بين العديد من المعضلات التي يعانيها المواطن العراقي، مفردات البطاقة التموينية، التي لا يحصل عليها كاملة ولا تصل اليه في الموعد، برغم الأموال الكبيرة التي كانت تخصص لها في الموازنات السابقة والتعاقدات المتكررة للسلة الغذائية التي يجري الحديث عنها، وال
بين العديد من المعضلات التي يعانيها المواطن العراقي، مفردات البطاقة التموينية، التي لا يحصل عليها كاملة ولا تصل اليه في الموعد، برغم الأموال الكبيرة التي كانت تخصص لها في الموازنات السابقة والتعاقدات المتكررة للسلة الغذائية التي يجري الحديث عنها، والأسباب تتصل بعمليات فساد إداري ومالي كما يجري على الألسنة وفي وسائل الإعلام.
الخبير الاقتصادي أحمد بريهي يؤكد في حديث لـ(المدى): أن الحل الافضل للمواطن هو تنقيد البطاقة التموينية، أي أن يقوم نظام البطاقة على أساس تسليم المواطن ثمنهاً نقداً ليتصرف هو بها، لأن هذه المسألة فيها الكثير من المشاكل وهي لا تكمن فقط في تكاليف سلع البطاقة التموينية بل في النفقات الإدارية أيضاً، ومن الأفضل أن تجمع كل هذه الأموال وتعطى نقداً للمستحقين لهذه البطاقة، وذلك أيضاً للخلاص من الحديث الذي يتكرر دائماً حول استيراد رز فاسد أو سرقة مواد البطاقة أو التعاقدات على سلات غذائية لم يستفد منها المواطن.
ويضيف د. بريهي: حتى نستطيع التخلص من كل هذه المشاكل وغيرها مثل عدم الكفاءة في التعاقد والرقابة والتدقيق واحتمالات الفساد من بداية عملية الاستيراد حتّى وصولها الى المواطن، يجب علينا أن نقوم بتنقيد البطاقة التموينية، ويلفت الى أن: هذا المقترح مقدمٌ منذ العام 2004، كما أن هناك دولاً كثيرة اتبعت نظام التنقيد، وطالما أن لدينا عدم كفاءة في الجهاز الإداري للدولة، وتوجد شكوى من الفساد المالي حتّى وإن كانت في بعضها غير صحيحة وتدخل ضمن التسقيط السياسي، لذلك فمن الأفضل عدم توريط الجهاز الاداري للدولة واقحامه في عمليات الاستيراد للمواد الغذائية وتوزيعها للمواطن، ونحن نعلم ان هناك عمليات فساد.
ويشير في ختام حديثه الى، ضرورة ان تقوم الحكومة بوضع حل لمشكلة البطاقة التموينية وتخليص المواطن من معاناتها: لأن من المعيب أن نبقى نتحدث عن قضية البطاقة منذ العام 2003 حتى العام 2017، فالمجتمع الذي يتحدث 14 عاماً عن مشكلة غير قادر على حلها هو مجتمع عقيم، واذا لا نتمكن من حلها ادارياً وسياسياً، فلماذا لا نحولها نقداً وتعطى للمواطن.
وحيث تؤكد لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، بأن التخصيصات المالية في موازنة 2017 كانت قليلة نسبة للأعوام السابقة، تشير نجيبة نجيب العضو في هذه اللجنة، الى أن المواطن الفقير هو الضحية الوحيدة لعدم تسلم المواد الغذائية المقررة في البطاقة التموينية شهرياً بشكل كامل، سواء من حيث النوع أو الكم، خاصة وإن نوعية المواد الموزّعة له دون المستوى الذي يستحقه، بل أن المواد غير كاملة، مبينة في الوقت ذاته، أن موازنة وزارة التجارة وفق تخصيصات الموازنة العامة تقسم لثلاثة اقسام، الأول يذهب للتجارة، والثاني لشراء الحبوب من الحنطة والشلب، والقسم الأخير يذهب لمفردات البطاقة التموينية.
وتواصل نجيب في حديث الى(المدى) مع اننا نعلم أن التخصيصات المالية هي السبب كون موازنة التجارة في الاعوام السابقة كانت عالية، حيث يتم تخصص 5 ترليونات دينار فقط للبطاقة التموينية، لكن في موازنة عام 2017 تم تخصيص ترليون و500 مليار دينار لشراء البطاقة التموينية، وهذا مبلغ قليل مقارنة بالأعوام السابقة، لكن البطاقة التموينية كانت ومازالت بحاجة الى اصلاحات حقيقية وجذرية، فهناك الكثير من الاعداد بالبطاقة التموينية وهمية ومضاعفة، ومع اننا اقترحنا مراراً اجراء الاصلاحات على البطاقة التموينية، لكن لم يتم تفعيلها، الا بعد غلاء الاسعار في السوق وخفض الايرادات للدولة، وقد تبين لاحقاً، بأن 800 الف في البطاقة هم اسماء وهمية، منهم من كانوا وفيات أو يسكنون خارج العراق أو أن هناك من يتسلم مواد البطاقة لمرتين، بالتالي فإن هذه الاجراءات الآن غير كافية.
وتؤكد، نحن نريد أن تذهب مفردات البطاقة الى الفقراء وليس الى ميسوري الحال، خاصة وأن هناك معاناة كبيرة للمواطنين جراء هذه البطاقة، سواء من مفرداتها القليلة أو مشاكل توزيعها، كما ترى أن اجراء تنقيد البطاقة التموينية حل جيد، ونحن معه وهو مقترح قديم لكن يجب مع هذا الاجراء تخفيض أسعار السوق للمواد المهمة كالسكر والطحين والرز والزيت، لأن عدم سيطرة الدولة على أسعار هذه السلع، بالتأكيد تحول دون تطبيق تنقيد البطاقة التموينية، خاصة ونحن بلد يستورد كل شيء وليس به انتاج محلي.
وإذ بدا مدير عام الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية التابعة لوزارة التجارة قاسم حمود منصور للوهلة الأولى عند اتصالنا به ساخطاً مما يصفه تهجم واتهام الاعلام الدائم لشركته رغم كونها تعمل بتخصيصات مالية قليلة تقدر بترليون دينار وترك ملاحقة الجهاز الاداري السابق الذي كان فاسداً وفاشلاً مع كونه كان يتسلم تخصيصات مالية تصل الى 5 ترليونات دينار، وفقاً لحديثه، مشيراً الى أن: وزارة التجارة اليوم تقوم بتوزيع اغلب مفردات البطاقة التموينية من المنتج المحلي الذي يسهم بتشغيل عمال ومطابق للمواصفات، من خلال التعاون مع معامل زيت الطعام والسكر في الحلة، فنحن منذ بداية هذا العام وحتّى الآن، لم نستورد الحنطة لأن اعتمادنا اصبح على المنتج المحلي من الحنطة الذي يغطّي حاجة السوق والبطاقة التموينية.
يقول منصور في حديث الى (المدى)، إن مشكلة وزارة التجارة الآن تكمن في التخصيصات المالية القليلة، حيث لم تتسلم هذا العام غير ترليون دينار فقط، فأي جهاز اداري يستطيع أن يعمل في مبالغ قليلة كهذه، مطالباً، على الجميع اليوم أن يسأل ويبحث من كان يعمل في ظل تخصيصات مالية كبيرة هي خمسة ترليونات دينار، على الجميع محاسبة من ذهبوا للخارج عن تلك الأموال، لا أن يحاسب من يعمل بتخصيصات مالية قليلة، مستدركاً: لقد كان الجهاز الاداري الذي سبقنا فاشلاً وفاسداً، فلماذا نتحمل وزر من سبقنا من الفاسدين.
ومع أن وزارة التجارة، اعلنت في نيسان 2016، عن حجب 15654 فرداً من مواليد 1920 فما دون من قاعدة بيانات البطاقة التموينية، مع حذف بيانات أكثر من 3000 متوفٍ، يؤكد منصور خلال حديثه، إن الوزارة قامت بطبع بطاقة تموينية جديدة وفق احصائيات سابقة وفي مطبعة حكومية، مؤكداً لا توجد احصائية حتى الآن، بالأعداد غير المستحقة، ولكي يتم كشف اعداد العوائل الوهمية، فنحن سنتبع اجراءات مشددة منها عدم تسليم البطاقة التموينية إلا بعد التحقق من أن تلك العوائل موجودة بالفعل، وذلك من خلال تقديم كامل المستمسكات الشخصية لهم اضافة الى جلب عدد أفراد العائلة.
يذكر أن غالبية العراقيين يعتمدون على ما تزوده بهم البطاقة التموينية في حياتهم اليومية منذ بدء الحصار الدولي على العراق في العام 1991 بعد غزوه الكويت، وتقدر قيمة هذه المواد بالنسبة للفرد الواحد في السوق المحلية بنحو عشرة دولارات من دون احتساب حليب الأطفال، في حين يتم الحصول عليها عن طريق البطاقة التموينية بمبلغ 500 دينار فقط أي ما يعادل 0.40 دولار.