TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > فاخر محمد: ممارستي للتجريد نِتاجُ وعي

فاخر محمد: ممارستي للتجريد نِتاجُ وعي

نشر في: 3 يونيو, 2017: 12:01 ص

قدّم الفنان التشكيلي العراقي د.فاخر محمد منجزاً فنياً/ تشكيلياً امتد لعقود من السنوات، مارس خلالها تجارب عديدة ، منذ اشتغالاته الأولى في الفن الواقعي وصولاً الى الأعمال الحديثة التي أبانت تجربته البارزة في الفن التجريدي الحديث، من خلالها اشتغل على تق

قدّم الفنان التشكيلي العراقي د.فاخر محمد منجزاً فنياً/ تشكيلياً امتد لعقود من السنوات، مارس خلالها تجارب عديدة ، منذ اشتغالاته الأولى في الفن الواقعي وصولاً الى الأعمال الحديثة التي أبانت تجربته البارزة في الفن التجريدي الحديث، من خلالها اشتغل على تقديم معارض عديدة داخل وخارج البلد، بالإضافة إلى مقتنياته التي توزعت في العديد من بلدان العالم، إننا إزاء ذلك نقدم تجربة تشكيلية لها حضورها الفاعل والمؤثر، حتى إن العديد من الباحثين في مجال علم الجمال الفني أشاروا إلى أهمية ما قدمه، وهذا ما يجعله مادة شهية للتناول النقدي، فهو منتج ومتواصل في ميدانه التشكيلي، استوقفناه في مرسمه الشخصي وأجرينا معه هذا الحوار:

* في ظل الانفتاح العام الذي يشهده العالم في كافة الجوانب الفنية، كيف يمكن للفنان التشكيلي أن يجعل من فنه خطاباً شاملاً ومؤثراً .. ؟
- العملية الإبداعية من وجهة نظري والرسم بالذات تقوم على انجاز نص بصري يطرح الرؤية الفاحصة إزاء ما ينطلق منه الفنان (من ذاته) أولاً وإزاء العالم الذي يحيط به ثانياً، فإذا كان مثل هذين العاملين متوفرين، سيكون بلا شك هناك طرح معاصر وحديث، لأننا إزاء رؤية شمولية وليست رؤية ضيقة، اعتقد بأن التأثير الجمالي له دلالات فاعلة في الواقع  ، وهذا الموضوع ليس جديداً، فاللّوحة والقصيدة والرواية كلّها تختلف عن القنبلة والأسلحة الأخرى، وإذا كان معيار التأثير واضح في ذلك، فإن لصوت القنبلة تأثير أسرع، الذي اقصده إن الجمال والثقافة وكافة مجالات المعرفة ، تأثيرها على المجتمع بطيء إلاّ انه فعّال ومهم ودائم، ويستمر .. لكنه يحتاج إلى دعم مؤسساتي، فالمبدع الفنان كونه جزءاً من هذا العالم، جلّ ما يستطيع أن يقدمه هو فتح رؤيته للأشياء في فضاءات تبقى للمستقبل والتاريخ .
* نلمس من خلال ما يقدمه الإبداع البصري، بأن الفنون البصرية سريعة الوصول إلى الآخر، فهل يمكن للفن التشكيلي أن يأخذ المنحى هذا؟
- بلا شك، بل من الممكن جداً أن يكون هناك دور مهم وفاعل للتربية البصرية في مجتمعنا ، إذ تلعب هذه الفنون الدور الفاعل في تكريس الذائقة الفنية اللائقة إذا ما صيغت جيداً، وهذا الدور يجب أن تقوم به الدولة بمؤسساتها أو أن تخطط لفعل منهاج مناسب لتنشيط فعل الرؤية، كما يحصل ذلك في اغلب بلدان أوروبا، فالبنايات وكل شيء يتعلق بمزايا المدينة الحديثة إنما يشكل نوعاً من الخطاب الجمالي للإنسان المواطن، بينما نحن في بلدنا العراق يعتقد أصحاب الشأن بأن البنايات وما يدور حولها من وسائل إنشاء جمالي، إنما هي مواد وضعت للبناء فقط، ذلك يعطي لنا قناعة بأن الدولة ليس لها شأن في ذلك، وهذه محنتنا، بينما كل دول العالم تعتبرها خطاباً جمالياً مؤثراً ، فنهر السين في باريس مثلاً عندما يعبر جسده أي إنسان يشاهد وجود ستة منحوتات، بعضها يرجع إلى القرن السابع عشر، الذي أريد قوله إن التربية الجمالية لا ترتبط بالأعمال الفنية فحسب، بل هي منظومة جمالية كاملة تسهم في ترتيب الواقع الحياتي للمدينة وللفرد معاً.
* في رأي بعض النقاد، انك تمتلك تجربة لونية خاصة، ما رأيك ؟
- الموضوع ليس في اللّون فحسب، إنما أجد تجربتي أنها تنتمي إلى روحية الفن، أو بمعنى آخر إلى روحية التشكيل باعتباره مجموعة قوى تسهم بمنحي السعادات أو اللّذائذ، أنا اعلم إن خفايا هذا الموضوع من خلال ملامستي للسطح التصويري، إذ أكون كمن يحقق صلاته مع العالم والكون، في الفن يتم نوع من التوصيلات التي تأخذ بطبيعتها ككائنات تتوالد فيما بينها، إذ المتعة الكبيرة للفنان هي الاكتشافات التي تحقق آنياً، ففي الفن هناك ولادات تحقق لي وجودي مع الآخر / المتلقي، الآخر الحقيقي، فاليوم الذي نعيشه فيه نسبة كبيرة من الوقت للبحث عن الذات التي تمسك بلحظة معينة لاكتشاف شيء جديد من التجربة، وهذا يعني إن الإنسان وقته ضائع في البحث عن شيء جديد، خصوصاً في الفن، ففي الفن يتحقق الوجود الشخصي للفنان ذاته، للكشف عن الحقيقة كما يقول (هيدغر)، فالعناصر البنائية كاللّون والخط والفضاء والخامات الأخرى، كلّها عناصر فاعلة وأساسية، تنمو وتتطور من خلال الخبرة الروحية والخبرة المعرفية والخبرة التقنية، بمعنى استخدام الخامات مهمة جداً في موضوعة الإبداع، والّلون بلا شك وطريقة استخدامه يتطور مع تطور العمل الفني للرسام .
* منذ فترة ليست بالقصيرة وأنت تشتغل على لغة التجريد في اللّوحة، رغم نخبوية هذا الأسلوب، هل لأنك تمتلك تجربة واسعة تكرست في إقامتك العديد من المعارض الشخصية في ذلك ؟
- ما يخص التجريد ونخبويته يكاد يكون عندي مفهوم ضبابي، أنا بشكل وبآخر لا ارسم للنخبة وفي الوقت نفسه لوحاتي لا يستوعبها السذج من الناس، أنا لا أصعب الحال على المتذوق، أنا في الرسم أقدم حقيقتي ورؤيتي وكيفية تقديم العناصر التي اشتغلتها بعيدة عن روح السلعة أو التجارة أو السوق، عندما ارسم اعمالاً تجريدية، فهذا يعطي نتاج وعي للشكل والطريقة الأدائية فيه، وإذا ما دخلنا في صلب موضوعة التجريد فنحن امة تجريد عن طريقة اللّغة العربية ذاتها، وتجريد العقيدة الإسلامية، فمن الخطأ أن يعتقد أحد، بأن هناك أشياء في حياتنا وهي حولنا غير مجردة ، فالّلامرئي يسكننا دائماً وهذا يعني إن القوى الماورائية وحتى الباطنية تحتاج إلى أشارات مرموزة لفتحها، إذ من الخطأ أن نعالج الأشياء ونتناولها بظواهرها فقط .
* هل يعني إن الفنون الواقعية لا حاجة لها حالياً ؟
- هذه الفنون أصبح لها منافس كبير فبعد أن سادت في أوربا خلال القرون التالية الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، جاءت التكنولوجيا في منتصف القرن التاسع عشر وتحديداً (الكاميرا) و (الكهرباء) و (السينما) ولاحقاً (التلفاز) والوسائل الإعلامية الأخرى لتضع فن الرسم الواقعي على المحك، من هنا يجب أن يبدأ الفنان التشكيلي عن إجابته للسؤال المتمحور عن مدى جدوة الأعمال الواقعية وعلاقتها بكل هذه المتغيرات، بمعنى إن الفن التشكيلي الآن يجب أن يبحث عن وسائل أخرى ليعبر بها عن شخصيته وموقفه من العالم.
* إذا كان الفنان نفسه يقوم بنشر فنه إلى ابعد نقطة في العالم، فأين المؤسسة من ذلك، وكيف يمكن للمبدع أن يشعر باهتمامه من قبل الدولة ؟
- الأمر يحتاج إلى اختيار عناصر ثقافية وأكاديمية لدراسة الموضوع هذا، وتفعيل ما يمكن تفعيله من خلال وضع برنامج تعتمده المؤسسة الثقافية كأن تكون هناك مدينة ثقافية في كل محافظة، أو مرافق ترفيهية تنصب فب صميم العملية الابداعية أو فتح الاستثمار للآثار في البلد، خصوصاً ونحن أمة حضارة معروفة، فهل يعقل بأن بلداً مثل العراق له عمقه الحضاري والثقافي لا يوجد فيه متحف في كل مدينة ، هناك متحف واحد في العاصمة بغداد وحطمت وسرقت محتوياته بنسبة 90%، في حين لا ينظر الرجل السياسي إلى المسألة بجدية بقدر ما يشعر به الفنان المثقف ذاته، فهناك أموال طائلة جداً تصرف لمشاريع أدواتها مواد بناء وملحقاتها، بينما لا يصرف لميدان الثقافة ولو 1% ، فتأهيل الإنسان روحياً وثقافياً ومعرفياً لا يأتي من خلال الخدمات هذه فحسب، بل من خلال فتح منافذ الحياة الثقافية بكل جرأة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram