صباح البصرة غير في يومها الحزيراني الأول، وعَشّارها يُرسي بمراكب أمل العراقيين وهم يعلون أيدي الدعاء بأن يغمر ملعبهم بالفرح وينتشي الأمان بهم لمؤازرة المنتخب في موعدٍ ودّي مع إخوتهم الأردنيين لقصّ شريط رفع الحظر وإنزال احمال الخير من (جذع النخلة) الكريمة إهداءً الى الصديق انفانتينو "المُراعي" عدالة الكرة لشعبٍ منح دمه كنهرٍ ثالثٍ منذ استقلاله ولم يفرّط للتو بحوبة دمعة واحدة سكبها قهراً مشجّع الأسود.
اليوم يلتئم شمل الجماهير احتفاءً بعيدهم الكروي الخاص باسترداد بعض من حقوقهم التي ظلَّ يتمشدق بها عرّابو سياسات الفيفا السابقين، لكنهم مارسوا في الخفاء، أبشع صور التآمر مع عدد من أبناء العم تحت مسوّغات باطلة رمت الى قتل المواهب وتحطيم نفوس لاعبي العراق كجزء فاضح من عمليات الحرب المستعرة بجميع الأسلحة الممكنة ضد حضارة الرافدين وتاريخها الضارب في جذور الحياة، فخابوا وماتوا بغيض أنفسهم وهم يرون أعلام انتصارات كرتنا تُرفع مع الوطني في مكسيكو 86، والأولمبي - أثينا 2004 ، والوطني - جاكرتا 2007 ، والشباب - اسطنبول 2013، والناشئين - غوا الهندية 2016 ، والأولمبي - ريو العام نفسه وأخيراً وليس آخراً شباب الصالات في بانكوك 2017.
ولما مضى، وإكراماً لكل تضحيات أبناء شعبنا في جبهات متوالية لم تترك لنا فرصة الاستقرار، وكأن التحدّي لصق عُمرنا المنفرط مثل حبّات التمر على طبق صيام الوطن وإفطاره في النوائِب والشدائد وفاءً له وعشقاً بهيبته، نُناشد جماهيرنا أن يرتقوا بموقفهم الوطني اليوم مع اسم العراق كي ينجح ويفوز ويمضي بنصف حلمه الثاني بإسعاد بغداد بقرار دولي جديد.
أما أنتم النشامى لستم ضيوف البصرة، انتم أهلنا وصنو عزّتنا، بوركت الروحية الأصيلة التي نعرفها عنكم وانتم تسجلون سابقة تأريخية ستذكرها الأجيال لكم بعرفان كبير لمشاركتكم رفع الحظر الجزئي، بل الظلم المرئي، والمساهمة في تقديم كرة عربية ممتعة ونظيفة تليق بمكانة فرسان الأردن وتحضيرهم في طريق التصفيات النهائية لكأس أمم آسيا 2019، شكراً لمعاضدة كرتنا الساعية لاحتضان المباريات الدولية بعد سنين طويلة عانت خلالها بتنقل منتخباتنا ولاعبينا بين اصقاع الأرض، وكانت عمّان بيتنا الثاني الوارف بظِلال كرم ملكها وشعبها على معظم الوفود الرياضة العراقية بودٍ منقطع النظير.
والعرفان موصول الى طاقم التحكيم من البحرين الشقيقة بقيادة الدولي علي حسن السماهيجي ومساعديه ابراهيم مبارك سبت وفيصل شبر علوي، لإنجاح كرنفال البصرة بصفّارة عادلة ومقتدرة وشجاعة تؤكد استحقاق الحكم العربي مهمات أكبر في مناسبات دولية آن الأوان لأن ينتزع حقوقه بجدارة واجتهاد.
وما يقال عن التنظيم الفني وجاهزية منشآت المدينة الرياضية في البصرة بمرافقها كاملة، فالأمن نبض الحياة ومن دونه تبقى المدرجات موحشة والكرة تائهة واللاعبون مشتتوا الفكر، إذا ما سوّل حاقد أو طائش لنفسه العبث في أجواء اللقاء، أبداً لن يسمح أي من جمهورنا أن يغمض عينيه عن الطارئين ولا يُخلي المقاعد لهم، يجب أن يكون التعاون سائداً بين رجال الأمن والعناصر المكلّفة بتنظيم المباراة بروحية الفريق الواحد كي يسجّلوا هدف الاطمئنان المعنوي، ويودعوا آخر مشجّع يغادر الملعب بأمان وانشراح.
ولم يبق أمام ناظرينا سوى الأسود، أنها الفرصة المثالية لمصالحة الجماهير، أرموا ورود المونديال خلف ظهوركم لأنها ذبلت، ولا تطِئوا رؤوسكم لخَيَال الهزيمة فلم يعد يطاردكم، اقتفوا آثار عزيمتكم وسيروا بثبات مع الجنرال قاسم، ليس لأنه انقذ الاتحاد من مأزق (خرجية الأجنبي) بل لأنه عراقي العروق وحماسي التطلّع للثأر من نحس الخسارات المتعاقبة ونفض الكسل والدلال، وأملنا كبير بأن البصرة ستكون شاهدةً على عهد جديد يَكسر الحظر ويُصلح المنتخب.
إهداء للصديق انفانتينو
[post-views]
نشر في: 31 مايو, 2017: 03:30 م