قبل أيام أعلن الاتحاد الإماراتي لكرة القدم عن تعاقده مع المدرب الأرجنتيني ادغاردوا باوزا، لتولي مهمة قيادة المنتخب الأبيض في المرحلة المقبلة خلفاً للمدرب المحلي المستقيل مهدي علي، بعقد يمتد لسنتين الى جانب إشرافه الفني على بقية المنتخبات للمراحل السنية.
الخبر يحمل في الظرف والموقف الكثير من التطابق بين الكرتين العراقية والإمارتية، بعد ادائهم غير المرضِ في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2018 تطلّب على إثرها إبعاد الملاكات التدريبية المحلية والتفكير بالخبرة الاجنبية كمحاولة لتصحيح المسار في المرحلة المقبلة.
إلا أن الاختلاف في التصرّف والتفكير بين الاتحادين بات جلياً في صورته، حين أنجز الأشقاء الإماراتيون عبر إجراءات رسمية هادئة غير منفعلة وبعيدة عن الاجتهادات صفحة البحث والاقتناع بالرجل المناسب والبدء بمهمته الرسمية، بينما مازالت الجماهير الكروية العراقية تنتظر ولادة الرأي الصائب وسط تشابك الآراء وتقاطع وجهات النظر وتعدّد أطراف العلاقة واتهامات بنوايا اللجان المتخصصة واجتماعات يتم الإعداد لها تشترك بها الوزارة واللجنة الأولمبية للوصول الى قناعة مشتركة بمن سيجري التعاقد معه وكيفية تأمين المبلغ المالي له.
تلك الفوضى غير المسيطر عليها كانت ولا تزال هي أحد أسباب تراجع الكرة العراقية، بعد أن حاول الاتحاد تصحيح مسار أخطائه المتكررة والهروب من ضغط الجماهير الناقمة عبر فتح بوابه منظومته الإدارية ومسؤولياته الوظيفية لتكون مشرعة أمام الأطراف الأخرى ليكون لها التأثير الفعلي في أهم قرار فني يتطلب أن يركز كل جهده من أجل الوصول الى ما هو أصلح بالفعل لإنقاذ الكرة العراقية سواء بإسناد قيادة المنتخب لمدرب محلي كمرحلة أولى أو الإسراع بالتعاقد مع مدرب أجنبي على مستوى عالٍ وتحمّل المسؤولية الكاملة عن تلك الخيارات.
أكاد أجزم أن ما تخفيه هواجس وأمنيات بعض اعضاء اتحاد الكرة تختلف جذرياً بما تطلقه تصريحاتهم الإعلامية، وأن هناك قناعة تامة لديهم بأن الوقت والظروف يتطلبان أن يتم اللجوء الى القيادة المحلية في المرحلة الراهنة لحين توفر الأرضية والكيفية التي يمكن فيها الاستفادة من الخبرات الأجنبية، إلا أن هناك تياراً مضاداً آخر يعطل التوافق فيما بينهم أتخذ من المواقف المتشدّدة بوضع الخطوط الحمراء على بعض الأسماء التدريبية المحلية ذريعة لإبعادهم عن مهمة المساهمة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه ووضع الكرة العراقية في مأزق القيادة الفنية، ولعلَّ تصريحات عضو الاتحاد محمد جواد الصائغ بهذا الشأن، كانت صريحة ومنطقية حول ضرورة الاستعانة بخبرة المدرب عدنان حمد كرجل مرحلة يمكن أن يشكل حلاً مناسباً وعملياً بعد أن يغادر المعترضون عليه أجواء الاتهامات الملفّقة والتشكيك الذي طاله دون أيّ إثبات قانوني، وكان ذريعة لإبعاده قسراً عن المنتخبات الوطنية.
إن اللجوء الى لغة التفكير الهادئ دون الرضوخ الى الضغوط المتسرّعة هي أولى الخطوات للعودة الى المسار الصحيح يتبعها التجرّد من الخلافات بعد أن تطرح مصلحة الكرة العراقية كمشروع وطني يتطلب الخروج من دائرة الاستهداف والإقصاء وتنقية الأجواء والركون الى نصائح الخبراء والمتخصصين بشأن تولي كفاءة وطنية قيادة أسود الرافدين وإعدادهم للبطولات المقبلة مع التفكير بتهيئة أسس العمل الملائمة ورسم الأهداف المستقبلية بدقة عالية وتأمين السيولة المادية المناسبة كمرحلة ثانية للتعاقد مع أحد الخبرات الأجنبية المعروفة للعمل على الإشراف العام والتخطيط لتطوير المنتخبات الوطنية بكل مراحلها العمرية.
مأزق القيادة الفنية
[post-views]
نشر في: 17 مايو, 2017: 09:01 م