اسدال الستار على مسلسل التفجيرات في المدن العراقية ومنها العاصمة بغداد ، اصبح حلما بعيد المنال ، فيما اكتفت الجهات السياسية بإعلان التنديد والاستنكار ، واحيانا يزور زعيم الحزب احد المستشفيات للأعراب عن تمنياته بالشفاء العاجل للجرحى ، والرحمة لأرواح للشهداء . أما الجهات المسؤولة عن إدارة الملف الأمني فتلجأ الى تشديد الإجراءات بقطع المزيد من الشوارع مع اصدار أوامر الى نقاط التفتيش باعتماد اليقظة والحذر . هذا الأسلوب هو السائد في التعاطي مع الخروقات الأمنية المتكررة .
حوادث التفجير المتكررة توفر أجواء مناسبة لتبادل الاتهامات بين الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة فتلقي بظلالها على الأوساط الاجتماعية . ائتلاف دولة القانون وعلى حد قول احد أعضائه في البرلمان طالب بحل قيادة عمليات بغداد ، داعيا في الوقت نفسه الى الاعتماد على الحشد الشعبي لادارة الملف الأمني في العاصمة ، النائب صاحب التصريح تناسى حقيقة ان زعيم ائتلافه رئيس الحكومة السابقة في ولايته الأولى هو نفسه شكل تلك القيادة ومنحها صلاحيات واسعة تتقاطع مع جهات امنية أخرى .
في ظل العجز الرسمي الواضح عن تنفيذ عمليات استباقية تمنع الإرهابيين من تنفيذ هجمات تستهدف المدنيين وممتلكاتهم ، يبرز سؤال بحجم المحنة العراقية ، ما العمل ؟؟ تردده الأوساط الشعبية . الناشطون المدنيون يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لتفريغ شحنات انفعالية سرعان ما تتبدد، لأن صاحب القرار هو الآخر لا يمتلك حل مشكلة مستعصية ، اختار الصمت امام صرخات الاحتجاج ، فضل الانزواء في منطقته الخضراء المحصنة بالإسوار العالية ، تاركا العراقيين يستسلمون لقدرهم ، لانهم فضلوا الإقامة الاجبارية في الهامش .
الانتماء الى الهامش سمة غالبة لمعظم العراقيين ، اصبحت بفضل النخب السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة "هوية وطنية" لملايين العراقيين ، تبددت احلامهم في الحصول على موقع في المتن باقامة نظام ديمقراطي ، يعزز دولة المواطنة ، يلغي الاصطفافات المذهبية والقومية يحقق التنمية ويحترم حقوق الانسان . المكوث في الهامش حقيقة تجسدت في العراق منذ عشرات السنين ، بفعل عوامل من ابرزها الصراع على السلطة ، وهيمنة الحزب الواحد الأحد على مقدرات البلاد والعباد ، وانحسار دور الطبقة الوسطى ، فضلا عن عسكرة المجتمع لضرورات تتعلق بخوض حروب خرج منها العراق و بذمته ديون متراكمة بمليارات الدولارات لصالح دول لطالما أعلنت دعمها لحارس البوابة الشرقية .
اضطراب الأوضاع الأمنية وسع الرقعة الجغرافية للهامش المهمل . بعثة الأمم المتحدة في العراق كعادتها مع بداية كل شهر، تصدر تقريرا تكشف فيه اعداد ضحايا العنف ، تمر الأرقام مرور الكرام ، لا تستوقف أحدا او جهة تحفز المهمشين للنهوض من سباتهم للبحث عن إجابة لسؤال ما العمل؟ ثم فرض الصوت الشعبي لاسدال الستار على المشهد الأخير من التراجيديا العراقية .
الحكومة واطرافها السياسية صانعة الهامش العراقي في الزمن الديمقراطي ، رفعت شعار بالمال ولا بالعيال في التعاطي مع الخروقات الأمنية ، ونحن الآن بانتظار موعد اطلاق مدفع إفطار الملحدين .
مدفع إفطار الملحدين
[post-views]
نشر في: 2 يونيو, 2017: 09:01 م