أظهرت بيانات للبنك المركزي العراقي الاسبوع الماضي، بشأن نتائج عمل نافذة بيع العملة الاجنبية (الدولار)، أن المصارف الاجنبية استحوذت على الحصة الأكبر، وأن مصرف ابو ظبي الاسلامي حول خلال اربعة ايام مبلغ 58.3 مليون دولار الى خارج العراق، الأمر الذي
أظهرت بيانات للبنك المركزي العراقي الاسبوع الماضي، بشأن نتائج عمل نافذة بيع العملة الاجنبية (الدولار)، أن المصارف الاجنبية استحوذت على الحصة الأكبر، وأن مصرف ابو ظبي الاسلامي حول خلال اربعة ايام مبلغ 58.3 مليون دولار الى خارج العراق، الأمر الذي رأى فيه مصرفيون تمييزاً في تعامل البنك المركزي لصالح المصارف الاجنبية على حساب المحلية دون وجه حق، فيما انتقد خبراء هذا الطرح مؤكدين أن، لا قدرة لأيّ مصرف بفرض سيطرته على نافذة العملة سواء أكان اجنبياً أم محلياً، لكنهم يقرون بأن اداء المصارف الاجنبية في العراق ينطوي على مشاكل لجهة تقديم الائتمانات والقروض للشركات المحلية وحتى للمواطنين، ويرى آخرون أن قانون المصارف العراقي لا يتضمن احكاماً تحاسب المصارف الاجنبية، الأمر الذي يتيح لها اصطياد اللقمة التي تشبعها بشكل افضل ومنها نافذة بيع العملة.
مصدر اقتصادي مطلع، طلب عدم الكشف عن اسمه، يقول في حديث لـ(المدى): المصارف الاجنبية تسيطر اليوم على نافذة بيع العملة في البنك المركزي، بعدما كانت تسيطر على مزاد المصارف العراقية، مشيراً الى أن، تحويل مصرف ابو ظبي الاسلامي خلال اربعة ايام مبلغ 58.3 مليون دولار الى خارج العراق، يعني أن هذا المصرف يجري يومياً تحويلات بقيمة ١٤-١٧ مليون دولار من خلال المزاد، وكل دولار واحد يربح عليه ١٠ دنانير، على الرغم من أن المصارف الاجنبية بما فيها مصرف ابو ظبي لا تقدم قروضاً للمواطنين.
وكان عدد من المصرفيين قد دعوا في وقت سابق الى وضع معايير اكثر شفافية تحد من استحواذ المصارف الاجنبية على الحصص الأكبر، في وقت أعلنت رابطة الشفافية في العراق، في تقرير لها، اِن "هناك تعامُلاً مميزاً بغير وجه حق، يعطى لفروع المصارف الأجنبية العاملة في العراق تسهيلات في سوق مزادِ العملة على حساب المصارف الوطنية.
وينتقد الخبير الاقتصادي احمد بريهي من يتحدث عن أن المصارف الاجنبية تفرض سيطرتها على نافذة العملة في البنك المركزي، معتبراً أنه: كلام غير صحيح، فلا يوجد مصرف سواء أكان اجنبياً أم محلياً يستطيع أن يفرض سيطرته على مزاد العملة أبداً، كما أن المركزي لا يميّز بين المصارف في التعامل مع نافذة العملة، والعملية تتم حسب التعليمات التي تشمل جميع المصارف، وبالتالي هو لم يميز بين المصارف كما يقول البعض. ويضيف: اما من ناحية اداء المصارف الاجنبية في العراق من جهة تقديم الائتمانات والقروض للشركات المحلية وحتى المواطنين وغيرها، فهذه بها مشكلة وهو ما يؤسف له، والامر يحتاج الى معالجات تفصيلية كون الأمر يتصل ببيئة الأعمال في العراق وهي قضية أخرى.
وبخصوص الخشية من امكانية تمويل الارهاب في الداخل من خلال هذه المصارف يقول بريهي: نحن نتابع التدفقات الداخلة للعراق وليست الاموال الخارجة منه، وعلى من يتحدث عن ضرورة وجود شفافية وبأن هناك تمييزاً في التعامل لصالح المصارف الاجنبية أن يتحدث عن المعايير التي يطرحها، متسائلاً: لماذا لا يتكلمون صراحة عن مقترحاتهم بهذا الشأن وهل هم مطلعون على تعليمات البنك المركزي بشأن نافذة العملة ولديهم فهم لها.؟ لأن عليهم أولاً فهم تعليمات المركزي بهذا الشأن ليتحدثوا فيما بعد عن معايير يرونها مناسبة، كون الكلام العام لا يجدي نفعاً، بل حتى ما ينشر في الصحف عن البنك المركزي هو عبارة عن بيانات مأخوذة من موقعه فكيف يتهم بعدم الشفافية؟ واذا كانت لدى من ينتقد معايير أخرى يجب طرحها بكلام محدد يفهمه الموظف الموجود في البنك المركزي من المحاسب الى القانوني الى موظف التحويلات الخارجية ومن يعمل بالالكترونيات المصرفية، لأنه بالنتيجة حتى المسؤول سيحول المقترحات الى هؤلاء الموظفين لدراستها وتقييمها.
ويواصل بريهي قائلاً: أن فروع المصارف الاجنبية لا تحصل على تمييز من البنك المركزي أبداً، حتى في قضية تحديد رأس المال، وهنا عندما نتكلم عن فرع فهو لا يكون له رأس مال، لكن البنك المركزي يطلب ايداع مبلغ من فروع المصارف الاجنبية فقط للتحوط، أما الفرع عادة لا يكون له رأس مال، لأن رأس المال يكون للشركة المصرفية وليس للفرع، فإذا كان للفرع رأس مال كيف نطلق عليه تسمية فرع وليس مصرفاً، وهل يكون لفرع يفتح لمصرف عراقي في الخارج رأس مال بالتأكيد الجواب سيكون كلا.
ويقول الخبير باسم انطوان، إن المصارف الاجنبية من حقها أن تحصل على كل الامتيازات التي تحصل عليها المصارف المحلية، وبطبيعة الحال فإن المصارف الاجنبية تمارس النشاطات التي تحقق لها ربحية، ونشاطات أخرى لا تدخل بها كخطابات الضمان والكفالات وأمور أخرى، كما لا يوجد قانون يجبر هذه المصارف على ممارسة كل النشاطات، فالمصرف هو مؤسسة تجارية تفكر في الربح وتتوجه نحو النشاطات التي تحقق لها ارباحاً، ويمكن للبنك المركزي أن يعطي اشارات لتلك المصارف بضرورة ممارسة كل النشاطات أسوة بالمصارف الوطنية لكنه لا يستطيع إجبارها.
ويواصل انطوان في حديث لـ (المدى)، أن سياسة البنك المركزي هي السعي لاستقطاب رؤوس اموال ومصارف اجنبية للعمل في العراق، حيث ان المصارف اللبنانية اخذت الحصة الاكبر، وهنا يجب ان تكون هناك متابعة ومحاسبة وأن يعامل المصرف الاجنبي كما يعامل المصرف العراقي وفق قانون واحد هو قانون المصارف بكل شيء سواء برأس المال والاستثمارات والقروض وخطابات الضمان، لكن ومما يبدو أن القانون ليس به فقرات تحاسبهم على هذه النشاطات، بالتالي هم يتصيدون اللقمة السمينة التي تشبعهم بشكل افضل، مؤكداً في سياق حديثه: اننا عندما نقارن بين السوق الموازية الخارجية مع سعر البنك فهو اكثر من 60 الى 70 ديناراً للدولار الواحد وهذا مبلغ كبير، وعلى الرغم من ملاحظاتنا على بيع العملة أنه يجب أن يراقب ويقنن، وهو أن يبيع الدولار مباشرة الى المستوردين الحقيقيين من الصناعيين وغيرهم، حتى لا يستباح الدولار لسلع وبضائع، كما يجب أن يكون هناك منهاج استيراد يحدد ماهي السلع التي يحول لها المبلغ ومن هي التي لا يحول لها، جازماً أن فقدان منهاج الاستيراد يجعل مزاد العملة اداة غير فعّالة لاستيراد سلع وبضائع وبأسعار غير معلومة وقد يستخدم لتمويل الارهاب من بعض مكاتب الصيرفة.