كان يمكن للسياحة أن تكون قطاعاً اقتصادياً نشيطاً يرفد موازنة الدولة بمليارات الدولارات ويوفر فرص العمل لمئات آلاف العاطلين. في الماضي قضت الحروب على هذا القطاع الذي لم يزل يعاني من الإهمال. وفي العام الماضي عندما نجحت الدولة في ادخال الأهوار وآثار ذي
كان يمكن للسياحة أن تكون قطاعاً اقتصادياً نشيطاً يرفد موازنة الدولة بمليارات الدولارات ويوفر فرص العمل لمئات آلاف العاطلين. في الماضي قضت الحروب على هذا القطاع الذي لم يزل يعاني من الإهمال. وفي العام الماضي عندما نجحت الدولة في ادخال الأهوار وآثار ذي قار في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تعزز الأمل بعودة الحياة الى هذا القطاع، لكنه أمل يبدو عصياً على التحقيق، والجبايش التي تقع في قلب الأهوار مثال. ويضم قضاء الجبايش شرق مدينة الناصرية، العدد الأكبر من الأهوار التي أدرجت على لائحة التراث العالمي، لكنه يشكو عدم توفر البنية التحتية الأساسية للنشاط السياحي.
يقول جاسم الاسدي، مدير منظمة طبيعة العراق في الجبايش في حديث لـ(المدى) "عندما نتحدث عن هذه المدينة، فنحن نتحدث عن السياحة الطبيعية والسياحة البيئية وعن مناطق ومجتمعات محلية لديها استيطان بشري متميز وطبيعة حياة ثقافية ويومية فريدة ومتميزة، وهذه المقومات موجودة في اهوار الجبايش، ويوجد فلكلور محدد ولديهم طبيعة متميزة من بحيرات وقنوات مياه واسعة وتنوع احيائي هائل وصناعات محلية واستخدامات المضيف السومري المتمثل ببيوت القصب، وهذه كلها تعود بمورد اقتصادي مهم وكبير للبلد وتسهم بتشغيل أيادي عاملة قد تفوق الآلاف ".
ويستدرك الأسدي قائلاً: "لكن هذه العوامل غير كافية، اذا لم تتوفر خدمات وبنى تحتية، حيث لا توجد خدمات فندقية أو خدمات سياحية، أن "تطوير قطاع السياحة البيئية وادامتها وتطويرها هي من مهمات الحكومة العراقية من خلال وضع الخطط الستراتيجية في هذا المجال والتنسيق مع هيئة الاستثمار ومع القطاعات الخاصة ومنظمات المجتمع المدني للوصول الى سياحة بيئية مستدامة ذات منفعة اقتصادية تنعكس على توفير دخل كبير للعراق".
ويضيف أن "هنالك مدناً عديدة في العالم تعتمد على السياحة كمصدر دخل رئيس منها مدينة فينيسيا، رغم أن مؤهلاتها الطبيعية محدودة ولا تجعلها في موقع المنافسة مع اهوار الجبايش".
وفيما يرى جاسم، أنه في حال توفرت جميع مستلزمات نجاح السياحة في هذه المناطق، سيؤسس ذلك الى نشاط كبير في قطاع السياحة الداخلية في قضاء الجبايش وجنوب العراق بشكل عام، يواصل قائممقام الجبايش مشواره الذي يطمح الى تحقيقه في تحويل المدينة بأكملها الى مدينة سياحية.
يقول القائممقام بديع الخيون في حديث لـ(المدى) "اذا تمكنا من انجاز المشاريع الاستثمارية الخاصة في قطاع السياحة، فستكون المدينة من اكبر المدن السياحية في الشرق الاوسط، لما تتميز به من مسطحات مائية واسعة لا تتوفر في باقي المدن والدول الأخرى".
وأوضح "نعمل وفق خطة وضعت منذ فترة تم من خلالها توفير اراضي وفتح مجالات التعاون والتواصل مع مستثمرين لإقامة مشروع سيكون الأول في العراق والاكبر على مستوى السياحة يتمثل بإنشاء قرية سياحية وفق أحدث التصاميم على مساحة 214 دونماً، كذلك هنالك نية حقيقة لاستثمار مساحات أخرى وتوجد عروض استثمارية في هذا الجانب".ولفت الى أن "السياحة في مناطق الاهوار لم تستثمر لغاية هذه اللحظة، ولا حتى في مشروع بسيط، وهذا يعود الى سببين، الأول عدم وجود خطة مسبقة من قبل الحكومات السابقة، والأمر الثاني يعود الى الروتين العالي واللامبالاة من قبل الدوائر الحكومية في الاهتمام بهذا الجانب".
وأضاف أن "المدينة شهدت خلال الفترة الاخيرة، توافد الرحلات السياحية من مختلف محافظات العراق، حيث يصل عدد السيّاح في عطلة نهاية الاسبوع، الى ما بين اربعة الى خمسة آلاف سائح، وربما يتضاعف العدد في بعض المناسبات، وتوجد توجهات من قبل بعض الدول الاجنبية لتنظيم رحلات سياحية الى اهوار الجبايش بأعداد كبيرة في حال توفرت مرافق سياحية فيها".
وبيّن الخيون أن "المناطق التي تنشأ فيها مشاريع سياحية ستسهم في تطور كبير في الجانب الاقتصادي، حيث أن اقتصاد المدينة يقوم اليوم على ممارسة الصيد وتربية الحيوانات، اما اذا ما استثمرت السياحة فستكون هنالك واردات كبيرة جداً وتشكل نسبة زيادة تتجاوز 70% من واردات المدينة تقريباً".
وزاد "كما يسهم انتعاش قطاع السياحة في عملية نقل ثقافات ونقل تجارب أخرى الى المدينة وتؤسس الى تزاوج ثقافي والجزء الأهم، ستتحول هذه المدينة بأكملها الى مدينة سياحية بالدرجة الأساس".
لكنه لفت الى أن "هذه الخطوات تتطلب تقديم يد المساعدة من قبل الوزارات الحكومية المعنية بملف ادراج الأهوار في لائحة التراث العالمي، لاسيما وزارة الموارد المائية لتحقيق النجاح في تطوير الواقع السياحي في العراق". وأشار الى أن "المؤسسات الحكومية في العراق لا تعمل بشكل قانوني ولا بشكل مهني في تطوير السياحة وايجاد مشاريع سياحية، كلٌ يعمل بمزاجه الخاص ورؤيته الخاصة وبتصرفات قد تكون نافقة للعمل الاستثماري والسياحي وبالنتيجة قد تكون هذه الاساليب طاردة للمستثمر".
يقول الاختصاصي في الموروث الشعبي والخبير الاقتصادي انور جاسب، إن "أهوار قضاء الجبايش تعد من مناطق السياحة الشتوية بسبب دفئها وشمسها المشرقة وما تشتهر به من سياحة طبيعية، وهي تعتبر كنزاً اقتصادياً زاخراً لو تمت العناية بها بالشكل الذي نطمح اليه لأصبحت أحد مرتكزات الاقتصاد في العراق، واصبحت منطقة الجبايش من أروع المناطق السياحية الدولية".
وأضاف لـ(المدى) "تكتسب تنمية السياحة اهمية خاصة من خلال تدفق رؤوس الاموال الاجنبية للاستثمار في المشاريع السياحية ومن خلال الاستخدامات العلمية للموارد الطبيعية وانشاء مشروعات سياحية في مناطق البلاد المختلفة مما يرفد خزينة الدولة بمليارات الدولارات .
وتابع "تعد السياحة اليوم من أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في العالم والتي تلعب دوراً بارزاً في تنمية وتطوير البلدان لاسيما مع ازدياد أهميتها كصناعة وحرفة وهي تبرز كرافد أساس في التنمية الاقتصادية، ولذلك نجد ضخامة الاستثمارات المختلفة في القطاع السياحي كما حدث في إيطاليا واسبانيا واليونان والمكسيك وغيرها من البلدان، التي حققت تقدماً كبيراً في هذا المجال".
ولفت الى أن " تحقيق هذه العوامل تتطلب توفير المنشآت الفندقية والترفيهية للسائحين وإعداد ونشر المعلومات السياحية وترتيب وتنفيذ البرامج السياحية وإعداد وتأهيل كوادر سياحية".
وتضم اهوار الجبايش أنواعاً عديدة من الطيور والأسماك والنباتات المائية والمواشي والجاموس، ناهيك عن انواع القصب والبردي التي يستخدمها أهل هذه الأهوار في صناعات يدوية متعددة.