TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الضحية قاسم مشترك

الضحية قاسم مشترك

نشر في: 23 مايو, 2017: 09:01 م

المبدع لا يخشى الظرف الحرج الذي يحاصر خبرته تحت الضغط ، مثلما لا ينتابه القلق لئلا يخسر ثقة الناس به وهو يتصدّى لمهمة أقل ما توصف أنها لخدمة الوطن بلا مساومة أو ترفّع أو شروط متبادلة، طالما أن المبدع مؤمنٌ بالنجاح ويعرف طريق الخلاص برغم جسامة المسؤولية.
كنا ومازلنا من أوائل الداعمين لتولي المدرب الوطني قيادة أسود الرافدين في تصفيات كأس العالم لأسباب عدّة لعلَّ أهمها مسألتين الأولى، عدم جدوى التعاقد مع المدرب الأجنبي قبل بدء التصفيات بشهر أو شهرين كما دأب الاتحاد على ذلك في تجاربه السابقة، والثانية، أن بيئة اللاعب العراقي "الكروية" لا تشجّع الأجنبي على حصاد ثماره مثلما يطمح، ولذلك كنا قد نادينا بضرورة التعاقد مع مدرب القوة الجوية باسم قاسم أو مدرب النفط حسن احمد، كونهما من أميز المدربين المحليين هذا الموسم عملاً ونتائجَ واستقراراً مع فريقيهما، وهذه معايير مهمة للمفاضلة مع زملائهما الآخرين، لاسيما وجود مكاسب لقاسم، مثل حصوله مع الزوراء على لقب الممتاز للموسم الماضي وتتويج القوة الجوية بكأس الاتحاد الآسيوي النسخة الأخيرة أهّلته لتسنّم مهمة الوطني الى جانب ملاك مساعد معروف عنه المثابرة والإخلاص والنجاح ممثلاً برحيم حميد وشاكر محمود وهاشم خميس.
للوهلة الأولى، يجب ألا يتبادر إلى ذهنية المدرب باسم قاسم، أنه مدرب "تحت الطلب" وليس محل ثقة لتولي قيادة المنتخب الوطني منذ بداية التصفيات، هذا الشعور سيكون مردوداً عليه، فجميع المراقبين لعمل لجنة المنتخبات يعلمون تماماً أنها أخفقت في واجباتها، وكانت تساير رغبات اتحاد الكرة حتّى لو تظاهرت أنها مستقلّة وتتمتع بفرصة اختيار ثلاثة مرشحين، فالمدرب المطلوب بإجماع أعضاء الاتحاد أو غالبيتهم سيكون بينهم قطعاً، فجاءت نتائج المنتخب في التصفيات كنتيجة طبيعية لإهمال هذه اللجنة مسؤوليتها في متابعة المدرب السابق راضي شنيشل، وإلا هل من المنطقي أن يتعرّض منتخبنا الى خمس هزائم ويفقد الأمل نهائياً قبل أربعة أدوار من اختتام التصفيات وتبدي اللجنة رأياً معارضاً لإقصائه! الى أين تريد أن يصل حال المنتخب، أبعدَ هذا الرأي هل مازال الاتحاد متمسّكاً باللجنة من دون تغيير أسوة بجميع اللجان  (عدا الحكام) التي سارع رؤسائها لرمي الاستقالة وعدم سلوك العناد الأجوف؟
إن أية ضحية تسقط في خضم تداعيات انكفاء المنتخب وعدم قدرته على اجتياز منافسيه وتلقيه الخسارات الموجعة هي قاسم مشترك لأطراف أخرى قصّرت في أداء عملها ولابد من فضحها علانية وبيان أسباب التفافها على ما جرى، ومحاولة الإصرار على تبني آراء منزوعة الحكمة لا تستقيم مع منهج البحث عن الارتقاء بالمستوى وتحقيق النتائج المعبّرة عن واقع تدريب اللاعبين وخطة اللعب والعناصر الجاهزة والحلول البديلة لمعالجة ورطة الانتكاسة، إنه دور وطني يفترض أن يضطلع به الإعلام للنهوض بسرعة وعدم ترك المساحة لأيّ متورّط في مقتل أمل كرتنا المونديالي يفضفض ما في داخله ويوشوش على صوت الحقيقة لتبرئة نفسه.
(ربّ ضارة نافعة) كما يقال، فالظرف الطارئ الذي جاء بالمدرب باسم قاسم، أصعب من جميع الظروف السابقة والمحيطة بعمل المدربين المحليين والأجانب، خاصة أنه مطالب بفتح صفحة جديدة مع الجمهور من خلال لقاءات اليابان وتايلاند والإمارات، وانتشال اللاعبين من قاع اليأس والسعي لإيجاد توليفة متوازنة ومستقرة، أقول نافعة، فربما يتمكن قاسم من النجاح وهو ما نتمناه ونؤمن به، عندها سيكون التفريط به حماقة كبيرة ذات أغراض سيّئة، وهو تصرّف مرفوض.
لابد أن يعمل الجميع على معاضدة الملاك التدريبي وحثّه على مواصلة القيادة بروحية المنقذ بالعقل الراجح، وثقوا أن منظومة اللعبة ستبقى تعاني غياب الوعي الاحتراقي لأعضاء مجلس إدارتها ولا سبيل لها غير المدرب الوطني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram