عامر القيسي اكثر من استطلاع في مختلف وسائل الاعلام حول الحملات الدعائية للمرشحين كشفت للعموم حقيقة العلاقة المهزوزة بين المواطن والسياسي الحكومي والبرلماني على حد سواء، والسبب لايحتاج الى عجب فقد شبع المواطن كلاما معسولا عن منجزات من صنع الخيال أو الاوهام أو الاستهلاك . وهو يخشى في الفورمة الساخنة لتقديم عروض مغرية للناخب ان يلدغ من الحجر نفسه مرتين فيهرول وراء الكلام ليكتشف انه سراب في سراب!
جاري ابو محمد سألني مساعدته في من ينتخب فقلت له دون تردد انتخب قائمة اتحاد الشعب، تأفف الرجل وقال: هذولة جماعتك الشيوعيين. قلت له طيب انتخب قائمة الآئتلاف فتأفف بعمق من صدره وقال "استاذ موكلبنا خلص" تواصلت معه وقلت: يا ابو محمد انتخب التحالف الكردستاني، حدق بوجهي وقال ساخطا "يمعود هذولة ملتهين بنفسهم" . قلت مع نفسي "اللهم طولك ياروح" وطرحت عليه اختيار قائمة دولة القانون، عدل ابو محمد من جلسته وقال "صدك جذب كهرباء ما شفنا من عدهم ولا حصه مال اوادم" فقلت له بعد ان نفد صبري: ابو محمد الله يخليك انتخب القائمة العراقية وخلصني، زم شفتيه وقلب مسبحته يمينا ويسارا وقال" هذوله اربعة وعشرين ساعة زعلانين" ولكي لا اطيل عليك القصة عزيزي القارئ، فقد بقيت اطرح الخيارات تلو الخيارات على ابو محمد وهو يبرر لي رفضه من خياراتي، ولا اخفيكم سرا ان كل "رفوضاته" كانت مقنعة بالنسبة لي الى الحد الذي شككني بالخيارات التي في رأسي باعتباري مواطنا قرر الاشتراك في الانتخابات والتصويت رغم المخاوف والتهديدات. المحصلة ايها السادة اني وجدت نفسي امام مواطن عادي يمتلك حسا نقديا قويا وصحيحا في الوقت نفسه، وهي صفة نادرة حتى في السجالات بين سياسيينا الكرام من على شاشات الفضائيات. وللعلم فان ابو محمد رجل لايقرأ ولا يكتب لكنه مهووس بمتابعة الاحداث السياسية وما زال من جيل "كال ابو لندن" و"كال ابو اسرائيل" تعبيرا عن عدم ثقة المواطن بالاعلام العربي الذي كان يتحدث عن انتصارات تأريخية في الوقت الذي كانت فيه عواصم عربية مهددة بالسقوط.الاستطلاعات وحواري المتعب مع جاري ابو محمد منحني بعض الثقة من ان لدينا مواطنا ربما سيجيد الاختيار هذه المرة ولن ينخدع لا بالشعارات ولا بالوعود التي يشم منها رائحة الخديعة والمزايدات بمختلف اشكالها والوانها، وابو محمد ليس فردا، انه ظاهرة عراقية على ما اظن، رغم ما يعتقده البعض من اننا شعب بلا ظواهر! ولست حقيقة مفرط التفاؤل في قراءة مثل هذه الظواهر لكنني اعتبرها مؤشرات حقيقية بل هي قاعدة لتشكل وعي آخر لايذهب وراء غريزة القطيع، بل يذهب الى اختيارات شخصية حتى وان عزفت على اوتار مختلفة! قد يزعل جاري العزيز ابو محمد لانه في كل مرّة اذكره كمثال كما يقول لي " يمعود مو سويتني فرجة لامة محمد" ولكي اخفف من زعله اقول له "ابو لندن كال بعض الاحزاب تشتري الاصوات بالبطانيات وحلفان اليمين" والفهيم يفهم!
انتخبوا وغيّروا .. كـــلام الليـــل ...
نشر في: 20 فبراير, 2010: 06:41 م