فيلم انفصال .. أبرز أفلام المخرج الإيراني الشهير (أصغر فرهادي) الحائز على جائزة (كان)، وجائزة أُوسكار التي كان آخرها في العام 2012 عن ذات الفيلم. ثيمة الفلم الرئيسة تدور في خطين دراميين، يكمنُ الخط الأول في انفصال (نادر) عن زوجته (سيمين) وطلبها
فيلم انفصال .. أبرز أفلام المخرج الإيراني الشهير (أصغر فرهادي) الحائز على جائزة (كان)، وجائزة أُوسكار التي كان آخرها في العام 2012 عن ذات الفيلم. ثيمة الفلم الرئيسة تدور في خطين دراميين، يكمنُ الخط الأول في انفصال (نادر) عن زوجته (سيمين) وطلبها الطلاق نتيجة رفض الأول لطلب الأخيرة بالسفر خارج إيران والخلاص من واقع البلاد المزري.
رفض (نادر) لطلب زوجته يأتي من وازع ديني وهو (البرّ) بوالده والبقاء بجانبه نتيجة إصابته بمرض (الزهايمر). ولكن سرعان ما يظهر خطاً ثانياً في اتجاه مخالف كلي، عن الخط الأول، حيث قضية نادر والسيدة (رازية) التي يُتهم بإجهاضها، وبالرغم من أن عنوان الفيلم يشير إلى قضية واحدة وهي الانفصال والطلاق، إلا أنه يسلط الضوء على بعد إنساني قوي وهو الخوف، عارضاً ثلاثة أشكال له من خلال خوف (نادر) على والده وابنته، وخوف (سيمين) على حياتها واعتقادها بأنها مضغوطة داخل هذه البلد وخوف السيدة (رازية) من عقاب الله. طيات الفلم تتمحور حول اصطراع مجتمعي طبقي حاد، ذات صبغة دينية واحدة، تدور رحى الصراع في الفيلم حول الخط الثاني تحديداً حول الكسب المعيشي التي تضطر إليه شخصية (رازية) عبر خوضِ تحدياتٍ عدّة، في مقدمتها الجانب (النفسي – الصحي)، حيث المغامرة بصحتها وهي امرأة (حبلى) حيث اضطرارها اليومي على قطع مسافات شاسعة والعمل كخادمة في منزل (نادر) لرعاية والده المريض، بغية (أُجرة زهيدة) لتسهم في سد ديوان زوجها، بعدما هاجرت (سيمين) زوجها عبر الإقامةِ في بيت أهلها. يستعرض الفلم كيفية سقوط الأفكار، بجدران الواقع والسلوك البشري داخل المجتمع الإيراني، من خلال معادلة (الالتزام الديني - الفقهي) و انعدام (اللمسة الإنسانية)، معادلة جريئة نكشفها جلياً لحظة تصادم المصالح حينما يمتلك الأول معاول الحق بيده والسعي نحو تحطيم الآخر، دون رويـّةً أو رحمةً أو شفقة، وهذا ما ظهر في أوج الصِدام ما بين (نادر) و(رازية) التي لجأت إلى القضاء لتعويضها جراء فقدانها لجنينها نتيجة شجار مع (نادر) الذي أتهمها بالتقصير والإهمال تجاه والده. لم تكثرت (رازية) لمحاولات إقناع (سيمين) بالتنازل عن زوجها، الذي قد يواجه عقوبة السجن تصل لـ 3 سنوات، مقابل فدية مالية، إلا في المشاهد الأخيرة، وهو ما رفضه (نادر) في البدء، ويوافق فيما بعد على مضضٍ من أمره، لينتقم في اللحظات الأخيرة منها حينما يجبرها على القسم بـ(القرآن الكريم) على أنه من أسقط الجنين. خطوة جعلت (رازية) بين سلاحينِ من الخوف، خوفٌ من الله و ما يرافقه من عواقب القسم الكاذب على حياة أبنتها الوحيدة، لأنها لم تصل إلى درجة اليقين القطعية بأن (نادر) هو المسبب الرئيس بإجهاضها عندما طردها من منزله وسقوطها من السلم، لأنها تعرضت قبل يوم إلى حادث سير عرضي، جعلها قلقة على صحةِ جنينها، فضلاً عن سلاح التهديد والوعيد الذي يطال زوجها من قبل دائنيـه. نقطةُ ضعف (رازية) الدينية أستثمرها (نادر) لصالحه وتمكن من تحطيمها في النهاية. أخيراً، تمكن الفيلم من المحافظة على مستواه الدرامي العالي مما لا يدع مجالاً لدخول الملل إلى المشاهد، فكل جزئياته مهمة ومثيرة، الأمر الذي أعطاه ذلك البريق والحضور أينما عرض.