اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اختراع عدوّ .. لزوم الانتخابات!

اختراع عدوّ .. لزوم الانتخابات!

نشر في: 31 مايو, 2017: 06:06 م

adnan.h@almadapaper.net

إذن مشكلة العراقيين العويصة وطامة العراق الكبرى هما في الإلحاد.. هكذا تكلّم رئيس التحالف الوطني والمجلس الأعلى الإسلامي، عمار الحكيم، مقتفياً آثار رئيس ائتلاف دولة القانون والأمين العام لحزب الدعوة الإسلامي نوري المالكي، والأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، فضلاً عن الشيخ محمد اليعقوبي، وربّما غيرهم أيضاً ولم آخذ بالي منهم.
دفعة واحدة تأتيك هذه الموجة من الكلام عن الإلحاد بوصفه الخطر الأعظم المحيق بالعراق والعراقيين .. لا داعش ولا فلول نظام صدام ولا القوى الإقليمية والدولية المتصارعة في أرضنا وعلى أبداننا، ولا الطائفية السياسية، ولا تمرّد العشائر على القانون والدولة، ولا الفساد الإداري والمالي، ولا المخدرات التي انتقل بها العراق من حال المعبر إلى حال المُستقرّ زراعةً وصناعةً وتجارةً.
الإلحاد هو الشرّ المستطير الذي يتعيّن أن نقرع الطبول ونشمّر عن السواعد ونُشهر السيوف لمواجهته.
لكن أين هو الإلحاد؟ ومن هم الملحدون؟
شخصيّاً أعرف أنه ما مرّ عام من دون أن يكون في العراق ملحدون ... إنهم موجودون من قبل أن تلدني أمي ... كتب الأدب والتاريخ حافلة بالحكايات والروايات عنهم وبأدبهم أيضاً، شعراً ونثراً.  وفي كل مراحل الدراسة كان بين الزملاء والزميلات ملحدون، من عقائد سياسية مختلفة، يساريةً ويمينيةً ووسطاً، ومن غير ذوي العقائد السياسة كذلك.
وشخصياً أعرف أيضاً أنّ مَنْ أعرف من الملحدين لم يكونوا يدّعون علناً أو سرّاً إلى الإلحاد كما كنّا نحن ذوو العقائد السياسية ندعو إلى عقائدنا ونرغّب فيها. بالنسبة لهم ولنا كان الإلحاد، كما الإيمان، مسألة شخصية وشأناً خاصّاً.
الأهم أنه لم يُسجل يوماً ما على الملحدين أنهم قد انتهكوا حرمة جامع أو حسينية أو كنيسة أو كنيس أو مندي (للصابئة) أو معبد إيزيدي، أو تجاوزوا على حرية مؤمن وهو يؤدي فروضه الدينية ويمارس طقوسه التعبدية.
الأكثر أهمية أنه على مدى الأربع عشرة سنة الماضية لم يحصل أن تقدّم مُلحد واحد ليفجّر نفسه أو سيارة ملغومة أو عبوة ناسفة في أي مكان، أو يحمل السلاح ليقتل إنساناً على الهوية أو على غير الهوية، أو يصادر مُلكاً لغيره.
على المستوى نفسه من الأهمية أن الملحدين تميّزوا دائماً بأنهم الأكثر تمسّكاً بالقانون والأكثر انحيازاً للدولة من المتشددين الدينيين، وبخاصة الإسلاموسياسيين.
ما المشكلة مع الملحدين العراقيين إذن؟
بكلّ الصراحة، إنّ مشكلة السادة الذين يخترعون لنا الآن بالذات، مع بدء العدّ العكسي للانتخابات، عدواً وهمياً اسمه الإلحاد، هي أن بعض الملحدين، كما الكثير من المؤمنين، اختاروا أن يكونوا جزءاً من جمهور الحملة الإعلامية والسياسية على الفساد والفاسدين في الدولة والمجتمع والدعوة الى الدولة المدنية. والمشكلة أن أغلب الفاسدين هم من أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة.
إذا صار الإلحاد ظاهرة كبيرة ومشكلة خطيرة في العراق تستدعي رفع الصوت عالياً، فإنّما لأنّ هذه الأحزاب (الحاكمة) قد أساءت، وهي تمارس السلطة الفاسدة، إلى الدين الذي تزعم أنها ممثّلته والقيّمة على شؤونه.. الفساد في الدين يدفع إلى الإلحاد، بالتأكيد.
انظروا حواليْكم وراجعوا أنفسكم. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. ناظر لطيف

    جميل، لكن نسي الاستاذ عدنان المليشيات والتي اوغلت قتلا وخطفا ونهبا للأموال العامة والخاصة من بعد الاحتلال مباشرة والتي هي سبب 90 بالمئة من دمار العراق كدولة والتي لولاها لما وجدت القاعدة و داعش واخواتها عصابات القتل والتدمير ففي وقت مبكر بدات حملة الاغتيا

  2. بغداد

    استاذ عدنان حسين شر البلية ما يضحك شوفو مين حكى عمار الحكيم مغتصب بيت طارق عزيز زين شلون لابس عمامة وأيباخ وكاشخ بيهة ويحتل بيت بالغصب كيف تصلي في البيت المغتصب يا عموري يا كتكوت الحوزة القمية يا ابو الألحاد ؟ ترة هسة اسطوانتهم غيروها جتيهم أوامر جديدة با

  3. محمد سعيد

    عند افلاس القوي الإسلامية المسيطرة علي زمام امور البلاد والمتحكمة برقاب العباد , بدأت الان وبعد اقلاسها العارم في ابتداع أسطوانة جديده وهي زج المجتمع بمتاهات التكفير والالحاد... وهو امر لا يمكن لسياسي مثل الحكيم او المالكي اطلاقه علي علاته

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram