وفاة المرجع الكبير أبي الحسن الأصفهاني
في مثل هذا اليوم من عام 1946 ، فجع العالم الإسلامي بوفاة المرجع الروحي الكبير السيد ابي الحسن الموسوي الأصفهاني ، أشهر علماء الدين في العراق في النصف الأول من القرن العشرين ، وأكثرهم شعبية بين الأوساط المختلفة . وقد شيع في بغداد والنجف تشييعا مهيبا لم يعهد من قبل ، وأعلنت الحكومة العراقية الحداد العام ، وأقيمت مجالس العزاء والحفلات التأبينية في أنحاء مختلفة من العراق ، التي لم تقف على مذهب معين أو قومية .
وهو السيّد أبو الحسن بن السيّد محمّد بن السيّد عبد الحميد الموسوي الأصفهاني. ولد عام 1874 بإحدى قرى أصفهان في إيران. ذهب إلى مدينة أصفهان في سنّ الرابعة عشرة من عمره للدراسة الحوزوية وأكمل فيها مرحلة السطوح والخارج ، ثمّ سافر إلى النجف عام 1890 لإكمال دراسته الحوزوية، واستقرّ بها. ومن أساتذته : الشيخ فتح الله الأصفهاني المعروف بشيخ الشريعة، والشيخ محمّد كاظم الخراساني المعروف بالآخوند، والسيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، والسيّد محمّد هاشم الموسوي الخونساري المعروف بالجهارسوقي، والشيخ محمّد الكاشاني المعروف بالآخوند الكاشي، والشيخ محمّد حسن المامقاني، والشيخ محمّد تقي الشيرازي، والشيخ حبيب الله الرشتي، والشيخ محمّد الكلباسي، والشيخ جهانكير خان القشقائي، والسيّد مهدي النحوي. أما تلامذته فكثيرون لا يسعنا ذكرهم في هذه العجالة .
فـي عـام 1307 هـ هـاجـر إلى النجف الأشرف لحضور دروس آية اللّه حبيب اللّه الرشتي (صـاحـب بـدائع الأصول) والأخوند الخراساني (صاحب كفاية الأصول ) وآية اللّه محمد كاظم اليزدي (صاحب العروة الوثقى ). بعد وفاة الأخوند الخراساني انتقلت مرجعية الشيعة إلى آية اللّه الميرزا محمد تقي الشيرازي, وكـان الـمـيـرزا يـرجـع في احتياطاته الفقهية إلى فتاوى السيد أبي الحسن الأصفهاني, وبعد وفاة الميرزا (عام 1338 هـ ), ورحلة آية اللّه شيخ الشريعة (عام 1339 هـ ), وارتحال آية اللّه الـشـيـخ احـمـد كاشف الغطاء (عام 1344 هـ ), تساوت مرجعية السيد أبي الحسن الأصفهاني مع مـرجـعـية آية اللّه الميرزا النائيني في لشهرة, وبعد وفاة آية اللّه الشيخ عبد الكريم الحائري في مـديـنـة قـم, ووفاة آية اللّه النائيني في النجف, برزت زعامة السيد أبي الحسن في أغلب البلاد الإسلامية .
توفي الأصفهاني فّي بمدينة الكاظمية المقدّسة، ودُفن في الصحن الحيدري للإمام علي(عليه السلام) في النجف. وله عدد من المؤلفات الفقهية أشهرها كتابه الذائع ( العروة الوثقى ) . وتنقل عنه الكثير من الروايات عن حلمه وتواضعه وعلمه . يُنقل عنه أنّه رأى نجله مقتولاً شهيداً على يد أحد الأشرار فلم يتكلّم بشيء سوى أنّه قال: «لا إله إلّا الله» ثلاث مرّات، ولم تخرج من عينيه ولا دمعة واحدة. عندما كان يعطي وكالة شرعية لأحد الأشخاص، ثمّ يتبيّن أنّ ذلك الشخص غير جدير بتلك الوكالة لم يكن يسحب منه تلك الوكالة . كانت وفاة السيد الأصفهاني من الأحداث الجسيمة في تاريخ العراق الحديث .