حسناً فعل اتحاد الكرة عندما ترجّل عن صهوة العناد والتمسك برؤيته المتسرّعة لخيار اللجوء للفكر الأجنبي في هذه الفترة بعد أن وضع ثقته في الكابتن باسم قاسم لقيادة أسود الرافدين في المرحلة المقبلة، ليطوي بذلك صفحة الشدّ والجذب في الآراء والتكهنات باختيار الملاك التدريبي مع ضياع الزمن وتقلّص مساحة الاستعداد للاستحقاقات المقبلة.
وعلى الرغم من أن قاسم بخبرته ورزانة شخصيته القياديّة وامتلاكه مقومات النجاح في الإدارة الفنية إلا أن المهمة لن تكون يسيرة أو تحصيل حاصل كما يصوّرها البعض عطفاً على ضياع فرص المنافسة على بطاقة التأهل لنهائيات كأس العالم 2018 مما يمنحه صك البراءة لما قد يواجه من إخفاقات مقبلة في رحلة استكمال مشواره في التصفيات القارية أمام اليابان وتايلاند والإمارات، بل أن المنطق يذهب الى أن الرجل ربما قد وضُعَ في موقف استثنائي تغلّب فيه احساسه بالمسؤولية الوطنية والأدبية وحراجة الموقف بالموافقة لتوّلي المهمة مقابل تجاهله فخاخ الفشل وجسامة إرث الاخفاقات وفورة الغضب الجماهيري الذي لا يحتمل استمرار حالة الضياع والتراجع للكرة العراقية، وهو تصرّف شجاع يتطلب أن يبقى ماثلاً أمام أعين اتحاد الكرة والجماهير الكروية إذا ما فرضت النتائج المقبلة نصب محاكم المحاسبة والتقييم له تحت ضغط الأزمات والهروب من المسؤولية.
تلك المعطيات مع دراسة ما هو متوقع من قادم الأيام يتطلب أن يضع الملاك التدريبي بمسمّياته الجديدة ومعه اتحاد الكرة أسساً وأهدافاً تبتعد عن تجاهل حقيقة أن المزاج العام وهواجس الجماهير لا يمكن أن تتجه نحو تقبّل الاخفاقات مهما تأطرت بتعابير غير مؤثرة أو أنها تكتسي الطابع الودّي ، وتلك المسألة ربما كانت أولى سقطات الملاك الفني السابق بقيادة راضي شنيشل عندما تراجع مقياس الثقة بقدراته الفنية بينه وبين شريحة واسعة من الجماهير رفضت أن تكون سلسلة الهزائم منذ توليه المهمة بالمباريات الودية والرسمية ذريعة له لبناء منتخب للمستقبل، بل أن تلك الحقبة قد دوّنت في الذاكرة على أنها الأسوأ والأكثر تراجعاً من حيث النتائج .
الجنرال قاسم لابد أن يدرك أن ما ينتظره من اختبار هو الأصعب في مسيرته كمدرب، فهو يحمل بين جنباته آخر فرصة لإنقاذ عرش الفكر المحلي الذي أهتزّ بعنف وأصبح خياراً مرفوضاً من الشارع الرياضي بعد أن قيّد باصطلاح (المحدودية والفقر الفني) ، ولأجل أن يجمع مهامّه بسلة واحدة فهو مُطالب كذلك بأن يُضمّد جراح الأسود ومن خلفها الجماهير التي نزفت على ارصفة الفشل وسوء التخطيط بإحداث تغيير نفسي وفكري للواقع الكروي، وبالتالي لابد أن يرتقي بأهدافه نحو فرض الجدية والبحث عن تحقيق الانتصارات بإيجاد وسائل لتحفيز اللاعبين وزرع ثقة الفوز في نفوسهم دون النظر الى طبيعة وتأثير المباريات أو التذرّع بحصوله على وعد اتحادي بعدم تحمّله نتائج المرحلة المقبلة.
باختصار .. لا نريد أن يكون المنتخب الوطني ميدان تجريب وتسقيطاً لأسماء تدريبية بنت تاريخها لسنوات من العمل والاجتهاد، ومثلما هي لا تتردد في خوض غمار التحدي والمجازفة في أصعب المواقف بعيداً عن حسابات الضرر الشخصي لها، فإن اتحاد الكرة وجميع الجهات الداعمة امام واجب الوقوف خلف الملاك التدريبي وإبداء كل وسائل الدعم والمساندة له من خلال وضع منهج إعدادي واضح ومتكامل يُسهم في رفع مستوى الأداء ويتيح للملاك الفني تطبيق خططه التكتيكية من خلال لاعبيه في الميدان، وقبل كل ذلك إلغاء مصطلح (مدرب طوارئ) من قاموس تصريحات وتلميحات كل أعضاء الاتحاد.
سلة واحدة يا جنرال
[post-views]
نشر في: 24 مايو, 2017: 09:01 م