TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا "العراقيّة" متردِّدة؟

لماذا "العراقيّة" متردِّدة؟

نشر في: 15 مايو, 2017: 05:10 م

adnan.h@almadapaper.net

عن قضية الشبان السبعة المدنيين المخطوفين قبل أيام في بغداد، كرّست قناة "الحرّة عراق"، مساء السبت الماضي، الفقرة الرئيسة من برنامجها الأُسبوعي "سبعة أيام" الذي يقدّمه الزميل ناصر طه.
تابعتُ البرنامج باهتمام، وبالذات فقرته هذه .. طوال الوقت كنتُ أتساءل مع نفسي: ما الذي يمنع قناة "العراقية" أن تقدّم هذا الموضوع وسواه بأسلوب "الحرة عراق" ذاته الباعث على الاهتمام؟
بموضوعية عرضت "الحرة عراق" هذه االقضية في تقرير تضمّن معلومات مجرّدة (كيف تمّت عملية الاختطاف، ردود الفعل الشعبية والرسمية بشأنها، جهود الأجهزة الأمنية لإطلاق المخطوفين بسلام)، وشهادات لبعض المخطوفين، ثم جرت مناقشة بين مقدم البرنامج وأحد الأكاديميين الذي حللّ الحدث وأعطى رأيه في ظاهرة الاختطاف المتفاقمة بمهنيّة ورصانة،  واضعاً إياها في سياق ظرفها التاريخي.
لستُ في معرض عرض ما قاله الأكاديمي أو إعطاء فكرة عما تحدّث به سائر الأشخاص المُستنطقين في إطار التقرير، لكنّني أرغب في لفت الانتباه إلى أنّ قناة "العراقية" هي أيضاً كان يمكنها أن تقدّم تقريراً أو برنامجاً مماثلاً تماماً من دون أن يكون فيه أيّ تهديد للأمن الوطني أو تجاوز على هيبة الدولة أو إساءة لأحد، عدا الخاطفين أو الجهة أو الجهات الواقفة خلفهم.
قضيّة الخطف في العراق هي قضية رأي عام بامتياز منذ سنوات، وكان من واجب قناة "العراقية" وسائر وسائل الإعلام المنبثقة عن شبكة الإعلام العراقي أن تتناولها مراراً وتكراراً.. هو واجب لأنّ الشبكة هي هيئة من هيئات الدولة وما يُنفق عليها مُستقطع من الموازنة العامة للدولة، أي المال العام، أي مال الشعب، ومن يدفع المال يحقّ له أن يحظى بخدمة في مستوى ما يدفع.
لا أجد أيّ مسوّغ أو مُبرّر لشبكة الإعلام لكي لا تهتمّ بقضية المخطوفين، ومثلها قضايا كثيرة، بالطريقة التي اهتمّت بها "الحرّة عراق" أو سائر القنوات ووسائل الإعلام. من حقّ الشعب العراقي أن يعرف ومن واجب شبكة الإعلام أن تكون وسيلته الرئيسة للمعرفة، مثلما بي بي سي، مثلاً، هي وسيلة الشعب البريطاني الرئيسة للمعرفة.
ليس في القضية وفي التوقّف عندها جديّاً بالنقاش والتحليل ما يسوء الدولة. القضية وما فيها أنّ جماعة خارجة على القانون قد اختطفت الشبّان السبعة وصادرت حرّيتهم وأساءت معاملتهم وأهدرت كرامتهم الإنسانية من دون وجه حق، وهو لم يكن الحادث الأول، فكان أنْ ضجّ الناس والإعلام بالسؤال والاحتجاج والدعوة لتأمين إطلاق المخطوفين بسلام وملاحقة الخاطفين وتقديمهم إلى العدالة، فتجاوبت الدولة في الحال وبذلت أجهزة عدّة فيها جهودها .. ونجحت.
من المفترض أنّ الخاطفين لا علاقة لهم بالدولة وأيّ مؤسسة أو جهاز فيها . إنهم جماعة مسلّحة تعمل خارج القانون وبعيداً عن إرادة الدولة وبالضدّ من مصلحة الوطن .. فعل هذه الجماعة لا يضرّ بالأشخاص المخطوفين وعوائلهم فقط وإنّما بالمجتمع والدولة أيضاً، والعمل الإعلامي الساعي إلى كشف هذه الحقيقة هو في صميم مصلحة الدولة والمجتمع .. فلِمَ تتردّد العراقية وتتهيّب من معالجة هذه القضية وسواها بعيداً عن هاجس أنّ أحداً في الحكومة قد يزعل ..؟!  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو أثير

    فكرة تأسيس مؤسسة ألأعلام العراقي تأسست على غرار هيئة ألأعلام البريطانية bbc حيث تكون مؤسسة أعلامية حيادية رصينة لا تكون تابعة لأي حزب أو تيار سياسي أو حكومي ... وتكون تبعيتها الى مجلس النواب العراقي عن طريق تعيين مجلس المفوضين ألأعلاميين ... ألا أن الهي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram