TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في الحملة "الإسلامية" على المدنيين

في الحملة "الإسلامية" على المدنيين

نشر في: 20 مايو, 2017: 02:15 م

adnan.h@almadapaper.net

في سلسلة التفجيرات التي ضربت أول من أمس، البصرة نهاراً وبغداد مساءً، رسالة قوية إلى هؤلاء الذين يسعون إلى فتح معركة مع التيار المدني، لزوم الانتخابات القادمة وغير الانتخابات.
   أما الرسالة فمن تنظيم داعش الذي تبنّى التفجيرات الأخيرة في الحال، وأما الساعون إلى المعركة مع المدنيين فبعض من جماعات الإسلام السياسي المتنفذة في السلطة التي راحت في الأشهر الأخيرة ترفع الصوت عالياً ضد المدنيين، بل إن فرق الخطف التابعة لبعض هذه الجماعات قد أظهرت بأساً عظيماً في عمليات الخطف للتخويف والترويع.
هذا البعض من جماعات الإسلام السياسي المتنفذة مغتاظ من المدنيين لأنهم مرابطون دون كلل في ساحات الاحتجاج التي اجتذبت إليها تياراً إسلامياً مهمّاً، الصدريين. وربما كان هذا بالذات أكثر ما أثار الجماعات الإسلامية المتنفذة ضد المدنيين، فثمة فصيل إسلامي إذ يرونه قد تبنّى المشروع المدني بإقامة دولة المواطنة لا دولة الطوائف ومحاصصاتها، فيكون بالنسبة لهم قد خرج عن جادّتهم التي ثبت بالدليل القاطع أنها لا تؤدي إلّا إلى خراب البلاد والمزيد من خرابها، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.
  بالنسبة لهذه الجماعات صار رأس التيار المدني هو المطلوب، غافلين عن داعش وإرهابه المدمّر وعن غول الفساد الإداري والمالي المنفلت.. هم يجدون في التيار المدني تهديداً لأطماعهم في السلطة والنفوذ والمال، والتيار المدني لا يحوز السلاح كما يحوزون ولا يملك المال كما يملكون .. كلّ ما لديه عين ثاقبة ترى إلى الاخطاء والخطايا التي يرتكبها الإسلاميون المتنفذون في السلطة ويصرّون على مواصلة ارتكابها، فلا يريدون أن يقرّوا بها، ناهيكم عن التراجع عنها وتعديل المسار.
التيار المدني يريد الإصلاح كيما تكون الدولة قوية، باقتصادها وخدماتها وقواتها العسكرية وجبهتها السياسية وعلاقاتها الخارجية، بما يكفي لردع داعش وسائر الإرهابيين الذين ما كان لهم أن يتسبّبوا في كلّ هذا الخراب وفي كل هذه المحن لولا أنّ الإسلاميين المتنفذين في السلطة قد تنكّروا لمبادئهم ولرموزهم التاريخية وتحوّلوا إلى طلاب سلطة طاغية وثروة فاحشة، وصاروا لا يريدون لأحد أن ينتقد أداءهم، مستنداً الى حقّه الدستوري في التعبير عن الرأي بحرية، فها هم يبذلون الجهد الآن لتشريع قانون مُقيّد لحرية التعبير على النحو الذي كانت عليه الامور في عهد نظام صدام.
 قبل أن تلوموا التيار المدني وتفبركوا ضده وتخطفوا بعض عناصره رداً على حركته السلمية المتواصلة المطالبة بالإصلاح وإقامة دولة المواطنة وإلغاء نظام المحاصصة وتشريع قانون انتخابي عادل ومنصف وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة ونزيهة وقطع دابر الفساد والفاسدين، تلفّتوا حواليكم .. تأملوا المشهد جيداً .. واسألوا أنفسكم: أهذا ما كان ينتظره الشعب العراقي منّا؟ .. أهذا ما كنّا قد وعدناه به يوم كنّا في المعارضة؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد سعيد

    قد يثار راءى من باب نظريه المؤامرة بان داعش واخواتها مخلوق سياسي ولدها الامريكان لا سناد الاسلام السياسي في المنطقة وتهياه مستلزمات الحروب والنزاعات الطائفية والنعرات العشائرية ,حيث يظل المستفيد الاول والاخير من الفوضى وعدم استتاب الامن في ا

  2. بغداد

    استاذ عدنان حسين ان احزاب ألأسلام الفاشي السياسي ( والأسلام منهم ومن اسيادهم الذين صنعوها برآء) ما هم الا فرق موت مدربة تدريب منظم على عمليات الأغتيالات والخطف وقتل المواطنين العراقيين المدنيين بدم بارد هؤلاء وزعمائهم رؤساء المافية شركات مصاصي دماء الشعوب

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram