداً باختبار جديتنا على انجاح التباري الدولي في أرضنا ووسط جمهورنا لثلاثة أشهر ربما لا يعني انقلاباً جذرياً على مظاهر الظلم والتعسّف والكيل بمكيالين، فلابد من ضبط النفوس واتخاذ أعلى درجات الحذر لئلا تنسف الغفلة عن خطأ كل جهودنا ونعاود الرحلات المكوكية طلباً لاختبار جديد.
نشدّ على يدي وزير الشباب والرياضة ورئيس اتحاد كرة القدم والجهود المساندة لهما سواءٌ خلال الأيام الاخيرة في العاصمة البحرينية المنامة أم الاشهر السابقة التي أثمرت عن قرار المكتب التنفيذي للفيفا برفع الحظر الجزئي، وتقدَّمنا لهم بالتهنئة الحارة المستحقّة، لكن التهليل المُبالغ وبيانات الانتصار وصور السيلفي مع رجل الكرة الأول جياني انفانتينو، كتعبير عن ضخامة ما حدث كما يتصوّر البعض، فهذا الأمر غير مقبول ولقي استهجاناً من شخصيات خبرتها الأيام بالحكمة والتعقّل والرؤية الثاقبة لمواقف أقوى من حصاد المنامة، لذا الهدوء مطلوب، وحذرنا ينبغي أن يبدأ من داخل مقر اجتماعات تنفيذي الفيفا أمس الأول الثلاثاء، وجمعيته العمومية صباح اليوم الخميس ولن نتخلى عنه.
أنسوا كل ما مضى، المهمة الحقيقية ستبدأ بعد عودة الوفد الرسمي، وتذكّروا أن نجاح الاختبار أو فشله بأيديكم، ولن يرحمكم أحد إذا ما انشغلتم في أحاديث الفخر والزهو وانتهت المدة المحددة على غير ما يأمله الفيفا وفق التقارير والصور والأحداث المصاحبة لتنظيم المباريات الدولية الوديّة، فالتخطيط المشترك بين ممثل عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية واتحاد كرة القدم، يجب أن يكون بأعلى مستوى من الطرح والمبادرة والنقاش وتذليل أية مشكلة، والأهم أن يتحلى الجميع بروحية واحدة في القرار والتصرّف، على أن تترك الحرية للجان اتحاد الكرة العمل من دون قيود وزارية تجنّباً لأيّ احتكاك سلبي ينجم عن تقاطع أو تهوّر ربما يتكّفلهما من في قلبه مرض أو غرض سيئ ولا يروق له أن تدبّ الحيوية الكروية الدولية على أرض الرافدين!
ستكون جميع المباريات المحلية والآسيوية والدولية "الوديّة" تحت مرصاد الفيفا، وهي فرصة لجذب اصحاب الشأن من خبراء في التنظيم والنقل التلفازي وأمن الملاعب على غرار استعدادات اللجنة المحلية لتنظيم مونديال السيدات تحت 17 عاماً في الأردن تشرين الأول 2016، يُبرم معهم عقود عمل استثنائية للمدّة المذكورة شريطة إبعاد كل من يثبت عدم تخصّصه في مجال العمل المطلوب لاسيما أعضاء اللجان التي شكّلها اتحاد الكرة منذ انبثاقه عام 2014 بعلاقات تزكّي ابن العم والصديق وليس الكفء والمخلص، فقضية رفع الحظر النهائي أهم من جميع العناوين والمناصب ومزايا المواقع، بل يجب أن تكون منذ الآن، ضمن أولوية الحكومة التي لم يشغلها الملف الرياضي برغم تداعياته الخطيرة وربما تفتحه حال حسم الحرب في الموصل واستقرار البلد اقتصادياً، لكون الحظر حرباً أيضاً ضد مافيا الفساد الدولي الذي كلّف العراق ملايين الدولارات لتأمين التزام منتخباته وأنديته في أجندة الفيفا والآسيوي منذ عشرات السنين بينما الشعب أحوج لهذه الأموال في جميع القطاعات.
وإذا ما حمّلنا المسؤولين مهمة انجاح الاختبار الحذِر للمباريات الوديّة في الأشهر المقبلة، فدور الإعلام الرياضي لا يقل خطورة ومسؤولية عن أية مفاصل مشتركة في ملف الحظر الدولي، لابد أن يكون هناك منهج يراعي مصلحة الرياضة، ولا نعني طمر الحقيقة عن عمل سلبي أو فساد بائن، كلا، نأمل التخلص من تهويل الأحداث ويمكن التعامل معها بعيداً عن الإثارة على حساب سمعة اللعبة وحاجتها للاستقرار لكسب التقييم المنصف من الفيفا تأهباً لقراره النهائي بحفظ ملف الحظر برسم سلامة الملاعب العراقية.
قرار الفيفا أولوية حكومية
[post-views]
نشر في: 10 مايو, 2017: 06:08 م