اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الرفيق "طراك ثجيل"

الرفيق "طراك ثجيل"

نشر في: 12 مايو, 2017: 09:01 م

في سنوات  استقرار الأوضاع السياسية النسبية في العراق  كان الانتماء الى أي تنظيم  لا يتطلب شروطا تعجيزية  "الايمان بالمبادئ"  يمنح  الراغبين في خوض معترك العمل الحزبي  الانضمام  الى الحزب مع تعهد بدفع  بدل الاشتراك  الشهري بموعد ثابت ،  لا يخضع   للتقسيط  المريح  بكل الأحوال ، فمالية التنظيم خاوية في اغلب الأحيان  ،  وقد تتعرض الى  مغامرة  قيادي " يهرب بالدخل "   فتتحمل القاعدة  أي الرفاق الصغار  أعباء توفير  التعويض لتغطية نفقات  التنظيم لحين  استعادة عافيته المالية .
 مَن جرب العمل الحزبي من الجيل السابق  تحتفظ  ذاكرته بأحداث وشواهد لا تخلو من طرافة  ومنها ان احدهم  كان مدرسا للتاريخ في احدى مدارس بغداد ،  ابدى رغبته في تشكيل  تنظيم سياسي ففاتح طلابه وزبائن "مقهى الطرف" للانتماء لحزبه، استجاب له الكثيرون فعقد المؤتمر التأسيسي في منزله، بعد تناول العشاء ألقى محاضرة تناولت اهداف الحزب ومشروعه المستقبلي، طلب من الرفاق الالتزام بسرية العمل والاستعداد لخوض المعترك النضالي، بعد اسبوع من تأسيس الحزب طلب القائد المؤسس من الرفاق جمع الاشتراكات، فكانت حصيلة مالية الحزب ثلاثة دراهم، فدعا الى عقد اجتماع استثنائي للبحث عن مصادر تمويل أخرى. الرفاق كانوا يعانون  الإفلاس المزمن  فشلوا في تعظيم موارد تنظيمهم ، لكن القائد المؤسس وزع المالية بين الأعضاء على حد الفلس .
 عندما أصبحت الأحزاب  الطريق الوحيد للحصول على وظيفة حكومية  او في الشرطة المحلية او جهاز الامن ، المهاجر من الريف الى المدينة طراك ثجيل   استجاب لإلحاح ووالدته بالتحرك  على احد اقربائه  وكان مسؤولا حزبيا  لضمه الى الحزب الحاكم  ثم الحصول  على  تعيين في احدى الدوائر الرسمية . ابدى المسؤول استعداده لضم طراك الى التنظيم  لكن بعد تقديم معاملة الى دائرة الأحوال  المدنية لتغيير اسمه  واختيار آخر يليق بسمعة الحزب ، فليس من المعقول  اطلاقا ، إلحاق مفردة رفيق  بطراك ثجيل ، فتبدو الجملة  شتيمة  تخدم أعداء  الحزب والثورة .
حصل  طراك ثجيل على  اسم سعيد ، حملته  هوية الأحوال المدنية ، فتخلص من لعنة  رافقته  منذ  صغره  الى يوم حصوله على صفة  الرفيق ،  الرجل  سخر موهبته في نظم  الاهازيج  ونبرة صوته العالية فتولى مسؤولية قيادة التظاهرات  الجماهيرية المنددة  بالعدو  الصهيوني .
 حقق الرفيق سعيد  طراك سابقا  تقدما في  عمله السياسي فنال ثقة مسؤوليه  ، ارتدى   البدلة السفاري ثم الزيتوني ، انتقل من مدينة الى أخرى ثم استقر في احد الاحياء الشعبية في العاصمة بغداد مسؤولا حزبيا عن منطقة بكاملها  .  في احد الأيام  قاده حظه العاثر  للمشاركة في ندوة  انت تسأل والحزب يجيب ، بعد التعريف بالرفاق المسؤولين طرح الحاضرون اسئلتهم ،  الأجوبة جاهزة  لدى الرفيق  سعيد متصدر المنصة .
من الخطوط الخلفية تقدم  باتجاه المنصة رجل كبير السن  طرح سؤالا خارج السياق اثار  استغراب الحاضرين  " عمي انت موش طراك  ابن زاير ثجيل ألف  رحمه على روحه ؟ ليش  بدلت اسمك يا بعد عمي؟
 عشرات السنين مرت على طرح ذلك السؤال ،مع احتمال تكراره على الرغم من التحول الجذري في حياة الرفيق طراك،  وانضمامه الى جهة تؤمن باستخدام أسلحة الاختطاف الشامل لإثبات حضورها في المشهد السياسي . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram