TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مدفع إفطار الملحدين

مدفع إفطار الملحدين

نشر في: 2 يونيو, 2017: 09:01 م

اسدال الستار على مسلسل التفجيرات في المدن العراقية ومنها العاصمة بغداد ،  اصبح حلما بعيد المنال ، فيما اكتفت الجهات السياسية بإعلان  التنديد والاستنكار ، واحيانا يزور زعيم  الحزب احد المستشفيات  للأعراب عن تمنياته بالشفاء العاجل للجرحى ،   والرحمة لأرواح للشهداء . أما الجهات المسؤولة  عن إدارة الملف الأمني   فتلجأ الى تشديد الإجراءات بقطع المزيد من الشوارع  مع اصدار أوامر الى نقاط التفتيش  باعتماد اليقظة والحذر . هذا الأسلوب هو السائد في التعاطي مع الخروقات الأمنية المتكررة .
 حوادث التفجير المتكررة توفر أجواء مناسبة لتبادل الاتهامات بين الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة فتلقي بظلالها على  الأوساط الاجتماعية . ائتلاف دولة القانون  وعلى حد قول احد أعضائه في البرلمان  طالب  بحل قيادة عمليات بغداد ، داعيا في الوقت نفسه الى  الاعتماد على الحشد الشعبي لادارة الملف الأمني في العاصمة ، النائب صاحب التصريح تناسى حقيقة ان زعيم ائتلافه رئيس الحكومة السابقة  في ولايته الأولى  هو نفسه شكل تلك القيادة ومنحها صلاحيات واسعة تتقاطع مع جهات امنية أخرى .
في ظل العجز  الرسمي الواضح   عن  تنفيذ عمليات استباقية  تمنع الإرهابيين من تنفيذ  هجمات تستهدف  المدنيين وممتلكاتهم  ، يبرز سؤال بحجم المحنة العراقية ، ما العمل ؟؟ تردده الأوساط الشعبية .  الناشطون المدنيون يستخدمون  مواقع التواصل الاجتماعي لتفريغ شحنات انفعالية سرعان ما تتبدد، لأن صاحب القرار  هو الآخر لا يمتلك حل مشكلة مستعصية ،  اختار الصمت امام صرخات الاحتجاج ،  فضل الانزواء في منطقته الخضراء  المحصنة بالإسوار العالية ،  تاركا العراقيين  يستسلمون لقدرهم ،  لانهم فضلوا الإقامة  الاجبارية في الهامش .
الانتماء الى الهامش  سمة غالبة لمعظم العراقيين ،  اصبحت بفضل النخب السياسية  المشاركة في الحكومات  المتعاقبة "هوية وطنية"   لملايين العراقيين ، تبددت  احلامهم  في الحصول على موقع في  المتن  باقامة نظام ديمقراطي ، يعزز دولة المواطنة ، يلغي الاصطفافات  المذهبية والقومية   يحقق التنمية ويحترم حقوق الانسان . المكوث في الهامش حقيقة تجسدت في العراق  منذ عشرات السنين ،  بفعل عوامل من ابرزها الصراع على السلطة ، وهيمنة الحزب  الواحد الأحد  على مقدرات البلاد والعباد ،   وانحسار دور الطبقة الوسطى ، فضلا عن عسكرة المجتمع  لضرورات تتعلق  بخوض حروب  خرج منها العراق  و بذمته ديون متراكمة  بمليارات الدولارات  لصالح دول لطالما أعلنت دعمها  لحارس البوابة الشرقية .
 اضطراب الأوضاع الأمنية  وسع الرقعة الجغرافية للهامش المهمل  .  بعثة  الأمم المتحدة في العراق  كعادتها مع  بداية كل شهر،  تصدر تقريرا تكشف فيه اعداد  ضحايا العنف  ، تمر الأرقام  مرور الكرام ، لا تستوقف أحدا  او جهة تحفز المهمشين  للنهوض من سباتهم للبحث عن إجابة لسؤال  ما العمل؟ ثم فرض الصوت الشعبي  لاسدال الستار على المشهد الأخير من التراجيديا العراقية .
الحكومة واطرافها السياسية  صانعة الهامش  العراقي في الزمن الديمقراطي  ، رفعت شعار بالمال ولا بالعيال في التعاطي مع الخروقات الأمنية ، ونحن  الآن بانتظار موعد اطلاق مدفع إفطار  الملحدين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram