حازم مبيضين بعد خمس سنوات من اغتيال الشهيد رفيق الحريري يعتقد البعض أن التحالف السياسي المتكون على وقع الانفجار الذي أودى بحياته لم يعد كما كان, ويعتمدون في ذلك على انقلاب وليد جنبلاط الذي باتت زيارته لدمشق هدفا رئيساً يستحق التفلت من كل شيء،
وليس انتهاءً بتداعيات زيارة رئيس الوزراء سعد الحريري إلى سوريا التي قيل إنها ستفتح عهدا جديدا في علاقات البلدين ومرحلة سياسية جديدة في وطن الارز, ويتجاهلون أن الحريري الابن أكد من ضفاف بردى أن تلك العلاقات التي يسعى لادامتها تتم على أساس الندية بين دولتين جارتين, وتتجاوز حالة التبعية المهيمنة على عقول بعض الساسة اللبنانيين, مثلما تتجاوز عقلية الابوة الاجبارية التي نادى بها بعض السوريين, وتخلص الاسد الابن من تبعاتها. جمع ضريح رفيق الحريري في الذكرى الخامسة لاغتياله جماهيراً وقادة من كل الاتجاهات, رغم أنه كان واضحاً أن لبنان تغير وتبدلت على مسرح سياساته الكثير من القضايا الجوهرية, لكن الاشد وضوحاً هو ثبات أكثرية اللبنانيين على فكرة إظهار الحقيقة من خلال المحكمة الدولية التي تواصل الأمم المتحدة تأكيد التزامها بمواصلة عملها, ويواصل الرئيس الاميركي تأكيد تطلعه لمعرفة تلك الحقيقة استناداً إلى الجهد القانوني وليس اعتماداً على المواقف السياسية, ولعل الموقف الاميركي هنا أقرب إلى المثل والاخلاق ويستحق الاحترام أكثر مما لو كان يستند إلى المصلحة السياسية كما كان الامر إبان ولاية الرئيس جورج بوش. ليس غريباً ولا مستهجناً أن وليد جنبلاط يدعو اليوم للتضامن مع المقاومة في سوريا ولبنان, ويسقط كل الاعتبارات لتأكيد وقوفه مع القيادة السورية, التي يواصل بكل الوسائل الممكنة الاعتذار لها ويبشرها بقرب انسلاخه كليا عن تحالف المعارضة, وربما يحمل السلاح لشن الحرب عليه, لارضاء حلفائه الجدد في الضاحية الجنوبية, معتقداً أن ذلك يدغدغ مشاعر صانع السياسة السورية التي يبدو واضحاً أنها تعرف جنبلاط وتقلباته, رغم إعلانه عدم وجوب نقد السياسات السورية تجاه بلده من أي طرف أتت ولأي سبب كانت. وليس مهماً إدعاء البعض أنه يشكل ثقلا في الحياة السياسية اللبنانية ونقطة ارتكاز في أي تحالف سياسي, لان تقلباته المنتظرة والتي باتت السمة الاساسية لنشاطه تمنع أي جهة من الركون إليه. معروف أن الإرادة السياسية اللبنانية ليست حرة وأن القادة اللبنانيين يتابعون البوصلة الإقليمية والدولية ليحددوا مسار سياستهم الداخلية, ومعروف أن الساحة اللبنانية مستعدة لاستيعاب مناخات التوترأوالتوافق أيضاً, وبما يعني أن المسؤولين اللبنانيين يمكن أن يتخلوا عن واجباتهم ومسؤولياتهم الأساسية في رسم سياساتهم الخاصة المستقلة , لكن الحريري الابن أسقط كل الرهانات على أن يكون من طينة هؤلاء السياسيين, بتأكيده عدم تغير مواقفه تجاه المحكمة أو العلاقة مع سوريا, أو اتفاق الطائف, ورفضه أن يكون وطنه جزءا من المحاور الإقليمية وتصميمه على فرض سيادة الدولة على جميع أراضيها. الخلل الكبير يتجلى في أن واجبات الدولة اللبنانية موزعة بين الحكومة وحزب الله, وبما يعني عملياً, ارتهان سياسات الدولة اللبنانية لرأي حليف ذلك الحزب في طهران, ونوعا ما لوجهة النظر السعودية الداعمة لرئيس الحكومة الذي يتمتع بتأييد شعبي كان واضحاً في نتائج الانتخابات الاخيرة التي أوصلته إلى موقعه الحالي رئيساً للوزراء, ولكن وحتى لو كانت هناك تحالفات جديدة في الساحة اللبنانية, وحتى لو انتقل جنبلاط للعيش في دمشق أو الضاحية الجنوبية فان المؤكد أنه لا مساومة ولا صفقة على المحكمة الدولية, والمجتمع الدولي ليس في وارد نقض مواقفه تجاهها, وهي تتابع عملها بانتظار اكتمال إجراءاتها بعد أن باتت كل الوقائع والمستندات بحوزتها وهي خارجة عن أي تأثير, وستظل سابقة في الوطن العربي لردع المجرمين والجريمة والأنظمة التي تنتهك الحريات وهي تعتقد أنه بإمكانها بذلك فرض دكتاتوريتها.
خارج الحدود :لبنان.. هل تغيرت التحالفات ؟
نشر في: 19 فبراير, 2010: 06:03 م