من المؤكد ولا غبار عليه، أن الرسالة الأولى الى العالم الرياضي من حولنا بعد قرار رفع الحظر جزئياً عن ملاعبنا في البصرة وكربلاء وأربيل، قد وصلت إيجابية بجميع القياسات والطروحات بعد مباراة العراق والأردن الناجحة أمنياً وجماهيرياً من ناحية الإعداد وتكييف الظروف، ليرى المتابعون أن البصرة وأربيل وكربلاء، جاهزة بجماهيرها وعدّتها لإنجاح أية مناسبة رياضية وليست كرة القدم وحدها.
لكن مع ذلك لا ينبغي أن نغفل أو نتجاهل بأن مباراة العراق والأردن في ملعب البصرة الدولي، قد نالت نصيباً من الدعم الحكومي الرسمي على أعلى المستويات يضاف لها الجهد الخاص بالحكومات المحلية والمؤسسات غير الرسمية مع إسناد دولي واضح لأجل دفع الاختبار الأول الى النجاح بما لا يستطيع أيّ منصف أن ينكر ذلك، وهي جهود مشكورة أعادت لجماهيرنا البسمة الغائبة منذ سنوات ومدّدت أحلامنا الى أبعد من ذلك بكثير بما فيها السعي لاستقبال أحد المنتخبات العالمية الكبيرة من أوربا وآسيا وأمريكا الجنوبية، ويقيناً أن التحفّظات والمخاوف قد تبدّدت هي الأخرى الى حدود بعيدة بعد الاحتفالية الكبيرة وتواجد 60 الف متفرج في ملعب البصرة الدولي، ولكن ومع كل أطر النجاح هناك سؤال لابد أن يراود الجميع وبصورة خاصة مَن تعاونوا داخلياً لأجل هذه المباراة من اتحاد كرة ولجنة أولمبية ووزارة: ترى هل كل مباراة وديّة أخرى ستحتاج هذا الجهد الهائل لتنظيمها والإعداد لها، وهل سيكون مناسباً أن نُجنِّد هذه الأعداد الكبيرة ونستنفر جهد الدولة لنقل الجمهور وقيادة العمليات العسكرية في المناطق لتأمين الملعب والطريق ووضع خطة أمنية محكمة وندعو كل هذه الأعداد من الشخصيات الرسمية للتواجد في ملاعبنا لإكمال حلقة النجاح ؟!
يقينا أن الاجابة ستكون بالنفي، فليس من المعقول أن تتكفل الدولة هذا الجهد الهائل مع كل مباراة خاصة واننا مقبلون بالتأكيد على ما هو أكبر مع توارد الأنباء بنية فرق أخرى اللعب في كربلاء والبصرة، وإذا ما أردنا أن نصل برسالتنا الى العالم اليوم تحت ظرف الاختبار، فلا يمكن أن نبقى تحت ضغط الامتحان الدائم والمطالبة بالنجاح بجهد جهيد لا يتكفل كل هذا العناء في دول العالم من حولنا .
ولما تقدّم ونحن نرنو ببصرنا نحو تطبيع الأمور وعودة العراق الى وضعه الطبيعي في الضيافة، لابد لنا أن نواكب ما يحصل من تطوّر في علم الإدارة والتنظيم ولا ننكر هنا الجهد الساند بجميع ألوانه، ولكن مع إثبات جمهورنا لحالات حضارية مشرفة يجب أن نوكل أمر الإدارة الى من هو مختص وناجح بدون تشنّج ومخاوف لا أساس لها أبداً كما يجب أن نفكر ملياً بالمردود الاستثماري للملاعب والمنشآت الرياضية التي لابد أن تكون مصدراً مهمّاً للدخل من العمل أو ما ندعوه بالاقتصاد الرياضي الذي نجحت وتطوّرت فيه العديد من الدول، ربما كانت ظروفها وإمكاناتها أقل مما لدى العراق الكثير، وهذا هو فحوى الرسالة المقبلة التي نريد أن يدركها الغريب قبل القريب.