TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > جماعة أزاميل.. محاولات التحديث أو منحوتات الانتباه المكرَّس

جماعة أزاميل.. محاولات التحديث أو منحوتات الانتباه المكرَّس

نشر في: 27 مايو, 2017: 12:01 ص

نظّمت جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، معرضاَ نحتياَ مكرساَ لـ(جماعة ازاميل) التي تضم في عضويتها أحد عشر نحاتاً، بينما تمت استضافة ستة فنانين، فيكون عدد المشاركين سبعة عشر فناناً، وبمعدل عمل نحتي واحد لكلِّ فنان.لفد أقيم المعرض تحت عنوان (تحية ال

نظّمت جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، معرضاَ نحتياَ مكرساَ لـ(جماعة ازاميل) التي تضم في عضويتها أحد عشر نحاتاً، بينما تمت استضافة ستة فنانين، فيكون عدد المشاركين سبعة عشر فناناً، وبمعدل عمل نحتي واحد لكلِّ فنان.

لفد أقيم المعرض تحت عنوان (تحية الى الفنان صالح القرة غولي) ومن المعروف بأن صيغة التحية ما هو الا سياق من الوفاء لفنان كبير واستاذ خبير له الفضل في انماء مواهب تلامذته وتطوير ادواتهم ومفاهيمهم وتطلعاتهم، والفنان الراحل  صالح القرة غولي، مواليد 1933، يعد من اساتذة النحت القدماء في كلية الفنون الجميلة ببغداد، منذ سنة 1962، وتتلمذ على يديه اغلب الفنانين المعروفين في العراق.
لعلَّ اغلب المتابعين لتجارب الفنان صالح القرة غولي، يعرفون بأن الفنان شق طريق تقدمة الفني من خلال بحوثه الفنية الرصينة وتجاربه النحتية المميزة وتوظيفاته للمواد الخام المختلفة ولانتقائه لمواضيع الانتباه المكرس، وعلى الرغم من الطابع الوحوشي والتعبيري الصادم، الا انها مواضيع مؤكدة للأصالة ومكتسبة للهوية العراقية، من حيث التدليل والاستنباط وسبل الاداء المفعمة بالاثارة البصرية، وعندما يوظّف مواد: الحبال المصنوعة من شعر الماعز والاسلاك المعدنية والخيش او ليف النخيل، فإنه يتوق لبلوغ غايات أبعد ولغة تعبير اخرى، مختلفة تفضي به حتماً لتأسيس منهج فني جديد، معني بتأصيل الفن النحتي في العراق.
إن آلية التعريف بالفنان صالح القرة غولي، مهمة جداً وعلى درجة عالية من الصعوبة، وتتخللها اشكاليات كثيرة، لكننا وضمن سياق النقد الفني المكرّس لهذا الموضوع، ولابد لنا من اضاءة فصل مختصر عنه، وسنثبته على شكل نقاط اساسية:
 أولاً: كان الفنان صالح انساناً عصامياً متشدداً في افكاره ومفاهيمه الاجتماعية والفنية على حد سواء، ويتمتع بمزاج حساس وكانت لديه قناعات فنية راكزة لايمكن زحزحتها على الاطلاق. ثانيا: كان يهمه التوصل لجوهر النحت المكتسب للهوية العراقية.
 ثالثاً: لم يكن الفنان منتجاً غزيراً كما كان يعمل اقرانه من الفنانين المجايلين له أو الذين سبقوه مثل خالد الرحال وجواد سليم واسماعيل فتاح، فقد كان صالح القرة غولي مقلاً في انتاج النحت ولو اجرينا احصاءً لأعماله فسنجدها لا تزيد عن خمسين قطعة.
رابعاً: من المؤسف حقاً، ان نجد الفنان صالح القرة غولي، غير مهتم بتوثيق حياته الفنية فلا توجد لديه ملفات صورية أو معلوماتية مستوفية لصفحات تاريخه الفني، وبهذه الحالة فإنه اضاع صفحات حياته الفنية، ومن العسير على الباحث في تجاربه الفنية التوصل الى حلول منطقية ومثرية للبحث.
خامساً: كان للفنان صالح القرة غولي، أفكار خاصة تتقاطع مع التطلعات السائدة في الفنون النحتية، اي انه كان يجدف عكس التيار، ولئن قال النحات الانكليزي (هنري مور) (إن اغراءات التلقي للنحت تكمن في الحوافز التلقائية لملامسة القطعة النحتية بأطراف الاصابع، كما لو انها جسد انثى) وكما هو معروف عن الفنان صالح بأنه كان يحطم قيم الملمس على سطح المنحوتة وكان يلجأ للإشكال الحادة والقاسية، مضفياً عليها ملمساً خشناً في حين أن تشعبات الاسلاك المعدنية المتفرعة تؤشر على نوع من القسوة التعبيرية وهذا الجانب يتنافى مع رؤية الفنان هنري مور.
لعلَّ مشكلة النقد الفني تتاكد اكثر، لاسيما اذا تم تدارس المعارض الجماعية المشتركة، في موضوع واحد، فلا بد من المرور على كل الاعمال المشاركة بلا استثناء ولا تفريق، وبالرغم من التباين بالمستويات الفنية المعروضة، واختلاف الرؤى والمواقف بين جميع الفنانين المشاركين، غير انهم جميعاً تشاركوا في نقطة حساسة متعلقة بأوضاع البلاد في هذه الظروف الكالحة، وبصراحة أن لكل عمل مشارك مميزاته ونقاطه الاثارية بصرياً، وعلى هذا فإن كل عمل على انفراد يستحق دراسة فنية ونقدية خاصة، بيد أن الحيز المتاح لنا، ضيق جداً، وبذا فإننا سنعرج على جميع الاعمال ولكننا سنختصر القول بما نجده مفيداً:
الفنان حامد لطيف: عشتار فوق جدار بغداد، 183 في 85 في 70 سنتمتراً مواد مختلفة
في هذا الموضوع تنتصب عشتار(اله الحب عند العراقيين القدماء) بجسدها العاري وتقف شامخة تحف بين ذراعيها اسلاكاً معدنية متموجة، وتبرز فوق هذه الاسلاك اسماك، بدلالة نهري دجلة والفرات وقاعدة الانشاء تأخذ شكل المثلث، إن هذا التكوين مستنبط حتماً من الفنون الرافدينية، ولكن قيم الانشاء النحتي تأخذ مغزاها الابعد من خلال التداخل بين معطيات الماضي السحيق وجروح الحاضر المؤلمة، ولقد حقق الفنان حامد مبتغاه المطلوب، على وفق نظم الترميز المعبّرة عن الاحداث والمفارقات التي نكابد محنتها جميعا، وعندما نتأمل صيغة الشكل والمفردات التي وظّفها الفنان، فسندرك اهمية انتباه الفنان للمواضيع الجمالية الملامسة لجوهر الحياة.

الفنان رضا فرحان: ليلة موتي حديد 170 في 30 سنتمتراً
وفي هذا العمل المتشكل من خمسة تقطيعات، تشبه الاشكال المربعة، وتتوزع بينهما المفردات والوحدات الصورية بطريقة اللصق أو اللحيم وكانها كولاجات غرائبية موحية بالتعبيرات المثيرة بصرياً، فالسياق الشكلي العام يشبه الى حد ما نظام العمل على تقنيات book art))))  اي دفتر الرسم الذي زاوله العديد من الرسامين والكرافيكيين العراقيين، ولكن لم يمارسه الا  اثنان من النحاتين وهما: احمد البحراني ورضا فرحان، ويبدو ان قيم الموضوع تتأتى من نظرة الفنان للوجود والعدم، ولقد عرف عن الفنان رضا بتخطيه لمفاهيم النحت على وفق التجارب المعتادة، ويهمه وضع حدود فاصلة بينه وبين الآخرين، إنه فنان جريء ومغامر.

الفنان سمير حسن: محارب 213 في 45 في 50 سنتمتراً
 عندما دخلت صالة العرض شد انتباهي هذا العمل الكبير والمعبّر عن الموضوع المثير للعواطف والمشبع بالقصدية المسبقة رجل مبتور الساقين يستند الى عكاز، والموضوع مقروء بسهولة، بيد أن سبل الاداء الفني جعلت من هذا العمل ينتمي لمدرسة الواقعية الاشتراكية، إن الفنان يهمه ايضاح القصد الانساني الكبير الرافض للحرب بكل اشكالها، فلا رابح في الحرب وهذا الانموذج مثلاً صريح، وهذا كل مابقي من أتون الحرب. انه عمل نحتي مشبّع بعناصر الفن، ومستوف للأغراض المطلوبة.

الفنانة سميرة حبيب: علامة استفهام، فايبر كلاس 265 في 140 في 50 سنتمتراً.
 دائماً يفكر الفنان الطموح بأسئلة الوجود الحائرة، تلك الاسئلة الازلية التي لم تجد الاجابة المنطقية لغاية الآن، ويبدو أن الموقف الفلسفي للفنانة سميرة حبيب مؤسس على فهم معمق لمعاني الحداثة والاصالة، وإن الشكل الذي ابتكرته، ما هو الا شكل هلامي متحول يوحي بالحركة المستمرة، وعلامة الاستفهام تستحيل بين يديها الى اختصارات لأسئلة الوجود الازلية، فالوجوه والأعين المفتوحة التي تبدو من الوهلة الأولى انها ذات رؤية تنافذية، ويمكن للمتلقي والاضاءة والجو العام للمعرض أن يشاركوا جميعاً في مثل هذا العمل من خلال الحركة والالوان النافذة عبر الفراغات الحاصلة في داخل العمل، ومن ثم إن اكساءها للعمل صبغة زرقاء اضفت على هيئته طابع الجدية والوقار.

الفنان طلال محمود: حلم،  جبس 220 في 80 في 42 سنتمتراً
 جسد الفنان جداراً تلتصق عليه امرأة وورقة نبات وفي أعلى اليمين يلوح قرص الشمس، وهذا العمل مؤدّى بطريقة الصياغة النحتية، المشيدة على أسس التصميم، ويفصح عن الخبرة الاكاديمية، والحرفية والصنعة البارعة في مجال النحت وبصراحة، قدم الفنان نصّاً بصرياً مفتوحاً على الافاق ويمكن قراءته على مستويات متعددة من التأويل.

الفنان طه وهيب: رحلة مع القدر، جبس، 203 في 90 في123 سنتمتراً
في هذا الموضوع المتشكل من ثلاثة قطع نحتية مدوّرة تجسد هذه المنحوتات، نسوة عراقيات بملامح مجردة وأمامهن جرة وكأنهن آتيات لعالمنا من الازمنة السومرية السحيقة والنسوة متجردات عن الأذرع إلا الواقفة بينهن، فهي تحمل في كفيها إناءً نذرياً، أو أنها تقدم الولاء والرجاء لمن له حق صناعة القرار، في حين اضاف الفنان تصوراً آخر عندما وظّف قلائد العقيق والأحجار الكريمة ووضعهاعلى جيد وخصر النسوة المتلفعات بالحب والأمل، ان الفنان يطالعنا دائماً بالنحت الجديد والمؤثر، بينما تكون نظرته للمواضيع المفتوحة التي تقبل القراءة على انحاء متعددة هي مفتاح الحل لأكثر الانشاءات اثارة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram