في أحد قواطع الكرخ ، تم القبض على عصابة من الاحداث بتهمة سرقة أحد المحلات ، وبعد الحصول على اعترافاتهم تبين انهم ارتكبوا عدة سرقات كما قاموا بعدة عمليات خطف أدت احداها الى قتل المخطوف بعد أن تعرف على أصواتهم فهم لايسرقون او يخطفون إلا (الاقربين) من الجيران والاصدقاء والاقارب ، ليس عملا بمبدأ (الاقربون أولى بالمعروف ) بل لقلة خبرتهم التي جعلتهم يختارون من يعرفون جيدا امكانياتهم المادية ، وقلة خبرتهم هي ذاتها التي أوقعتهم في ايدي القوات الأمنية ببساطة ، ولكن بعد أن تحولوا من أحداث الى مجرمين لهم سوابق ولامستقبل مشرق لهم اذ تم ايداعهم في دور الأحداث .. وخلال التحقيق معهم ، كانت الاسباب التي تذرعوا بها هي الفقر وافتقاد الكيان الأسري واسباب أخرى يعود اغلبها الى الظروف العامة التي أحاقت بالبلد فنتج عنها العديد من الايتام والمعوزين والأسر المفككة ..
واذا كان الفقرسببا اول لجنوح الحدث وتمرده خاصة في وجود أزمات البطالة والبحث عن سكن فضلا عن التفكك الأسري وعدم شعور الحدث بانتمائه لأسرة مايسهل انزلاقه في عالم الانحراف فلابد ان نؤكد على دور الحروب المتوالية التي مرت على العراق وأدت الى اضرار كبيرة على الطفولة أشار اليها تقرير اعده فريق من القانونيين والاختصاصيين في الصحة العامة في جامعة هارفارد عام 1991 اتضح فيه ان مليون طفل يعانون من الألم والجوع في العراق ماأدى الى التأثير على سلامتهم الفكرية وأحدث خللا في النسيج الاجتماعي قاد احيانا الى سلوك هؤلاء الاطفال لتصرفات شاذة ومنحرفة ، واستمر الحال طوال سنوات الالفية الثانية فمازال الاطفال حتى هذه اللحظة من أبرز ضحايا القتل والارهاب والصراعات السياسية والاجتماعية في العراق –حسب تقرير اعدته منظمة اليونسيف للطفولة مؤخرا -...
ولايشترط بجنوح الأحداث مخالفة القوانين بل يتعلق احيانا بمخالفة الاعراف والتقاليد الاجتماعية والتي تقع ايضا تحت طائلة القانون ..واذا ماافترضنا ان مخالفة تلك الأعراف والتقاليد الاجتماعية تلد احيانا من رحم التفكك الاسري وانخفاض المستوى المعيشي والخروج الى ساحات العمل ومرافقة اصدقاء السوء فأننا بذلك نشير الى اهمية دور الأهل في السيطرة على سلوك الحدث من خلال مراقبته ومتابعته ورعايته ، وان غاب دور الأسرة فلابد ان تقوم الدولة بدورها لأنتشاله من الانحراف والضياع ...
لن يكفي في هذه الحالة ان تقوم دور الأحداث بتأهيلهم ليكونوا نافعين في المجتمع بعد مغادرتهم لها بل الأهم من ذلك ان تجنبهم الدولة الانحراف بتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم فالوقاية كما نعلم خير من العلاج ...