عامر القيسي مع انطلاقة الحملة الدعائية الانتخابية كتبنا في هذا المكان عن ظاهرة حضارية وديمقراطية تجلّت بالتعايش السلمي بين الملصقات المتقاطعة الاهداف في بعض الاحيان بل والمتنافرة لكن تعايشها في الساحات والشوارع يعبر عن انطلاقة ثقافة القبول بالآخر التي اندثرت واختفت من حياتنا السياسية منذ قرون.
"البعض" لم يرق له ان نحسب على الامم المتحضرة ويشار الينا كأمة لها القدرة على ان تضع حجرا في بنية التحضر العالمي ، فوجّه "جماعته" لتشويه الصورة التي نريدها ، فقاموا عن جهل أو ببعض الدنانير بتمزيق الملصقات الدعائية لبعض المرشحين والقوائم المشاركة في الانتخابات والمنافسة لهذا الـ"بعض". ورغم التوجيهات الصارمة لقوى الامن والشرطة بمنع مثل هذه الممارسات البائسة الا ان الحملة ما زالت مستمرة والمحزن حقا ان يقول مصدر امني ان بعض الذين تم اعتقالهم هم عناصر من الشرطة نفسها ! وتواردت الاخبار من بعض المحافظات عن خروقات فاضحة لقوانين الحملة الانتخابية مثل استخدام البنايات الحكومية والاماكن الدينية لاغراض الدعاية والمحزن في هذه الاخبار ايضا ان من يقوم بمثل هذه الخروقات هي كتل كبيرة لها ثقلها في الساحة السياسية ، وقبل هذه الخروقات كنّا قد رصدنا خروقات من نمط شراء اصوات الناخبين من خلال توزيع مواد غذائية وربما سنشهد في الايام القادمة ،وتحديدا مع اقترابنا من السابع من آذار ، خروقات خطيرة ربما تؤثر على سلامة الانتخابات والشفافية التي ينبغي ان تتحلى بها ، وهناك مؤشرات حقيقية الى احتمال حصول الخروقات ، وهي مؤشرات تم رصدها من قبل بعض منظمات المجتمع المدني المهتمة بالانتخابات، الذي يخشى الآخر من خلال الملصق الورقي كيف بامكانه ان يبني عراقا ديمقراطيا موحدا؟ وكيف سنثق بمن يستخدم امكانات الدولة او بناياتها للترويج لنفسه أو كتلته من انه لن يكون على رأس قائمة الفساد والمفسدين؟ وكيف نضمن ان الذي يستخدم اماكن العبادة للدعاية الانتخابية لن يفرض علينا ، اذا كتبت له الاقدار ان يحكمنا ، حتى الطريقة التي نأكل بها ونوع الكتاب الذي نقرأه؟ اسئلة كثيرة تنبثق ، ليس من خلال الخروقات بحد ذاتها كفعل مرفوض ، وانما عن العقلية التي تدفع بهذا الاتجاه وتتبناه وتدافع عنه ! ليست لدينا أوهام كثيرة عن الجو السياسي العام والتجربة التي نؤسسها وسط تجاذبات سياسية قوية ومشوهة لاتخلو من تأثيرات الرياح الخارجية ، ولانعتقد باننا سنخوض التجربة الانتخابية القادمة من دون منغصات ولا" وجع راس" فأحتمالات الخروقات والمشكلات قائمة ولا يمكن فصلها عن الجو السياسي العام وربما نتجنى كثيرا عندما نجلد انفسنا دون رحمة من اجل ان نرى وليدا عيونه زرقاء وشعره " كلبدون " احمر الوجنتين شفاف الابتسامة ، مثل هكذا وليد لن نراه لافي هذه الانتخابات ولا في التي تليها ، ولكن ما نستطيع القيام به ، وهي مهمة الحكومة واجهزتها التنفيذية ،هو التخفيف من حجم الخروقات بمتابعة ومعاقبة كل من يخرق القوانين الانتخابية وان تقوم مفوضية الانتخابات باتخاذ اجراءات رادعة بحق من تثبت عليهم اية خروقات وسوقهم الى سوح القضاء من دون النظر الى مرجعياتهم السياسية والتعامل مع الجميع كاسنان المشط لكي نعطي لطروحاتنا النظرية مصداقيتها الميدانية ونساهم باقصى ما نستطيع في توجيه رسالة تحضرنا الى العالم.
انتخبوا وغيّروا .. الخائفون من الملصقات
نشر في: 19 فبراير, 2010: 06:58 م