هل من رابط بين مانشستر وطرابلس والدوحة؟لم تنته بعد التحقيقات بشأن الدائرة الأوسع المحيطة بالإرهابي سلمان رمضان عبيدي، منفذ الهجوم في مانشستر، مع انتقال القدر الأكبر من البحث إلى ليبيا، التي قدم منها قبل تنفيذ عمليته الإجرامية بأسبوع، وتصريح وزير الدا
هل من رابط بين مانشستر وطرابلس والدوحة؟
لم تنته بعد التحقيقات بشأن الدائرة الأوسع المحيطة بالإرهابي سلمان رمضان عبيدي، منفذ الهجوم في مانشستر، مع انتقال القدر الأكبر من البحث إلى ليبيا، التي قدم منها قبل تنفيذ عمليته الإجرامية بأسبوع، وتصريح وزير الداخلية الفرنسي بأنه سافر إلى سوريا من قبل.
لكن ما تنشره وسائل الإعلام البريطانية والأميركية يرسم صورة أوسع مما يرشح عن الأجهزة البريطانية. ولم تعد هناك تسريبات مؤخرا من الجانب الأميركي، بعدما علّقت بريطانيا مؤقتا التعاون الأمني مع الأميركيين بشأن معلومات هجوم "مانشستر أرينا"، جراء تسريبات أميركية للمعلومات قبل إعلان الأجهزة البريطانية عنها.
ومما يتوفر مما نشرته صحيفة "التلغراف" على مدى اليومين الماضيين، وما نشرته "الغارديان" أيضا، وكذلك تحقيقات لمجلة "أفريكا إنتلجنس"، إضافة إلى قصص خبرية سابقة ووثائق بريطانية رسمية تابعة لوزارة الداخلية، أن هذا الجزء من مانشستر يحتضن الكثير من عناصر "الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية" منذ سنوات طويلة.
وأغلب هؤلاء كانوا عادوا إلى ليبيا في 2011 ليشكلوا تنظيمات وجماعات إرهابية، ومنهم عبد الباسط عزوز، الذي تجاوز نشاطه الإرهابي ليبيا، لمحاولة تشكيل ما يسمى بـ"الجيش المصري الحر" لإخوان مصر وذلك عقب إطاحتهم من السلطة.
ومن بين من عادوا أيضا أنس الليبي، المتهم بتنفيذ عمليات إرهابية خارج ليبيا، والذي شكل ميليشيات لا تختلف عن تلك التي يقودها إسماعيل الصلابي داخل ليبيا. وإسماعيل الصلابي، هو أخ القيادي الإخواني الليبي، المقيم في قطر، علي الصلابي، الذي يوصف بـ"قرضاوي ليبيا"، ويرعى جماعات وميليشيات ليبية. أما الأخ الثالث لعلي وإسماعيل، وهو خالد الصلابي، الذي يحمل الجنسية الأيرلندية، فقد افتتح قبل سنوات شركة مريبة تسمى "هدهد وورلدوايد يوروب" في جنوب مانشستر، تلك المنطقة التي ضمت أغلب هؤلاء الليبيين وغيرهم من "المتحولين للإسلام"، الذين ذهبوا للقتال في سوريا. وحسب "التلغراف"، فقد عاد رمضان عبيدي ـ والد سلمان- إلى ليبيا عام 2008، وهو ذات العام الذي أبرم خلاله الصلابي الكبير (علي)، صفقة مع نظام القذافي أخرج بموجبها عبد الحكيم بلحاج وغيره من السجون، ليعود أعضاء آخرين من الجماعة المقاتلة إلى طرابلس. وفي نفس العام (2008) تكونت شركة "هدهد وورلدوايد" للنقل والتسهيلات في ليبيا، قبل أن يتفرع نشاطها ويكبر بعد 2011.
والشركة مقرها الرئيسي في طرابلس وفرعها الأكبر في مصراتة، وتعمل في مجال الشحن البحري والجوي وتسهيلات نقل العتاد بحرا وجوا وبرا.
ولا توضح وثائق شركة الصلابي في مانشستر علاقتها بالشركة الرئيسية في طرابلس، ولا نشاطاتها المالية مع ليبيا أو غيرها ـ فهي مسجلة شركة خاصة مغلقة على مالك واحد هو خالد الصلابي (الذي يسبق اسمه عند جماعته "الشيخ الإمام").
ورغم ما نقلته وسائل الإعلام الأميركي خلال السنوات بين 2011 إلى 2015 عن الدعم العسكري والمالي للميليشيات الليبية، استنادا إلى تحقيقات وزارة الخزانة الأميركية وغيرها من الأجهزة، لم يتم الربط تماما بين الصلابي وشركة "هدهد" وتلك العمليات.
وترجح تحليلات إعلامية، كتلك التي نشرتها "أفريكان إنتلجنس" أن الشركة جزء من عمليات لا يتم الإفصاح عنها.
وبسبب العلاقات القوية بين الأجهزة الغربية، بما فيها البريطانية والأميركية، ونقل الإرهابيين إلى سوريا والعراق عبر تركيا، يصعب الوصول إلى تلك المعلومات، رغم أن كشف "ويكيليكس" عن بعض الرسائل الإلكترونية لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون ألقى بعض الضوء على تلك العلاقات.
ولم يمتد التحقيق في واقعة الهجوم على السفارة الأميركية في بنغازي ومقتل السفير وغيره من الأميركيين، إلى الصلابي والدوحة، بسبب العلاقة الوثيقة بين الأجهزة الأميركية وعبد الحكيم بلحاج وإسماعيل الصلابي.
كثير من النقاط السوداء (كتلك التي تشطبها الأجهزة من وثائقها السرية) مفتقدة في الخط الرابط ما بين الدوحة وطرابلس وجنوب مانشستر. ولا يتوقع أيضا أن تكشف عنها التحقيقات في الحادث الإرهابي الأخير.
بعض المصلين في مسجد مانشستر شاركوا في الحرب الأهلية الليبية
ما تزال الصحف البريطانية تتناول في أعدادها تداعيات تفجير مانشستر الدامي، ففي تقرير نشرته صحيفة الفاينانشال تايمز، وأعده أندي باوندس وروبرت رايت، نقرأ أن بعض المصلين في المسجد الذي كان يرتاده مفجر مانشستر قاتلوا في ليبيا، ويُعتقد أن إمام المسجد مصطفى عبد الله غراف أيضا كان بينهم.
وقال ناطق باسم مسجد ديدزبري إن "بعض المصلين شاركوا في انتفاضة 2011 ضد نظام معمر القذافي"، لكنه رفض الحديث عن لقطات فيديو تُظهر إمام المسجد وهو يرتدي زيا عسكريا ويوزع الذخيرة على مقاتلين قبل الهجوم على مدينة بني وليد، بينما يقول لمراسل وكالة الأنباء الفرنسية: "هذه الذخيرة للدبابات، وتلك للمدفعية، بحمد الله كل شيء على ما يرام".
وكان الإمام قد قال لقناة محلية في مانشستر إنه "توجه إلى ليبيا عام 2011 لإحضار والدته، وقد اعتُقل هناك وعُذب ثم تمكن من الهرب إلى تونس بعد أن قصفت طائرات تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) السجن الذي كان
يُحتجز فيه".
ولم يُذكر الإمام في تلك المقابلة شيئا عن مشاركته في العمليات القتالية.
وكان رمضان عبيدي والد الانتحاري سلمان وابنه إسماعيل يترددان على المسجد بانتظام، وكلاهما حارب في ليبيا، حسبما أكد أصدقاء العائلة.
وقد عاد رمضان وابنه الأصغر إلى ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، واعتقلا هناك الأسبوع الماضي.