لقد حاز فيلم (العاصفة السوداء) المنتَج في اقليم كردستان الجائزة الأولى كأفضل فيلم روائي قُدِّم في مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الثالثة عشرة، وهو من اخراج الفنان الكردي حسين حسن، وتمثيل نخبة من الفنانين والفنانات الرائعات لما تميّز به الجميع م
لقد حاز فيلم (العاصفة السوداء) المنتَج في اقليم كردستان الجائزة الأولى كأفضل فيلم روائي قُدِّم في مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الثالثة عشرة، وهو من اخراج الفنان الكردي حسين حسن، وتمثيل نخبة من الفنانين والفنانات الرائعات لما تميّز به الجميع من انضباط وتعبير صادق في الأداء، وسيناريو محبك يدلل على مهارة كتاب السيناريو، لقد تظافرت جهود القائمين على العمل من مخرج الى المؤلفين والفنيين والممثلين، بأن يخرج بهذه الصيغة التي خطفت العقول وحبست الأنفاس وقنصت الجائزة الأولى في المهرجان.
ولو أن هناك العديد من الملاحظات على السيناريو وقد تمت مناقشة المخرج والمنتج والممثلة بهذه الأخطاء بعد عرضه في إحدى قاعات العرض في مول الإمارات وفُتِح باب النقاش مع الجمهور والذي يضمُّ جنسيات متعددة..الفيلم تدور احداثه حول سبي النساء الايزيديات من قبل داعش عام 2014 حين تمت مهاجمة قضاء سنجار والقرى الايزيدية من قبل هذا التنظيم الارهابي وقتله الرجال والأطفال وأخذهِ آلاف من النساء أسيرات ثم بيعهن في سوق النخاسة والرق ..الفيلم يبدأ بالاحتفالات الايزيدية ورقصاتهم المميزة في زمن السلام ،الكاميرا تأخذنا الى علاقة الحب بين البطلة بيرو والبطل آزاد، لينقلنا الفيلم بعد مشاهد قليلة الى خطوبة البطل للبطلة بحضور العائلتين وابناء المنطقة.. يهجم داعش على المنطقة ويهرب الكثير ويقتل الرجال والأطفال الأسرى ويأخذ النساء سبايا ومن بينهن بيرو، الفيلم يصوّر البطلة وهي تباع الى أحد الاشخاص بمزاد علني بألف دولار..البطل يعمل حارساً في احدى المنشآت النفطية في اقليم كردستان، يسمع بأمر الهجوم يرجِع بسيارته الى منطقتهم، ليجد أن هناك مخيماً للنازحين الايزيديين عند مشارف محافظة دهوك، وفيه أهله وأهل خطيبته الذين لا يعرفون عنها شيئاً..لم يجلس البطل ويقرر أن يسترجع حبيبته ولو كلفه ذلك حياته، فيلتقي ببعض الايزيديات العائدات من السبي والأسر حين اشتراهن بعض الأشخاص النبلاء وقام بإرجاعهن الى ديارهن ليخبرنه بأن حبيبته سبيّة في سوريا وفي منطقة الرقة، يتصل بمقاتلي البيشمركة في العراق وسوريا، ويقرر أن يذهب الى سوريا لاسترجاع حبيبته تساعده في مهمته هذه القوات الكردية المقاتلة هناك، يصل اليها ويعمل على تحريرها من الأسر بعد الاصطدام مع عناصر داعش.. يرجع بها الى مخيّم النازحين الايزيديين في العراق وهذا ما يسبب فرحاً لعائلتها (امها وابيها واثنين من اخوتها) وهنا تبدأ العقدة العصيّة في الفيلم، حيث أن البطلة تعاني من انهيار نفسي بسبب ما حصل لها من اغتصاب، كما أن اهالي المخيم يقاطعونها ويحمّلونها جريمة إثم الاغتصاب، فيبدأون بالتندر عليها وعلى عائلتها وخطيبها والذي غالباً ما يدخل بمشادات كلامية وعراك بالأيدي مع الآخرين، ثم يحصل تطور دراماتيكي يُظهر أن البطلة حامل وهنا يقفون أمام مشكلة كبيرة وهذا ما يزيد الأمر تعقيداً وتبرز الى السطح معاناة كبيرة، فعائلة البطل ترفض اقترانه بهذه الانسانة المخطئة ويأتي أبو الخطيب ليعلن أن زواج ابنه من خطيبته مستحيل، كما أن اهالي المخيم يقاطعونها بقسوة مما يدفع بالبطلة التفكير بالانتحار لينقذها البطل في اللحظة الأخيرة..يتم اسقاط جنين الخطيئة، والخطيب بسبب من محاصرة العيون له يفكر جدياً بفسخ الخطوبة من حبيبته ويقدم على هذه الخطوة ويذهب مبتعداً عن المخيم، لكنه يشعر بأن عيشه بعيداً عنها هو ضرب من الجنون وهذا ما دفعه الى العودة اليها وإصلاح موقفه منها.. الفيلم فيه قسوة مفرطة على الشعب الايزيدي المسالم، فهو لم يظهر تعاطفاً حتى ولو شخص واحد مع الضحية أو مع عائلتها وبقي الجميع متفرجاً على محنتها بل العكس كان موقفهم سلبياً ويدل على الجهل والعنف السلوكي تجاه هذه الضحية البائسة ..الكل يعلم وقفة الشعب الايزيدي مع النساء المختطفات من قبل داعش والكثير من شبابهم تطوّعوا للزواج من السبايا لتضميد جراحهن ومواساتهن في محنتهن العظيمة هذه..ما حصل من سبي في الشعب الايزيدي لم تكن حالة فردية ولم تذهب السبيّة بقدميها الى داعش، بل أن نساء الشعب كلهن كدن أن يقعن في الأسر لولا أن كثيرات هربن في الجبال رغم ملاحقة داعش لهن والتي لم تستطع وقعت في الأسر، ما زال هناك الآلاف من النساء الايزيديات لا يعرف مصيرهن أحد، فكيف تقابل مثل هذه الجريمة البشعة بهذا البرود والجحود من قبل شعب جريح يعرف تفاصيل الجريمة كاملة.. العالم كله متعاطف مع النساء الايزيديات السبيّات، وقد اختير الكثير منهن سفيرات سلام من قبل الأمم المتحدة، ورشحن الى جائزة نوبل، وهن الآن يحظين بالاحترام والتبجيل، في كل ارض تحط أقدامهن عليها، إنهن سفيرات العراق ينقلن معاناة العراقيين وما أصابهم من داعش.. الخلل في الفيلم غير مقصود ولا متعمّد، ونعتقد بأن كاتب السيناريو لم ينتبه الى هذا الموضوع والدليل على ذلك، إن الفيلم حاول أن ينقل ازمة الشعب الايزيدي الى شعوب العالم من اجل التضامن والوقوف معه من أجل العودة الى أرضه وبيته.. الفيلم كان مفخرةً للعراقيين ولسينما اقليم كردستان والتي شقت خطاها في المهرجانات العالمية من أجل تعريف العالم بالشعب الكردي.