اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > محنة الكاتب .

محنة الكاتب .

نشر في: 17 مايو, 2017: 09:01 م

غدا او بعد غد— لا محالة — سيجئ حمالون مستأجرون ، لحمل هذا الكدس من الكتب ومسودات الصحائف  والأوراق لإلقائها في آقرب مكب  للنفايات ، ويسارعون بالإنصراف .ولا غرابة فهكذا كانت نهاية مكتبة عبد المجيد لطفي ، والوردي ، والصائغ يوسف ، وغيرهم الكثير من المثقفين  الراحلين .
كيف يحدث هذا وكل حرف من تلك الثروات نبض عرق حي ، وكل كلمة ابجدية . وكل كتاب مستودع افكار ومسرى حياة ؟
لا .. لن اترك ارثي المتواضع يقبع في مكب النفايات ..لا .
قلت :  ألملِمها من فوق  الرفوف  العاليات ، من خزانة الكتب المغلقة ، من الأدراج لصق المخدة ، من الصناديق المحشورة تحت السرير ،، ثم اعتزم أمراً شجاعا قد لا يواتي المرء  إلا  لماما . ان اودعها - اتبرع بها - لأقرب مخزن للكتب القديمة ..
لا يفارقني حزن كظيم  وانا أودعها ، وانا ارقبها بإمتنان وحسرة ، اعتذر منها إذ آتخلى عن معاشرتها طوعا ،، كرها ،،
طوعا ،طوعا .
ما واتتني جرأة  إحراقها ، كما فعل ( ابو حيان  التوحيدي ) بمؤلفاته  وآوراق مسوداتها ،، احس بحزنه الدافق وهو يطعم مؤلفاته النيران في ساعة ضعف إنساني . والتي يقال انها اربت على الثلاثين أثرا ،، وجلس يرقب النار تتمشى في ثناياها ، يضحك بهيستيريا  تارة ،ويبكي بحرقة تارة ، حتى غدت تلة من رماد — لم ينج من مؤلفاته إلا اقل القليل،،منها الإمتاع والمؤانسة ،، الإشارات الإلهية ،، البصائر والذخائر …وغيرها قليل ،  ولد التوحيدي ببغداد عام ((٣١٠)) هجرية ، إمتهن صنعة  الورّاقة في مستهل الشباب ، الذي شكل الرافد الثر من روافده المعرفية  ، الإحباطات والإخفاقات التي صادفها التوحيدي  ابان سنوات عمره التي قاربت التسعين عاما ، حملته على اليأس . من جملة بوحه بمعاناته يكتب : أمسيت غريب الحال ، مستأنساً بالوحشة ، قانعا بالوحدة ، معتادا الصمت …. إلخ .
………..
الحاجة ماسة ، اليوم ، اليوم وليس غدا لمخاطبة الجهات الثفافية  المسؤولة  ، لإنشاء مثابة عامة ، خاصة ، ومناشدة الكتاب والمثقفين لأيداع مكتباتهم ، ومقتنياتهم  الثقافية في تلك المثابة ، لتكون ارثا ثمينا للأجيال القادمة و زادا معرفيا لمن اراد التزود .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو أثير

    سيدتي الفاضلة ... أضحت الثقافة ودرب الوصول اليها في هذا الزمن القاسي والضائع من عموم العراقيين والجو العام للبلاد ... مجرد نوع من الترف الغير مرغوب فيه مع ألأسف... في حين أذكر جيدا وأنا الشيخ المسن الثمانيني أنه في فترة الخمسينات والستينات وكنا في مقتبل

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram