أعلن نائب مقرب من رئيس الحكومة بأن رفض بعض الزعماء السياسيين حضور الاجتماع الوطني المرتقب يعني التوجه نحو تشكيل حكومة اغلبية سياسية وتوزيع المناصب بين الاطراف المتمسكة بالدستور. وما لم يذكره النائب ان هذا الخيار سيجعل الكتل النيابية المؤمنة بالدستور على حد وصفه، تدخل في ماراثون جديد لتقاسم المناصب والمواقع، بمعنى اجراء تعديل وزاري "على البارد" الامر الذي يتطلب الحاجة الى خدمات تنكجي يجيد تعديل السيارة "المضروبة بجم".
اثناء اللقاءات الاولية لبلورة اتفاق على عقد الاجتماع الوطني، شهدت الساحة السياسية مؤخرا إطلاق بالونات كثيرة منها تشكيل حكومة أغلبية سياسية، وحل البرلمان واعادة الانتخابات التشريعية، ولوح آخرون باصدار اوامر قضائية بحق الخارجين عن طاعة التوافقات السياسية والرافضين لتمرير قانون اعادة البنية التحتية .
المصطلحات بين اصحاب الورش في الحي الصناعي تعبر في بعض الاحيان عن واقع العملية السياسية فهي "مضروبة بجم" ومصيرها التصنيف، ولذلك لا بد من شطب سجلها في دائرة المرور. وبعد ان تجاوزت الحكومة نصف عمرها لم يطرأ على الاجواء السياسية اي متغير فكل طرف يصر على التمسك بمواقفه، ويبرز الخلاف ويحتدم الصراع حول قضايا ليست جوهرية، فيما الملفات الشائكة وضعت على رفوف النسيان، وليست هناك بوادر لحلها او معالجتها. التحالف الكردستاني والقائمة العراقية تطالبان بتطبيق اتفاق اربيل، والتحالف الوطني يصر على تنفيذ ورقته الاصلاحية، والاوضاع الامنية في تراجع مستمر والعملية السياسية "المضروبة بجم" أصبحت بأمس الحاجة لتعديل مسارها على يد "التنكجية" وعلى طريقة البارد قبل الإقدام على تشكيل حكومة اغلبية سياسية ،بشرط تقديم استقالة الحكومة الحالية وقيام رئيس الجمهورية بممارسة صلاحياته الدستورية بتكليف مرشح جديد بمهمة تشكيلها كما اعلن ذلك نواب عن القائمة العراقية وكتلة الاحرار .
الدعوات لتشكيل حكومة الاغلبية السياسية حفزت البعض على استخدام لغة الارقام، فالحزب الذي يشغل عشرة مقاعد في البرلمان يتطلع للحصول على حقيبتين وزاريتين، واخر لوح باللجوء الى اعتماد ضربات الجزاء الترجيحية لتحقيق الفوز على الخصوم، فيما اطراف اخرى تعتقد بان تشكيل مثل هذه الحكومة سيفقدها مواقعها الحالية أعلنت ان العملية كلها تندرج في اطار التحضيرات للانتخابات المقبلة المحلية والتشريعية وتشكيل تحالفات جديدة تضم ائتلاف دولة القانون وكتلا سبق ان انشقت عن القائمة العراقية لضمان مشاركة المكونات في الحكومة المرتقبة ثم الاستعداد لخوض العملية الانتخابية.
يرى المراقبون والمعنيون بالشأن السياسي ان تجاوز الاصطفافات الطائفية خطوة باتجاه ترسيخ حياة سياسية مستقرة في العراق، وهذا التوجه في الوقت الحاضر، برز نتيجة الصراعات بين الاطراف المشاركة في الحكومة، وفي حال تحقيقه بعيدا عن الاهداف الآنية، ربما سيكون عاملا في "تعديل البجم"، لكن هذا الاحتمال بعيد جدا في ظل غياب قانون الأحزاب، ورغبة جهة معينة في ان تكون هي من يقود السلطة.