كشف البنك المركزي مؤخراً عن تراجع في عمليات غسل الأموال التي تفشّت على نحو خطير في السنوات الأخيرة، مبيناً أن، من أهم الأسباب التي أدت الى ذلك، تدريب الكوادر المصرفية وسحب رخص عدد من شركات الصرافة، والتعاون الدولي للحدّ من غسل الأموال، فيما ي
كشف البنك المركزي مؤخراً عن تراجع في عمليات غسل الأموال التي تفشّت على نحو خطير في السنوات الأخيرة، مبيناً أن، من أهم الأسباب التي أدت الى ذلك، تدريب الكوادر المصرفية وسحب رخص عدد من شركات الصرافة، والتعاون الدولي للحدّ من غسل الأموال، فيما يرى خبراء في الشأن الاقتصادي، أن الاتفاقيات التي أبرمها العراق مع المنظمات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين، اسهمت بشكل فعّال في الحدّ من عمليات غسل الاموال، وإن تشريع قانون غسل الأموال واجراءات البنك المركزي المشددة، ومنها ما يتعلق بنافذة بيع العملة، كانت عوامل مضافة أدت الى السيطرة على عمليات غسل الأموال .
الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، لفت في حديث لـ(المدى)، أن كل الاجراءات المتخذة أدت الى التراجع وليس القضاء على ظاهرة غسل الأموال، كما ان الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي بإغلاق اكثر من 100 شركة لتعاونها في تهريب الأموال والارهاب وعمليات غسل الأموال، حققت ايجابيات كثيرة جداً على صعيد تراجع هذه العمليات، وقال: كما أن الاجراءات المشددة على نافذة بيع العملة التي فرضها البنك المركزي كانت كثيرة جداً وقد اسهمت بتقليل عملية غسل الأموال، ما أدى الى السيطرة على سعر العملة في السوق العراقية، حيث انخفض سعر الدولار الامريكي من 1300 الى 1200 دينار، اضافة الى الإجراءات المشدّدة فيما يتعلق بعملية مراقبة الامتثال والتدقيق الداخلي ورؤوس الأموال والتشديد على ضرورة اتباع كل التعليمات والانظمة التي أصدرها البنك المركزي وجعلها أحد المعايير الأساسية لدخول نافذة بيع العملة كلها أدت الى الضبط في السوق بشكل أوّلي لابأس به.ويتابع الصوري قائلاً: من جهة أخرى، فإن التعاون الذي حصل بين البنك المركزي والجهات الحكومية الأخرى والمؤسسات الدولية وخصوصاً صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كلها ادت الى هذه النتيجة، وهناك اتفاقيات الآن موجودة لمتابعة حركة رأس المال بالاتفاق مع جهات دولية مختلفة، خاصة وأن بريطانيا بالفترة الاخيرة، أبدت تعاونها فيما يتعلق بملاحقة عملية غسل الأموال في بريطانيا نفسها، مستدركاً: أن عملية غسل الأموال لا يمكن القضاء عليها حتّى في الدول الكبرى، لكن يمكن السيطرة عليها بتعاون جميع الجهات المحلية والدولية، ونحن في العراق لا توجد لدينا حتى اليوم، احصائيات دقيقة في حجم مبالغ عمليات غسل الأموال.
ويرى الخبير الاقتصادي باسم انطوان، في حديث لـ(المدى)، أن قانون غسل الاموال الذي صدر قبل فترة وتفعيل دور دائرة الرقابة على التحويل الخارجي في البنك المركزي ومطابقة القوائم الواردة والتشديد الكمركي ورقابة مكاتب الصيرفة، قد حجمت من الدور في عمليات غسل الأموال واوقفت جزءاً منها، مؤكداً أنه، اذا ما استمرت الرقابة بهذا الشكل مع التنسيق الدولي مع الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي ودول الجوار، سيكون هناك تحجيم كبير لهذه العملية بالعراق.
انطوان يواصل مبيناً: أن عمليات غسل الاموال والتزوير بشكل عام في العراق، لم تكن بهذه الصورة كون الرقابة كان قائمة لكنها ضعيفة، والخشية من أن عمليات غسل الاموال تصبّ في صالح الارهاب وتمويل العمليات الارهابية، لذلك اشتدت الرقابة مؤخراً لمنع هذه العملية في العراق، مبيناً أن، عمليات غسل الاموال متعددة، منها ما يكون عن طريق ادخال المخدرات وإدخال بضائع وسلع بأسعار غير حقيقية لها، والحصول على اموال من دخول غير نظامية تشمل عمليات الدعارة والتهريب والمخدرات والكسب غير المشروع من عمليات بيع السلاح، مع بيع الأعضاء والمتاجرة بالجنس والنساء وغيرها، كل هذه الدخول غير النظامية التي لا تخضع الى ضريبة الدخل تعد انواع عمليات غسل الأموال.وكان مستشار البنك المركزي وليد عيدي، قد بيّن في تصريحات صحفية، أن "البنك المركزي العراقي يراقب بشكل مكثّف الاجراءات الاحترازية، بشأن ملف مكافحة غسل الاموال، وتمويل الارهاب باعتباره آفة يجب مكافحتها، وهناك تعاون دولي واسع بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب على مستوى العراق والعالم، مضيفاً: أن "طبيعة النظام العراقي (نقدي)، لذا نجد أن حجم غسل الاموال قليل قياساً بدول اخرى، خاصة وأن البنك المركزي وبالتعاون مع الجهات الساندة، درّب موظفي القطاع المصرفي على مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب، كون قطاع المصارف هو المستهدف الاكبر من هذه العمليات". مشيراً في ختام حديثه، الى أن، البنك المركزي سحب رخص شركات الصرافة الواقعة في مناطق الصراع، خشية من قيامها بعمليات تمويل للإرهابيين، وهو بدوره قطع الطريق أمام هؤلاء.
ويعد غسل الأموال من المواضيع الساخنة على مستوى العالم، وتعمل الحكومات والجهات الأمنية والمؤسسات المالية، والمصرفية بشكل خاص، على مكافحته، لما يشكله من تهديد جدي للسلام والأمن العالمي، وتُعرف غسل الاموال أو تبييض الأموال اقتصادياً بأنها، "تحويل الأموال الناتجة عن ممارسة أنشطة غير شرعية إلى أموال تتمتع بمظهر قانوني سليم خصوصاً من حيث مصادر، فيما تعرف قانونياً بأنها، "قبول الودائع أو الأموال المُستمدة من عمل غير مشروع أو إجرامي، وإخفاء مصدرها، أو التستر عليها، أو مساعدة أي شخص يُعد فاعلاً أصليا أو شريكاً في ذلك العمل على الإفلات من النتائج القانونية لفعله.