TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صرخة العبادي

صرخة العبادي

نشر في: 21 مايو, 2017: 05:17 م

adnan.h@almadapaper.net

هذه المرة، تتوفر لنا الشهادة من شخص ، بحكم مسؤوليته في الدولة، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هو أيضاً القائد العام للقوات المسلحة التي تتضمن أجهزة الأمن والمخابرات كافة.
 عندما يتحدث السيد العبادي في شأن يتعلق بمجال الأمن فلابدّ أنه يتحدث عن معرفة بالتفاصيل .. حتى المملّة منها. وعندما يتحدث بلهجة حادّة ونبرة عالية فلابدّ أن الكيل لديه قد طفح وأنه لم يعد يرى مجالاً للعضّ على النواجذ مدة أطول.
قبل أن يرفع رئيس الوزراء صوته عالياً في مؤتمر "تيدكس بغداد" أول من أمس، شاكياً مشتكياً مما تفعله "العصابات"، كان العراقيون في العاصمة بغداد وسائر المدن الكبيرة والصغيرة يضجّون بالشكوى من أفعال هذه "العصابات" التي كل واحدة منها جعلت من نفسها دولة فوق الدولة وفي عمق الدولة.
لم يبدُ العبادي يوماً محتدّاً في الكلام كما بدا في خطابة أول من أمس، وهو بالطبع على حق في هذا، فإذ تقترب الدولة العراقية من تحقيق النصر النهائي على داعش ومحو عار 2014 ، تنشط "العصابات" لهدم "المعبد" من الداخل بتعدياتها المتصاعدة على المواطنين الآمنين والتجاوز على حرياتهم وبانتهاك القانون.
العبادي قال في خطابه أول من أمس "البعض هيّأ نفسه لإفشال وعرقلة كل شيء نقوم به ولكنّنا لن نسمح لهم وسنستمر. كما اننا لن نسمح لمن يريد إضعاف الدولة والمجتمع ويقوم بالخطف لمجرد أن تخالفه بالرأي"، متسائلاً هل "قتال أبطالنا ومحاربة الدكتاتورية هو من أجل أن تحكمنا عصابات"!
صرخة رئيس الحكومة هذه هي في الواقع صرخة كل عراقية وعراقي، فهؤلاء الذين عناهم العبادي هم جماعات مسلحة ترتبط بقوى سياسية متنفّذة في الحكومة ومجلس النواب وسائر مؤسسات الدولة، وزعماء هذه االقوى هم الذين في أيديهم المفاتيح والاقفال.
هذه "العصابات" المتلفعة في الغالب برداء الحشد الشعبي، قد تجاوزت كثيراً في أفعالها الخطوط الحمراء .. إنها تعتدي على الحقوق والحريات العامة والخاصة، وتسعى إلى قمع المخالفين السياسيين، وتمارس الابتزاز المالي في حق أصحاب الاعمال والحرفيين، ساندة ظهورها إلى سلطة الزعامات السياسية التي لم تنفكّ هي الأخرى من ابتزاز الحكومة وسائر مؤسسات الدولة.
واجب العبادي الآن، بوصفه رئيس السلطة التنفيذية، أن يتجاوز مرحلة الشكوى المُرّة العالية إلى وضع هذه الزعامات أمام مسؤولياتها بأن تحلّ "العصابات" التي شكّلتها لينفسح في المجال أمام بناء وتوطيد كيان الدولة التي تواصل تحرير العراق من الإرهاب، لتتفرغ في ما بعد لإعادة الإعمار والاضطلاع بالاستحقاقات المؤجلة، من المصالحة والإصلاح إلى التنمية المستدامة. بخلاف هذا يتعيّن على رئيس الوزراء أن يتّخذ الاجراءات اللازمة، أو أن يذهب إلى مجلس النواب طالباً عقد جلسة خاصة للخروج بقرارات من شأنها وضع حدّ للمهزلة – المأساة الجارية في البلاد، قبل خراب البصرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. د. جاسم محمد حافظ الساعدي

    كلام جريء ووطني ولكن ماذا تنتضر يا رئيس مجلس الوزراء ، تخندق وراء الشعب واحسم امرك في اشرف معركة بعد قتال داعش - البعث أساس فكر الطرفين - وستنقل البلاد الى شواطيء السلام بكل تاكيد .

  2. أبو أثير

    عجيب أمر السيد العبادي وهو يوجه نقده وأمتعاضه من العصابات المسلحة والميليشيات التي تتخذ من الحشد الشعبي غطاء لتحركاتها وعملياتها المسلحة التي وصلت لحد التصادم مع القوات المسلحة ألأمنية والسيطرات العسكرية ... فأذا كان السيد رئيس مجلس الوزراء والقائد العام

  3. ناظر لطيف

    لا اعرف ما معنى ان يشتكي ولم! وهو بيديه الامر والنهي افتراضا لكن الفرض غير الواقع فما هو المطلوب؟ القضية متشابكة والعصابات مدعومة من الكتل والكتل متسلطة في الدولة! وكل من يدعي غير ذلك فهو خافي راسه في الرمل ولا يريد ان يرى الحقيفة وكاتبنا العزيز اشار في م

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram